«البضاعة ترد وتستبدل» شعار جديد أمام اختبار التطبيق في السعودية

متسوقون يشتكون.. وتجار يطالبون وزارة التجارة بالمزيد من الإيضاح

صورة أرشيفية لمتجر في المنطقة الشرقية حيث تتسع عمليات الشراء في السعودية بشكل عام استعدادا للعيد («الشرق الأوسط»)
TT

مع بدء الأسر السعودية في التوجه بشكل كثيف إلى الأسواق من أجل شراء مستلزمات عيد الفطر، وفي أول اختبار حقيقي لتطبيق قرار وزارة التجارة والصناعة السعودية بمنع عبارة «البضاعة لا ترد ولا تستبدل»، لا يزال عدد من تجار التجزئة في الأسواق والمحلات التجارية يماطلون في تطبيق القرار.

وفي زحمة الإقبال على شراء مستلزمات العيد، وجد المتسوقون أن الباعة ما زالوا يرفضون إعادة البضاعة أو حتى استبدالها، خصوصا متاجر بيع الملابس والمستلزمات الخاصة بالنساء والأطفال، على الرغم من صدور التعليمات التي بدأت الوزارة بتطبيقها مطلع العام الحالي.

ويطالب تجار تحدثت معهم «الشرق الأوسط» بمزيد من الإيضاح حول التطبيق، في حين يطالب متسوقون التجار بمزيد من الالتزام بالقرارات الرقابية الصادرة عن الوزارة.

وقالت أم محمد وهي معلمة في مدرسة حكومية إنها اشترت كمية كبيرة من الملابس والأحذية لأفراد العائلة بمبلغ مالي باهظ، وحين أرادت استرجاع بعض الملابس لعدم مناسبة قياساتها في اليوم التالي رفض طلب استبدال القطع، فضلا عن إعادتها، حيث كانت حجة المسؤولين في هذه المحلات أن ما يخرج من المحل لا يمكن استبداله.

وقالت إن بعض المتاجر تشترط الاسترجاع في مدة لا تتجاوز يوم الشراء نفسه، وعدم فتح الأكياس الحافظة لهذه الملابس، وكذلك لا تتجاوز البضاعة المعادة قطعتين على الأكثر. وأضافت: بعض الاشتراطات لا يمكن الوفاء بها، وتعتبر تعجيزية.

في حين يرد علي غرم الله وهو تاجر ملابس مبررا تجاهل تطبيق التعليمات الصادرة من وزارة التجارة بشأن عدم منع استبدال أو إعادة أي بضاعة، بالقول: «ليس من الممكن تطبيق هذا القرار على الجميع، خصوصا المتاجر التي تبيع ملابس نسائية، إذ يمثل استبدال البضاعة المفتوحة ضررا على التاجر لصعوبة تسويقها مرة أخرى، فضلا عن كون البضاعة التي يجري إرجاعها بعد استخدامها ولو لدقائق تعرض صحة الآخرين للخطر.. هناك خطر في انتقال الأمراض المعدية في حال تم تداول ارتداء الملابس بين أشخاص مختلفين بدعوى قياسها»، مضيفا: «فيما يخص الملابس غير المستخدمة نهائيا التي لا تزال في علبتها الأصلية فهناك تعليمات للعاملين في المتجر باستبدالها فقط وفق شروط معينة، ومن بينها المدة الزمنية».

وأشار إلى أن بعض العملاء يشتري ملابس لمناسبات محددة، ويرجعها بعد انتهاء المناسبة.

وقال مصدر مسؤول بفرع وزارة التجارة في المنطقة الشرقية: إن القرار يأخذ في الاعتبار مصلحة التاجر والمستهلك على حد سواء، ولا يمكن أن يتحيز لجهة ضد أخرى، كما أنه يستفيد من التجارب التي تطبقها الدول المتقدمة، مثل أميركا وأوروبا في هذا الشأن، مما يعزز الثقة والتعامل الراقي المبني على الاحترام المتبادل بين التاجر والمستهلك.

