خطط أمنية استثنائية للعشر الأواخر في مكة المكرمة

جهود رسمية لتأمين سلامة المعتمرين والزوار

معتمرون وزوار يتناولون وجبة الإفطار في الطابق العلوي للمسجد الحرام بمكة المكرمة (أ ب)
TT

أحكمت القيادات الأمنية قبضتها على جميع المرافق الحيوية في العاصمة المقدسة والمسجد الحرام على وجه الخصوص، بغية تأمين حماية متكاملة للمعتمرين، متخذة إزاء ذلك إجراءات استثنائية، عن طريق إبرام خطة مشتركة لإدارة وتنظيم الحشود في ساحات المسجد الحرام خلال العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك.

وقال العقيد يحيى الزهراني، قائد قوة أمن الحرم في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن القيادة السعودية أولت مسألة الأمن للحجاج والمعتمرين بالغ الأهمية، وخاصة في مواسم العمرة والحج»، مبينا أن «حضور القيادة السعودية بكاملها في هذه المواسم، دليل قاطع على حرصهم على توفير الأمن لضيوف الرحمن الذين قدموا من كل حدب وصوب».

وأكد الزهراني أن العمل داخل أروقة المسجد الحرام هو شرف لكل مسلم، مؤكدا وجود خطط وتدابير أمنية محكمة للتعامل مع أوقات الذروة خلال العشر الأواخر من رمضان، في ظل وجود دوريات داخلية وخارجية، الأولى تتابع الطواف و«العربات» وتتابع الظواهر السلبية في الداخل، وأي مخالفات يتم مباشرتها بشكل فوري في ذات المكان، بالإضافة إلى دوريات الساحات، وهي معنية بالنواحي الأمنية ومعززة بقوات لحماية أمن المسجد الحرام، مؤكدا وجود شراكة لمتابعة الحالات السلبية.

يؤكد قائد قوة أمن الحرم المكي أن خطط تنظيم حركة المعتمرين في صحن المطاف، في ظل الكثافات والاحتشادات البشرية ترتكز على محاور عدة مهمة؛ أولها التركيز على تهيئة الصحن للطواف فقط ومنع الصلاة فيه أوقات الذروة، والسماح بها في المناطق المقابلة للمكبرتين في حال عدم وجود كثافة في الحشود البشرية.

وقال قائد قوات أمن الحرم إن هناك تعليمات مشددة على منع الدخول لصحن المطاف إلا للمعتمرين فقط، وذلك بغية ترك مساحات كافية وملائمة للطائفين، وهو إجراءُ يتخذ في حال ارتفاع الكثافة داخل الصحن من خلال توجيه منع نزول المصلين للمطاف لمن هم داخل الحرم، ومنع الدخول من البوابات الخارجية وتحويلهم إلى الأدوار العلوية والسطح، حيث يتم البدء في ذلك قبل صلاة المغرب وتمنح الأولوية بالنزول إلى صحن المطاف للطائفين.

وحول الأماكن التي من المتوقع أن تشهد كثافات بشرية، قال الزهراني: «هناك خطط لحفظ الأمن وإدارة الحشود في مناطق الحجر الأسود ومقام إبراهيم والحجر والملتزم، حيث يتم إغلاق منطقة الحجر الأسود قبل ربع ساعة من الأذان لإتاحة المجال أمام المصلين».

من جانبه أعلن الفريق سعد بن عبد الله التويجري مدير عام الدفاع المدني نجاح الخطة التفصيلية لتدابير مواجهة الطوارئ بالعاصمة المقدسة والمدينة المنورة خلال شهر رمضان المبارك في مرحلتيها الأولى والثانية في تعزيز الإجراءات الوقائية ضد المخاطر والتدخل السريع للتعامل مع كافة الحوادث والبلاغات لتأمين سلامة المعتمرين وزائري الحرمين الشريفين، حيث لم تسجل أي حوادث تعكر صفوهم ولله الحمد، مرجعا ذلك إلى توفيق الله عزّ وجلّ وما وفرته القيادة الرشيدة من إمكانات لكافة الجهات الحكومية الأعضاء بمجلس الدفاع المدني والمتابعة الدقيقة من الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة والأمير محمد بن نايف وزير الداخلية لمراحل تنفيذ الخطة.

وأشار الفريق التويجري إلى أن البدء في تنفيذ المرحلة الثالثة من خطة مواجهة الطوارئ خلال شهر رمضان تهدف إلى تعزيز الإجراءات الوقائية وتحقيق أعلى درجات الاستعداد في التعامل مع كافة المخاطر طوال العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وبما يتناسب مع الزيادة الكبيرة في أعداد المعتمرين والزوار.

