«ممنوع التدخين».. قانون أم مجرد «لافتة» في الأماكن العامة ؟

مطالبات بوضع قانون صارم وعقوبات رادعة

يافطة «ممنوع التدخين» تنتشر داخل المجمعات التجارية لكنها لم تنجح في ضبط مرتاديها («الشرق الأوسط»)
TT

رغم أن معظم المجمعات التجارية في السعودية أصبحت تقر منع التدخين داخلها، وتعلق العبارات المحذرة من ذلك في ممراتها، فإن البعض لا يزال يقفز فوق هذا النظام، حيث كشف قائمون على مجموعة من المجمعات التجارية لـ«الشرق الأوسط» أنه يتم ضبط عشرات المخالفين يوميا، في حين تعد الفئة الأكبر منهم من العاملين في المحلات، يليهم زوار هذه المجمعات.

وتكمن الإشكالية الكبرى التي تواجه إقرار حظر التدخين داخل المجمعات التجارية في ضبابية الإجراءات المتخذة حيال مخالفي قرار حظر التدخين، إذ يعتقد الكثيرون بأن لافتة «ممنوع التدخين» هي مجرد عبارة وضعت على ممرات المجمعات التجارية بهدف التنويه لا أكثر، مع ترك الأمر للمتسوقين أنفسهم، وهو ما أكد عدد من مسؤولي المجمعات التجارية عدم صحته، مؤكدين وجود أنظمة رادعة لهذه الفئة، تبدأ من الطرد من المجمع التجاري وتمتد إلى فرض الغرامات المالية، حيث تختلف الإجراءات من مجمع إلى آخر. أمام ذلك، يرى المهندس ناصر الجريد، المدير العام التنفيذي لجمعية نقاء لمكافحة التدخين، أنه من المهم وضع قانون معلن وواضح لمرتادي المجمعات والأسواق المغلقة فيما يخص الإجراءات المتبعة لمن يخالف قرار حظر التدخين، مضيفا: «مشكلتنا أحيانا أنه يكون هناك نظام، لكن العقوبات لا تطبق، وإذا طبقت فهي لا تطبق بطريقة جيدة، وهذا ما يجعل المخالفين يستمرون في سلوكياتهم».

وتمنى الجريد خلال حديثه الهاتفي لـ«الشرق الأوسط» أن يكون هناك نظام صارم وواضح بهذا الخصوص، تضعه إدارة المجمعات التجارية بشكل معلن أمام الجميع، مع فرض غرامات مالية على المخالفين، قائلا: «البعض لا يرتدع إلا بالعقوبات وفرض الغرامات»، وتابع: «الامتناع عن التدخين بطريقة جبرية صعب على المدخن، وذلك يعتمد على درجة إدمانه للتدخين، وأحيانا يتم منع التدخين من دون تهيئة أماكن للمدخنين، رغم أن تهيئة الأماكن والغرف الخاصة بهم مهمة جدا».

من جهته، يوضح المهندس فؤاد الفاخري، مدير عام مجمع الراشد التجاري بالخبر، الإجراءات المتخذة لمن يخالف قرار منع التدخين داخل المجمع، قائلا: «نتعامل مع ذلك وفق ثلاث فئات: الفئة الأولى تتضمن زوار المجمع؛ فمن يدخن منهم نطلب منه مغادرة المجمع مباشرة بسبب عدم احترامه للأنظمة، والفئة الثانية تشمل العاملين في المحلات داخل المجمع؛ ففي المرة الأولى يؤخذ على المخالف تعهد من قبل رجال الأمن، وإن كررها يؤخذ عليه تعهد آخر مع غرامة 200 ريال، وفي المرة الثالثة يؤخذ عليه تعهد مع غرامة 400 ريال، وإذا استمر في تجاوزه يتم إبلاغ صاحب المحل وعدم السماح لهذا الشخص بالعمل داخل المجمع».

وعن الفئة الثالثة، يتابع الفاخري حديثه لـ«الشرق الأوسط»، مفيدا بأنها تشمل رواد المطاعم والمقاهي داخل المجمع، قائلا: «إذا تم ضبط شخص يجلس في مطعم أو مقهى وهو يدخن، نطلب منه مغادرة المجمع مباشرة ونحمل مسؤول المطعم أو المقهى مسؤولية هذا التجاوز، لأننا أبلغناهم مسبقا بأنه يحظر التدخين في هذه الأماكن، وقد يتم تغريم صاحب المطعم أو المقهى غرامة تبدأ من 500 ريال»، مفيدا بأنه على أصحاب المطاعم والمقاهي إبلاغ الزبائن بحظر التدخين والاتصال برجال الأمن للتعامل مع المخالفين مباشرة.

إلا أن البعض يرى أنه مهما فرضت الغرامات المالية فسوف يكون من الصعب القضاء على هذه المشكلة نهائيا، لذلك فمن الممكن تخصيص أماكن داخل المجمعات التجارية للمدخنين، وأن تكون منعزلة ومجهزة بحيث لا يتأثر من هم خارج هذا المكان بالتدخين، وهذا ما تراه نجوى فرج، الاختصاصية الاجتماعية في مستشفى قوى الأمن في الرياض.

وتؤكد فرج خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن وجود هذه الأماكن من شأنه الحفاظ على سلامة مرتادي المجمعات التجارية من آثار التدخين، وفي الوقت نفسه يسهم احتجاز المدخنين داخل غرفة خاصة بهم على تنفيرهم من هذه العادة تدريجيا، وتابعت قائلة: «المجمعات التجارية كانت وما زالت أهم متنفس للأسر السعودية، خاصة خلال الإجازة الصيفية، لذا من المهم الحفاظ على سلامة ونقاء بيئتها، وعدم الاكتفاء بوضع اليافطات التحذيرية فقط».

تجدر الإشارة إلى أن وزارة الداخلية السعودية قد وجهت، قبل نحو عام، عموم إمارات المناطق، مؤكدة على ضرورة العمل بموجب الأمر السامي القاضي بمنع التدخين في جميع الوزارات والمصالح الحكومية والمؤسسات العامة.