تحركات لإشراك المكاتب الفنية في أعمال التفتيش وضبط المخالفين مع الدفاع المدني

اللواء أبو أربعين لـ «الشرق الأوسط»: ربط شبكي لمراقبة أنظمة المنشآت الصناعية والاستثمارية

جانب من حريق سابق لمصنع دهانات في الخمرة جنوب جدة .. وفي الإطار اللواء جميل أبو أربعين مدير الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة (تصوير: عبد الله آل محسن)
TT

تهدد المنشآت الحكومية والأهلية الكثير من المخاطر بشكل مستمر، وهو ما يجعل من أمن المنشآت ضرورة حتمية لمجابهة تلك المخاطر، أهمها المخاطر البشرية غير المقصودة المتمثلة في الحرائق، مقابل الكوارث الطبيعية.

وكما حصل خلال الفترة الماضية من تكرار الحرائق بعدد من الجهات الأهلية والحكومية نظرا للوقوع في أخطاء فنية بوسائل الأمن والسلامة.. الأمر الذي يصعد من مدى خطورة الحريق.

يتفق اللواء جميل أبو أربعين مدير الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة في حوار مع «الشرق الأوسط» على أن بعض الشركات والمصانع تدفع مبالغ طائلة على التأمين سنويا وتتهاون في دفع قيمة وسائل السلامة، ويجري في الغالب تركيب تلك الوسائل من دون إجراء الصيانة الدورية لها، مما يسبب تعطيلها في حال وقوع الحرائق، وأوضح اللواء أبو أربعين أن النتائج المستخلصة من الدراسات التحليلية للحوادث ومسبباتها تؤكد ذلك، وغالبا ما تصدر هذه التصرفات عن منشآت أو مؤسسات غير مرخصة أو خاضعة للإشراف الوقائي.. وفيما يلي نص الحوار:

* هناك مطالبات بتوحيد جهة تكون مسؤولة عن إجراءات وسائل الأمن والسلامة في المنشآت الحديثة.. كيف ترون ذلك من حيث تقنين وحيادية تنفيذ وتركيب الوسائل الأمنية بشكل دقيق؟

- بحسب ما نص عليه نظام الدفاع المدني الصادر منذ ما يربو على 25 عاما، فإن تنفيذ أعمال الدفاع المدني، بما فيها تنظيم قواعد السلامة، هو مسؤولية جميع الوزارات والمصالح الحكومية والجهات الأهلية والخاصة، ولوائح واشتراطات السلامة الصادرة عن مجلس الدفاع المدني تحدد مهمة تنفيذها بأنها تقع على جميع هذه الجهات، ومحددة في هذه اللوائح واجبات ومهام كل جهة ومنشأة بدقة فيما يختص بدورها في تطبيق اشتراطات السلامة.

* ما الدور الذي تلعبه الجهات الأهلية المتخصصة في وسائل الأمن والسلامة المصرح لها من قبل الدفاع المدني؟

- هناك جهات أهلية عدة مصرحة من قبل الدفاع المدني، تؤدي دورا كبيرا في فرض وتطبيق اشتراطات السلامة تحت إشراف الدفاع المدني، وأبرز هذه الجهات مكاتب نظم السلامة الهندسية، ومن مهامها تصميم دراسات نظم السلامة الهندسية، وتدقيق واعتماد دراسات نظم السلامة الهندسية، والإشراف على تنفيذ وتطبيق أعمال نظم السلامة الهندسية في المشاريع، إلى جانب تقديم الاستشارات في مجال نظم السلامة الهندسية، والمكاتب الفنية. وتفرض الجهات الأهلية وتطبق اشتراطات السلامة تحت إشراف الدفاع المدني، وإعداد خطط الحماية للمنشآت العامة والخاصة، ووضع خطط الطوارئ والإخلاء والإيواء للمنشآت العامة والخاصة والمصانع الأهلية بالمناطق الصناعية وإعطاء محاضرات تثقيفية وتوجيهية لتوعية مشغلي ومستخدمي المنشآت العامة والخاصة من ذوي الاختصاص في نواحي السلامة ومتطلباتها، إضافة إلى إعداد الدراسات الفنية المتعلقة بتنفيذ الشروط وتطبيق المواصفات الواردة بلوائح الدفاع المدني لمختلف الأنشطة والمنشآت، وتقديم الشهادات الدالة على ذلك، وتحمل المسؤولية حيال ما يترتب عليها من نتائج أمام الدفاع المدني والجهات الأخرى ذات العلاقة.