وبين المصدر الذي فضل حجب اسمه أن التشريع يمنع استبدال أو إرجاع الملابس التي يمكن الاستفادة منها لمناسبات محددة، مثل فساتين الأفراح للنساء أو المشالح الرجالية، إلا في حالة التأكد من عدم استخدامها، كما يتوجب أن تعاد خلال وقت زمني محدد في اليوم نفسه الذي بيعت فيه إن كان يخص مناسبة محددة، وكذلك عدم تضررها من حيث إزالة العلامة التجارية أو غيرها من الأمور التي تؤثر على إمكانية بيعها مجددا.

وقال المصدر إن القرار طبق بشكل أوضح على الأجهزة الكهربائية التي تتعرض لعطل، ويجري التأكد من صحة ضعف جودتها وإن كان لها ضمان فالعميل له الحق في التراجع عن قناعته بشأن البضاعة المشتراة، ومن حقه نيل النقد الذي دفعة للتاجر، ولا يمكن إجباره على شراء منتج بديل، ما دام غير مقتنع بمحتويات المتجر، ولا يمكن أن تتساوى طريقة التعامل في متاجر بيع الأجهزة الكهربائية بمتاجر بيع الملابس، خصوصا النسائية منها.

وشدد مسؤول وزارة التجارة على أن الوزارة لا تخلي مسؤوليتها من تطبيق القرار على تجار الملابس، وأنها لن تتوانى في المطالبة بحصول المستهلك على حقه إن كان يستحق ذلك.

ولفت ثامر العمري وهو موظف في شركة معدات طبية في الدمام (شرق السعودية) إلى ضرورة أن تتعامل الجهات الرسمية والخاصة عن طريق الغرف التجارية بشكل أفضل، إلى جانب ضرورة أن توضح الوزارة رؤيتها بشكل أكبر للتطبيق الجيد، ولو باستخدام ورش العمل أو حتى مقاطع الفيديو التوعوية.

حيال ذلك، يقول الدكتور بسام بودي وهو عضو اللجنة التجارية بغرفة الشرقية إن قرار وزارة التجارة والصناعة يحتاج إلى وضع تشريعات واضحة تأخذ في الاعتبار مخاوف الطرفين؛ التاجر والمستهلك على حد سواء، ويجب الاستفادة من التجارب في الدول المتقدمة لتطبيق هذا القرار.

وأضاف بودي: «من المهم أن يكون هناك تطبيق حازم في بعض الجهات التجارية التي لا تبعث الاطمئنان في نفوس عملائها، من خلال إجبار العميل على حلول لا تخدمه بشكل كامل، مثل وكالات السيارات التي يماطل بعضها في استبدال سيارة العميل أو إعادة أمواله في حال تعرض السيارة لأعطال نتيجة عيوب صناعية».

من جانبه، قال محمد سعيد الخياط رجل الأعمال والعضو السابق في اللجنة التجارية بغرفة الشرقية: إن القرار صدر دون أي توضيحات، والتجار في الغالب يقرأون تعليمات وقرارات وزارة التجارة من خلال الصحف، ولا يجري إرسال أي توضيحات أو تفاصيل في كثير من القرارات، وهذا ما يضع التجار في حيرة من أمرهم فيما يخص تطبيق بعض القرارات، خصوصا في حال الخلط بين القرارات الرسمية والاقتراحات التي يتم نشرها في الصحف ووسائل الإعلام الأخرى.

وأعلنت وزارة التجارة مسبقا أنها ألزمت جميع الشركات والمؤسسات والمحال التجارية برد السلعة المعيبة أو المغشوشة أو غير المطابقة للمواصفات وإعادة ثمنها للمستهلك، وأن كتابة بعض المتاجر عبارة «البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل» في فواتير المبيعات أو داخل المحال لا تتفق مع الحق النظامي للمستهلك في إعادة السلعة المعيبة أو المغشوشة، وفيه سلب لحق المستهلك، وطالبت الوزارة بسرعة إزالة تلك العبارات من جميع المحال التجارية ومنافذ البيع بشكل عاجل.