وأكد مدير عام الدفاع المدني في تصريح حول خطة الدفاع المدني خلال الأيام العشرة الأخيرة من رمضان، وجود خطة تفصيلية لدعم القوى البشرية لرجال الدفاع المدني بقوة احتياطية جاهزة بنسبة 15% من إجمالي القوى المشاركة منذ بداية شهر رمضان إذا تطلب الأمر ذلك، وبما يتناسب مع الزيادة الكبيرة في أعداد المعتمرين ويدعم قدرة الوحدات والفرق الميدانية لأداء مهامها على أكمل وجه، مشيرا إلى زيادة عدد رجال الدفاع المدني داخل وخارج المسجد الحرام في العشر الأواخر إلى 3900 من الضباط والأفراد يتمركزون في 63 موقعا، بما في ذلك الساحات الخارجية للحرم، يدعمهم عدد كبير من الآليات للتدخل السريع في حالات الطوارئ وأكثر من 1000 رجل دفاع مدني في المسجد النبوي الشريف والمنطقة المحيطة به.

وأضاف أن خطة انتشار وحدات وفرق الدفاع المدني تغطي مشروعات التوسعة الجديدة الجاري تنفيذها في المسجد الحرام، وكافة الطرق الرئيسة بالعاصمة المقدسة، وكذلك كافة المنشآت الحيوية والدور السكنية والمنشآت التي تقدم خدماتها لضيوف الرحمن، مؤكدا على استمرار عمل دوريات السلامة الراكبة والراجلة على مدار الساعة لإزالة أي مخالفات تهدد أمن وسلامة المعتمرين والتصدي بكل حزم لأي محاولات لاستغلال زيادة عدد المعتمرين والزوار خلال الأيام العشرة الأخيرة في التحايل أو الالتفاف على اشتراطات السلامة في الدور السكنية.

وأكد إلى أن الدفاع المدني يحرص على استخدام التقنية في إيصال رسائله التوعوية والإرشادية وذلك من خلال استخدام رسائل نصية عبر الهواتف المحمولة وتطبيقات الأجهزة الذكية والشاشات التلفزيونية والنقطية المنتشرة حول الحرم في تنظيم تفويج المعتمرين للحرم لتجنب مخاطر الزحام الشديد في حال امتلاء صحن الطواف والمسعى، وما قد ينتج عنها من حالات إعياء أو إجهاد إضافة إلى وجود عربات مجهزة بكاميرات تنقل صورا حية من مواقع الحوادث إلى عمليات الدفاع المدني ومراكز القيادة بما يحقق سرعة اتخاذ القرار المناسب للحد من المخاطر.

وأشار الفريق التويجري إلى متابعة غرفة عمليات الدفاع المدني لحركة المعتمرين من خلال أكثر من 4000 كاميرا تلفزيونية تغطي جميع أحياء العاصمة المقدسة التي تبث صورا حية لجميع أحياء العاصمة المقدسة على مدار الساعة، ولا سيما المنطقة المركزية المحيطة بالحرم، لتوجيه الوحدات والفرق الميدانية لمناطق الزحام والتكدس، بالإضافة إلى دوريات السلامة الراكبة وفرق الدراجات البخارية المجهزة بكافة مستلزمات التعامل مع حوادث المركبات وغيرها من الحوادث في الأماكن المزدحمة والتنسيق مع وزارة الصحة والهلال الأحمر في تنفيذ خطط الإخلاء الطبي متى دعت الحاجة لذلك، مؤكدا أن خطة تدابير الدفاع المدني لشهر رمضان المبارك في مرحلتها الثالثة التي تمتد طوال العشر الأواخر وخلال عيد الفطر المبارك هذا العام، تعتمد بدرجة كبيرة على استخدام التقنيات الحديثة عبر منظومة متكاملة من أنظمة الاتصالات والمعلومات، مثل نظام المعلومات الجغرافي «GIS»، ونظام تحديد موقع المتصل ونظام تتبع المركبات «AVL» الذي يساعد غرفة العمليات في توجيه الفرق والوحدات الميدانية لمواقع الحوادث وتحديد أفضل طرق الوصول إليها إلى اعتماد مبدأ التخصص الدقيق من خلال فرق ووحدات التدخل السريع والمجهزة بأحدث التقنيات لأداء مهامها وفرق قياس الانبعاثات الكربونية والملوثات الهوائية في أنفاق العاصمة المقدسة، عبر تطبيق معايير دقيقة لتقييم أداء القوى البشرية أو المعدات أو الآليات والإفادة من هذا التقييم والمتابعة في تطوير أو تعديل مسار الخطط التشغيلية تبعا للمتغيرات على أرض الواقع، يساعد على ذلك وجود سيناريوهات بديلة للتعامل مع الطوارئ يمكن اللجوء إليها في حال تعذر تنفيذ أي من الخطط التشغيلية. من جهتها قامت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بتنظيم عملية الاعتكاف بالمسجد الحرام من خلال وضع برنامج للاعتكاف على موقع الرئاسة ويكون التسجيل للمعتكفين من خلاله، والذي يبدأ من 20 رمضان حتى نهاية صلاة العشاء من ليلة العيد، حيث تم عمل مربعات خاصة للرجال وأخرى للنساء، محاطة بحواجز في قبو توسعة الملك فهد عن يمين الداخل وعن يساره.