* ألا تؤدي شركات السلامة والأنظمة دورا في الحوادث؟

- بالتأكيد، تحقق الشركات في الحوادث في المنشآت العامة والخاصة بغرض كشف القصور في نواحي السلامة وتلافيها، وتوجيه أصحاب العمل والمصانع بكيفية رفع الإنتاج بالمحافظة على معدل منخفض للحوادث، وتطبيقات علم النفس في منع الحوادث في المنشآت العامة والخاصة، والتفتيش على نظم الحماية ومكافحة الحريق في المنشآت للتأكد من مطابقتها للمواصفات، وأنها تعمل بالكفاءة المطلوبة، وأن من يعملون عليها في المنشآت على دراية ومعرفة تامة بمواقعها وطريقة تشغيلها، كما أنها تمثل شركات التأمين للتحقيق في الحوادث، وهناك أيضا الجهات الأهلية المصرح لها من قبل الدفاع المدني بتركيب وصيانة أنظمة الحماية من الحريق، لكن دور هذه الجهات محدود لأن تأهيلها يتطلب اشتراطات عالية فرضتها المتطلبات الأكاديمية لعلم السلامة، الذي يشتمل على أكواد ومعايير عالية، ويتطلب التأهيل عليها فترة زمنية من قبل هذه الجهات، وقد أخذ الدفاع المدني خطوات جيدة وإيجابية على مستوى المديرية العامة، وتعمل مديرية منطقة مكة المكرمة بمتابعة من قبل الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الدفاع المدني الرئيسية الخطوات العملية في تنفيذ استراتيجية شاملة لتنفيذ متطلبات السلامة، خاصة في ظل النهضة الشاملة التي تشهدها المنطقة في شتى المجالات، وجرى عقد عدة ورش عمل تخصصية لجميع الجهات الأهلية العاملة في مجال السلامة لتفعيل دورها، والعمل جار على تنظيم خطط استراتيجية شاملة لتفعيل دور هذه الجهات.

* ما رأيكم في أن بعض الشركات والمصانع قد تدفع مبالغ طائلة على التأمين سنويا وتتهاون في دفع قيمة وسائل السلامة وغالبا يتم تركيب تلك الوسائل دون إجراء الصيانة الدورية لها مما يسبب تعطلها في حال وقوع الحرائق؟

- أتفق من حيث ما يظهر، وقد اتضح ذلك في نتائج كثير من الدراسات التحليلية للحوادث ومسبباتها، وغالبا ما يصدر ذلك عن منشآت غير مرخصة أو خاضعة للإشراف الوقائي، وأتفق معكم في التساؤل، ويلزم الأمر توجيها لشركات التأمين نفسها كيف تقوم بالتأمين دون التأكد من توافر متطلبات السلامة الوقائية أو حتى رخص تشغيل صادرة من جهة رسمية.

* هل هذا يعني أن هناك خللا في التنظيم؟

- بالتأكيد، هناك حلقة تنظيمية مفقودة بين شركات التأمين والجهات المختصة في معالجة مثل هذه الفجوات التنظيمية التي تحافظ على مكتسبات الوطن، وتعمل المديرية مع الجهات المختصة والإمارة لمعالجة ذلك، من خلال خطة تنفيذ استراتيجية للسلامة بالمنطقة، والتأمين على المنشآت يشمل دائما التأمين ضد الحريق، أما بالنسبة إلى عدم عمل الأنظمة في حالة الحريق فإن العامل الأكبر في ذلك يتمثل في استخدام أو تركيب بعض التجهيزات غير المطابقة للمواصفات، وهذا ما يعمل الدفاع المدني عليه بشكل مستمر، بالتنسيق مع الجهات المعنية، لمكافحة استخدام التجهيزات غير المطابقة للمواصفات، وتجدر الإشارة إلى أنه تجري دراسة آلية تطبيق أنظمة مراقبة لربط أنظمة الإنذار والإطفاء بالمنشآت، لنطمئن على جاهزية وفعالية الأجهزة وإظهار أعطال تلك الأنظمة، أما الصيانة الدورية لأنظمة السلامة فيجري إبرام عقود صيانة للأنظمة لدى تركيبها والمؤسسات المنفذة للتركيبات ملزمة بالصيانة الدورية لهذه التجهيزات.

