سلطان بن سلمان: قضية «الإعاقة» تمثل هاجسا اقتصاديا واجتماعيا للدولة

مرور 30 عاما على إنشاء جمعية الأطفال المعوقين بدعم مجتمعي

الأمير سلطان بن سلمان لدى زيارته جمعية الأطفال المعاقين في مناسبة سابقة («الشرق الأوسط»)
TT

أكد الأمير سلطان بن سلمان رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين، أن الجمعية تؤدي رسالة إنسانية ووطنية، وتنوب عن المجتمع وأهل الخير في تقديم منظومة من برامج الخدمة والرعاية لفئة مهمة، وتتصدى لقضية محورية باتت تمثل هاجسا اقتصاديا واجتماعيا هي قضية الإعاقة.

وأوضح الأمير سلطان بن سلمان، أن جمعية الأطفال المعوقين وهي تكمل عقدها الثالث تشرف بما تحظى به من تفاعل وثقة من المجتمع، منوها بأنها نجحت على مدى السنوات الـ30 في بناء شراكات استراتيجية مع صفوة مؤسسات الدولة والشركات، الأمر الذي يجسد نضج تجربة العمل الخيري في السعودية.

وقال: «وبمساندة وتفاعل كثير من القطاعات والأفراد، تمكنا خلال العام الماضي من قطع أشواط ملموسة، في مسيرة استكمال مظلة خدمات الجمعية في عدد من المناطق، كما واصلنا بتفوق نهج بناء شراكات استراتيجية لتعزيز موارد الجمعية وللتصدي لقضية الإعاقة».

وأشار الأمير سلطان إلى أن الجمعية احتفلت خلال الشهور الماضية بافتتاح مركزها في منطقة عسير، وبدء التشغيل التجريبي في مركزها بجنوب الرياض تمهيدا للافتتاح الرسمي، واستكملت الأعمال الإنشائية في مركزي منطقة الباحة ومحافظة الرس تمهيدا للانطلاق في مرحلة التجهيز والتأثيث، ومن ثم مباشرة التشغيل وفق منهج الجمعية، وفي هذا الصدد أيضا شرعت الجمعية بالتعاون مع إمارة منطقة جازان، وبمساندة ملموسة من أهل الخير، وعدد من الشركات المستثمرة في منطقة جازان في إعداد الدراسات الميدانية، وحشد الدعم اللازم للبدء في خطوات إنشاء مركز جديد للجمعية في المنطقة.

وأضاف: «لقد عززت الجمعية خطط التطوير النوعي والتوسع الرأسي في برامج الرعاية، لاستيعاب أكبر قدر ممكن من الأطفال المتطلعين للخدمة، ومساعدتهم على تجاوز الإعاقة من جهة، وتعزيز مخرجات المراكز على صعيد برنامج الدمج في مدارس التعليم العام من جهة أخرى».

وبين أن الجمعية شرعت في تفعيل استراتيجية تطوير الأداء وإعادة الهيكلة الإدارية والفنية، حيث حققت أرقاما متميزة في خطط توطين الوظائف، خاصة ما يتعلق منها بمجالات الرعاية والتأهيل، بعد أن أكملت توطين الوظائف التربوية والتعليمية كافة.

وحول تحدي توفر موارد مالية للإنفاق على ما تقدمه الجمعية من خدمات مجانية، قال رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين: «كان من الضروري استمرار النهج الابتكاري في تنمية موارد الجمعية، وضمان مصادر التمويل لبرامجها، فكان العمل على أكثر من محور، سواء مضاعفة اتفاقيات التعاون طويلة المدى مع المنشآت التجارية، أو إضافة لبنات جديدة في مشاريع الأوقاف الخيرية، أو تبني عدد من الأنشطة والبرامج الاستثمارية، وأبرمنا عددا من الشراكات مع منشآت تجارية، وصناعية ومصرفية وعلمية وخيرية وتعليمية وإعلامية، كما طورنا علاقاتنا الاستراتيجية مع قطاعات أخرى».