وأوضح الدكتور يوسف الوابل وكيل الرئيس العام المساعد للخدمات الشيخ أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ممثلة بالإدارة العامة للتوجيه والإرشاد حددت هناك مواقع خاصة للرجال في بقية القبو، وهذه المواقع مخصصة لأغراض المعتكفين المسموح بها، وقد خصصت ثلاثة أبواب لدخول أغراض المعتكفين في الجهة الشمالية والجهة الجنوبية وهي باب رقم 59 وباب رقم 75 وباب رقم 81. حيث تم وضع مراقبين من إدارة التوجيه على هذه الأبواب مزودين بإرشادات للمعتكفين على هيئة مطويات وكروت صغيرة تشتمل على تعليمات الاعتكاف وفيها إرشادات للمعتكفين.

وأكد الوابل أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي تأمل من الإخوة المعتكفين عدم إدخال الأطعمة والاكتفاء بإدخال الأغراض الخاصة المسموح بها، وهي «سجادة صلاة مفردة، وغطاء خفيف مفرد، ومخدة، وقطعتا إحرام فقط».

ودعا المعتكفين إلى الحرص على نظافة المسجد الحرام، وعدم استغلال خزانات المصاحف للأغراض الخاصة أو تعليق الملابس على الأعمدة والسلالم، والتفرغ للعبادة والذكر وقراءة القرآن الكريم، وتعظيم المكان وعدم التشويش على المصلين أو الانشغال بما لا فائدة فيه، والحرص على أداء صلاة التراويح والتهجد مع الإمام، لافتا إلى أنه يمنع الاعتكاف في قبو المسعى حتى لا يحدث إعاقة للساعين، ومراعاة عدم اختلاط الرجال بالنساء واجتماع العوائل.

وأهاب وكيل الرئيس العام في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي المساعد للخدمات بالإخوة المعتكفين بأنه في حال وجود عفش أو أغراض في غير المكان المخصص للاعتكاف سوف يتم إخراجها من المسجد الحرام دون أدنى مسؤولية على الرئاسة، مع التنبيه عليهم بإخراج أغراضهم ليلة العيد من بعد صلاة العشاء مباشرة.

بدوره أوضح المقدم عبد المحسن بن عبد العزيز الميمان الناطق الإعلامي بشرطة العاصمة المقدسة، لـ«الشرق الأوسط» أن شرطة العاصمة المقدسة استهلت منذ وقت مبكر بنشر الأفراد بالمنطقة المركزية لحفظ الأمن ومكافحة الظواهر السلبية وتنظيم حركة المشاة وبث الأفراد السريين لمكافحة جرائم النشل والسرقات، وكذلك الإشراف على الخطة المرورية للمركبات وعملية نقل المصلين عبر حركة النقل الترددية، وروعي في الخطة جميع التفاصيل المتعلقة بالزمان والمكان، حيث سيكون هناك خطط فرعية للعشر الأواخر من الشهر الفضيل وليلة السابع والعشرين وليلة ختم القرآن الكريم؛ نظرا لزيادة أعداد المعتمرين والمصلين في هذه الأيام، ومراعاة تغطية جميع مخططات وأحياء العاصمة المقدسة أمنيا ومروريا، وذلك بما يكفل - بإذن الله - تسهيل وتيسير جميع السبل وتحقيق أقصى درجات الأمن والطمأنينة خلال الشهر الفضيل.

وأفاد المقدم الميمان أن هناك انتشارا للدوريات الرسمية والسرية على مدار الساعة لجميع أنحاء العاصمة المقدسة، وكذلك تأمين مواقف لمركبات المعتمرين بمداخل مكة المكرمة من جميع الجهات، وتوفير وسائل المواصلات لنقلهم لداخل منطقة الحرم والفنادق وتأمين هذه المواقف لحماية السيارات من أي عبث، داعيا المعتمرين والمصلين إلى التعاون باتباع التعليمات التي سُخرت من أجلهم ولراحتهم والتجاوب في هذا الجانب بما يحقق سلامتهم وتسهيل أدائهم لنسكهم في راحة وطمأنينة.