* هل لديكم إجراءات حديثة حول تدريب وتأهيل موظفي القطاعات والشركات العاملة في مجال السلامة؟

- هناك لائحة صادرة من مجلس الدفاع المدني تسمى «لائحة مسؤوليات المختص بأعمال السلامة والأمن الصناعي في الوزارات والمصالح الحكومية والجهات ذات الشخصية المعنوية العامة والمؤسسات»، وهذه اللائحة تحدد الضوابط والمعايير الخاصة بمسؤولي السلامة بالمنشآت، وقد صدر حديثا أمر من أمير المنطقة بإلزام جميع الجهات الواردة في اللائحة بتطبيقها وتعيين مختص بأعمال السلامة لمراقبة ومتابعة إجراءات السلامة بالمنشآت، كما جرى التنسيق مع جهات حكومية وأهلية عدة لتنفيذ توجيه أمير المنطقة، وأبرز هذه الجهات صندوق الموارد البشرية الداعم لتعيين المختصين بأعمال السلامة بالمنشآت ومشاركة الغرف التجارية الصناعية في تنفيذ هذا الأمر، كما أن التدريب والتأهيل في مجال السلامة يعد من أهم العوامل المؤثرة في نجاح تطبيق اشتراطات السلامة، وصممت مديرية الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة خطة شاملة لدعم التأهيل في مجال السلامة من خلال تفعيل دور معاهد ومراكز التدريب الأهلية في مجال السلامة ودعمها بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية بمهمتها، ودعم تأهيل شباب الوطن للعمل في هذا المجال، إذ يعد مجال عمل راقيا وملائما للمواطن السعودي، وجرى هذا الدعم من خلال التنسيق مع الجهات الحكومية المعنية حيال تأهيل وتوظيف أكبر عدد ممكن من الشباب في هذا المجال، وتحديد الأدوار المطلوبة لكل جهة لتنفيذ هذا الهدف، وسيتولى الدفاع المدني متابعته، إضافة إلى توحيد جميع برامج التدريب بالمعاهد والمراكز الأهلية لضمان تحقيق مستوى موحد لجميع العاملين في مجال السلامة.

* كم تقدرون نسبة انخفاض الحرائق في حال تطبيق المنشأة وسائل السلامة بالشكل الجيد؟

- تجهيزات السلامة المحددة لكل نوع من المنشآت تمثل الحد الأدنى من المتطلبات أو المتطلبات الأساسية، ولكن تركيبها ومتابعة صيانتها بالشكل المثالي وبجودة عالية ومواد ذات مواصفات قياسية يؤدي إلى نسبة عالية جدا من تقليل احتمالية تطور الحريق، خصوصا أنظمة الرش الآلي، أما أجهزة الإنذار فدورها يتمثل في إشعار شاغلي المنشأة بالخطر والحفاظ على الأرواح وإتاحة التعامل مع الحدث منذ اللحظات الأولى، ويتم العمل حاليا على تطبيق الربط الشبكي لأنظمة المنشآت لمراقبة عمل أنظمة السلامة بالمنشآت الصناعية والاستثمارية، وهذا الربط فعال جدا في مراقبة أنظمة السلامة لأكبر عدد من المنشآت.

* كم نسبة المنشآت الملتزمة بتطبيق اشتراطات السلامة بشكل عام؟

- بالنسبة للأنشطة التجارية ومباني التجمعات والمنشآت الحاصلة على ترخيص بالعمل من أي جهة حكومية، فجميعها تطبق فيها اشتراطات السلامة وحاصلة على تصريح بذلك من قبل الدفاع المدني، وجميع الجهات الحكومية ملتزمة تماما بعدم إصدار أي رخصة لمنشأة قبل تطبيق اشتراطات السلامة والحصول على تصريح الدفاع المدني، أما المنشآت غير المصرحة أصلا من الجهات المختصة فعادة لا تتوافر بها اشتراطات السلامة، وتكون لجان من جهات عدة لإغلاق هذه المنشآت، كما تسير حملات تفتيشية لرصدها ومتابعة إخضاعها للإشراف الوقائي، والعمل جار على إشراك المكاتب الفنية المعتمدة في أعمال التفتيش وضبط المخالفين وإشعار الدفاع المدني، أما بالنسبة للمباني السكنية فنسبة توافر متطلبات السلامة بها قليلة لأنها ناتجة عن عدم تجاوب البعض مع الحملات التوعوية بأهمية توفير متطلبات السلامة وأهمها طفاية الحريق، وجهاز الكشف عن الدخان، وثبت من خلال الإحصاءات التحليلية ارتفاع نسبة الوفيات والإصابات في حوادث المباني السكنية مقارنة بالمنشآت الخاضعة للإشراف الوقائي التي يتوافر بها أنظمة إنذار ومخارج طوارئ رغم ارتفاع نسبة شاغلي تلك المنشآت مقارنة بالمباني السكنية، ومن هذا المنبر نهيب بكل رب أسرة توفير جهاز كشف الدخان وطفاية حريق لسلامته وسلامة أسرته الغالية علينا.