ويشهد حي الشفا (جنوب العاصمة الرياض) بعد غد الاثنين ميلاد أحدث صرح خيري متخصص، يتمثل في أول مركز للأحياء تقيمه جمعية الأطفال المعوقين، تحت رعاية الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، وذلك ضمن خطة الجمعية الرامية إلى إيصال خدماتها إلى الأحياء الأكثر كثافة سكانيا. ويعد المركز الذي بدأ تشغيله التجريبي منذ عدة أشهر وتبلغ طاقته الاستيعابية نحو 100 طفل، وإن كان يستقبل الآن أكثر من 50 طفلا و40 من الاختصاصيات والمعلمات، منظومة رعاية تجسد ما وصلت إليه السعودية من مستوى عالٍ في التصدي لقضية الإعاقة. ومنذ بدء التشغيل التجريبي للمركز تحولت أروقته ووحداته وفصوله إلى ما يشبه خلية عمل متكاملة، حيث حظي المركز بحماس وإقبال وتفاعل أهالي أحياء جنوب العاصمة، الأمر الذي ضاعف من جهد المسؤولين في الجمعية لسرعة استكمال فريق العمل، وتقديم جميع الخدمات والبرامج المطلوبة. من جهته، قال عوض الغامدي، أمين عام الجمعية إن مركز رعاية الأطفال المعوقين بجنوب الرياض يعد المركز العاشر ضمن منظومة خدمات جمعية الأطفال المعوقين، وهو باكورة مشاريعها في الأحياء الأكثر كثافة سكانية، في إطار سعيها الدءوب لإيصال خدماتها إلى من يحتاجها»، مشيرا إلى أن مبنى المركز يضم قسما تعليميا، وآخر طبيا، ومسبحا طبيا، وخدمات المراجعة اليومية، وقاعة متعددة الأغراض إلى جانب القسم الإداري والخدمات المساندة».

من جانبه، قال الدكتور بشير البشير مساعد الأمين العام للشؤون الطبية: «ستكون هناك علاقة مباشرة بين مركز الملك فهد لرعاية الأطفال المعوقين بالرياض والمركز الجديد، بما يسهم في استمرارية تغطية برامج الرعاية المطلوبة والخدمات المساندة، خاصة ورش الجبائر ووحدة علاج الأسنان»، مضيفا أن مركز جنوب الرياض سيقدم منظومة من برامج الرعاية والعلاج والتعليم والتأهيل والتدريب والتوعية، إلى جانب الخدمات الاجتماعية والاستشارية للأطفال المعوقين وذويهم.

وتبدأ الخدمات العلاجية بقسم الاستقبال، من ثم يحال الطفل إلى العيادات الاستشارية لإجراء الفحص العام والتشخيص من قبل فريق التقييم، وبعد تقييم حالة الطفل يتم وضع البرنامج التأهيلي لكل حالة على حدة، وتتكامل جهود عدد من الوحدات في تنفيذ برامج العلاج والتأهيل هي: العلاج الطبيعي، العلاج الوظيفي، عيادات علاج عيوب النطق وعلل الكلام، وحدة الخدمة الاجتماعية، المسبح الطبي.

وعن تكلفة تشغيل المركز سنويا، بين مدير المركز سعود الشمران أن الميزانية التقديرية للمركز تصل إلى نحو ثلاثة ملايين ريال سنويا، مؤكدا أن جمعية الأطفال المعوقين ليست مجرد مؤسسة خيرية تقدم خدمات مجانية لرعاية الأطفال المعوقين، بل إنها منظومة رائدة تتبنى استراتيجية عمل متكاملة، في تصديها لقضية الإعاقة، استهدفت في المقام الأول وضع تلك القضية ضمن أولويات المجتمع لتصبح قضية اجتماعية واقتصادية.

وأضاف الشمران أن ذلك تجسد على أرض الواقع من خلال كثير من المخرجات، حيث حققت نقلة تاريخية في التعامل مع القضية، بدءا بتبني استراتيجية وطنية لتوفير الكوادر البشرية المتخصصة في مجالات الرعاية والتأهيل، وصولا إلى ترسيخ ثقافة دمج المعوقين في المجتمع، حيث نجحت الجمعية من خلال مسيرتها الرائدة في توطين وظائف متخصصة ظلت لسنوات تعاني ندرة على مستوى العالم، إلى جانب تطوير قدرات العاملين وتدريبهم لتأهيلهم لمراكز وظيفية أعلى، مبينا أن نسبة توطين الوظائف في القسم التعليمي على مستوى الجمعية قد بلغت 100 في المائة، بينما بلغت النسبة في مختلف قطاعات ومجالات العمل بالجمعية نحو 65 في المائة، موجها الدعوة إلى أهالي أحياء جنوب الرياض للتواصل مع المركز للتعرف عن قرب على خدماته، خاصة ما يتعلق منها بالوقاية والتوعية، وأيضا كيفية التعامل مع المعوقين، والفحص المبكر، كما دعا الشركات والمؤسسات إلى تعزيز دورهم في مجال المسؤولية الاجتماعية من خلال احتضان المركز ودعم ميزانيته التشغيلية.