اجتياز أول اختبار ميداني للتعامل مع الأمطار في العاصمة المقدسة

أجواء ماطرة تلبدت بالغيوم وسحب سوداء غطت أجواء مكة المكرمة

TT

في أجواء ماطرة تلبدت بالغيوم، برهنت الإدارة العامة للدفاع المدني في العاصمة المقدسة على قدرتها على اجتياز أول اختبار ميداني للتعامل مع الأمطار الغزيرة التي تعرضت لها العاصمة المقدسة، ظهر أمس، مبينة أنها طبقت خطتها الخاصة بالطوارئ، ونجحت في التعامل معها.

الأجواء الإيمانية التي لامست شغاف قلوب المعتكفين في العشر الأواخر في مكة المكرمة، اختلطت فيها دموع المكبرين، برذاذ المطر الذي التحف إزارهم ورداءهم، حيث وقفوا جموعا متراصة في المشاعر تحفهم رياحين المغفرة والعتق من النار، لم تثنهم غزارة تلك الأمطار عن استقبال رحماتها التي غسلت خطاياهم ونقتها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.

المشهد الماطر على الرغم من فجاءته، واكتنافه كثيرا من الأخطار المحتملة، فإنه لم يمنع المعتمرين والملبين من استكمال نسكهم والاستمتاع بالأجواء المطيرة، ليطل رذاذ المطر رسائل روحية استثنائية، زانها الاغتسال الرباني في آخر فصول الرحمة في الشهر الكريم، لرحلة دامت 25 يوما، تخللتها المشاق وأضناها التعب، ليحل المشهد بكامله مؤطرا بالأجواء المطيرة التي ساقتها الرحمات عبر نسائم المغفرة التي تجملت بها مناحي مكة وشعابها.

دفعت الأمطار والسيول التي اجتاحت مكة المكرمة أمس إلى إعلان استعداد جميع القوات الأمنية للتعامل مع أي أجواء ماطرة، خاصة أن هطول الأمطار وانهمارها يتزامن مع وجود ملايين المعتمرين، حيث عمدت الجهات المخولة من أمانة العاصمة والدفاع المدني والهلال الأحمر والشؤون الصحية إلى مواجهة كميات الأمطار على نزرها وما خلفته وجها لوجه في مواجهة أول تحدٍّ حقيقي قبل انقضاء الشهر الكريم، حيث لم تسجل في ثنايا تلك الأمطار أي حالات خطرة عدا تكدس بعض الأمطار، وتم التعامل معها بعناية كبيرة.

واستطاعت أمانة العاصمة المقدسة بالتعاون مع الإدارة العامة للدفاع المدني، تهيئة البنية التحتية بشكل متكامل، تحسبا لأي أخطار محتملة قد تلحق الضرر بضيوف الرحمن، حيث عملت الجهات ذات العلاقة على مدار الخمس سنوات الماضية على التعامل بمهنية عالية في قيادة الأزمات، استنادا إلى تعليمات حكومية عليا حرصت على راحة الحجاج والمعتمرين والمواطنين.

وكانت أمانة العاصمة المقدسة قد أنهت إنجاز عدد من مشاريع تصريف مياه الأمطار والسيول في مكة المكرمة بتكلفة أكثر من 90 مليون دولار، حيث أنهت أمانة العاصمة المقدسة والإدارة العامة للمشاريع المركزية في وزارة الشؤون البلدية والقروية عددا من المخططات والمناطق التي كانت تهددها السيول بإنشاء شبكة تصريف عالية الجودة، ولا يزال العمل جاريا بها على أرض الواقع.

وتمكنت قوة من الدفاع المدني في المسجد الحرام من إنقاذ 3701 معتمر من المرضى وكبار السن الذين تعرضوا للإصابة والأزمات الصحية المفاجئة أثناء أداء مناسك العمرة، منذ بدء شهر رمضان المبارك هذا العام.

وقدم رجال الدفاع المدني الخدمات الإسعافية العاجلة لآلاف المعتمرين الذين تعرضوا للإغماء نتيجة الإجهاد أثناء الطواف والسعي أو نتيجة معاناتهم من أمراض مزمنة، مثل الضغط والسكري وضيق التنفس، من خلال انتشار الفرق الإسعافية في جميع أرجاء الحرم الشريف والساحات الخارجية المحيطة به، ونقل من تتطلب حالته منهم إلى أقرب المستشفيات والمراكز الصحية بالعاصمة المقدسة.

وبادر رجال الدفاع المدني المنتشرون بالمسجد الحرام إلى مساعدة أعداد كبيرة من المعتمرين من الرجال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة على أداء مناسكهم في مشاهد إنسانية رائعة، كانت محل إشادة وتقدير جموع المعتمرين والمصلين، إلى جانب جهود رجال الدفاع المدني في توجيه ضيوف الرحمن إلى مداخل ومخارج الحرم لتجنب مخاطر الزحام والتكدس في بعض المواقع، والقيام بأعمال الإخلاء الطبي للحالات الصحية الحرجة بالتعاون مع فرق الهلال الأحمر.

وأوضح العميد سعد غرم الله الغامدي قائد قوة الدفاع المدني لدعم الحرم أن عدد الوحدات والفرق الإسعافية التي تنتشر في أكثر من 56 موقعا داخل المسجد الحرام ومحيطه الخارجي تقدم خدماتها على مدار الساعة للمرضى والمصابين، عبر كوادر مدربة تدريبا راقيا لتقديم كل الخدمات الإسعافية وعمليات الإنقاذ في التجمعات البشرية، إلى جانب المبادرة بتقديم أي مساعدات أخرى ممكنة لمساعدة ضيوف الرحمن على أداء مناسكهم، محتسبين في ذلك الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى، ومستبشرين بكل الخير من دعوات ضيوف الرحمن لهم بالنجاح والتوفيق والسداد لقاء ما يبذلونه من جهد كبير في أشرف البقاع، متحملين في ذلك مشقة العمل لساعات طويلة في نهار رمضان من أجل سلامة المعتمرين.