«الإجازات» تقلص أرباح «التاكسي» في السعودية 50%

منح عطلة للسائقين تجنبا لارتفاع المصاريف

يقل الازدحام في شوارع الرياض وقت الإجازات (تصوير: خالد الخميس)
TT

لا يبدو موسم الإجازات سعيدا بالنسبة إلى مستثمري قطاع سيارات الأجرة في السعودية، لتسببه في انحسار الطلب عليهم بدرجة كبيرة، انحدرت على أثره الأرباح التي كانوا يجنونها طوال العام، نتيجة انخفاض الطلب عليهم خلال هذه الأيام التي تمر عليهم بشكل صعب.

وعلى الرغم من عودة موظفي القطاع العام والخاص إلى أعمالهم، فإنها لم تشفع لهم في عودة الأمور إلى نصابها الطبيعي، ملزمين بانتظار الحركة الحقيقية التي ستؤثر على ميزان الأرباح إيجابا، وهي عودة الطلبة إلى مدارسهم، الخطوة التي ستكون العودة الحقيقية لجني الأموال من جديد.

واضطرت الكثير من الشركات إلى تخفيض المبلغ اليومي الواجب تحصيله لكل سيارة أجرة، إلى ما يقارب الثلث لعلمهم أن موسم الإجازات غير جاذب تماما لازدهار سيارات الأجرة التي يمتلكونها.

حيال ذلك، يقدر مستثمرون تقلص الطلب على قطاعهم إلى ما يقارب النصف، وأن أغلب زبائنهم من العمالة الوافدة الذين لا يعتمدون عليهم بشكل أساسي في تحقيق الأرباح، ولوحظت حركة متدنية على نقل المواطنين الذين يتجمعون بشكل أساسي حول عوائلهم، ولا يضطرون إلى الاعتماد عليهم في نقلهم.

وأكد عبد الله العليان الذي يدير شركة كبرى متخصصة في قطاع سيارات الأجرة، أن من الأخبار المؤسفة اقتصاديا عليهم حلول أوقات الإجازات، خصوصا ذات المدة الطويلة التي يصومون فور مجيئها عن تحقيق الأرباح، والاكتفاء بأداء متواضع هدفه تغطية تكاليف قسط السيارة ومرتب سائقها، من دون تحقيق أرباح تذكر إلى الشركة، إلا في حالات نادرة يصل فيها الأداء إلى مستويات جيدة، وينظرون إلى الإجازة على أنها أزمة خانقة تمر عليهم بشكل دوري، يعايشونها بصعوبة نظرا إلى أنها الفترة الأكثر تقشفا في جني الأرباح.

وأضاف: «نعتمد في تحقيق الإيرادات على أيام الدوام الرسمي، وبالتحديد أيام الدراسة التي تعيد التوازن المادي من جديد، حيث نعوض ما فقدناه خلال الفترة التي استبقت حلول الموسم الذهبي، وهي نفق مظلم يجب عبوره في كل عام، حيث نعمد فيه إلى منح الإجازات للعمالة، تجنبا لدفع رواتبهم والتكاليف الدورية للسيارة، التي قد نضطر إلى تحملها نتيجة انخفاض أداء السوق».

وفي الشأن ذاته، أكد سلطان المليفي الذي يمتلك نحو 500 سيارة أجرة، أن معظم أصحاب المهنة يعمدون إلى فرض مبلغ يومي معين، يجب تحصيله لتسديد التكاليف واستخراج الأرباح، وما يفيض يعتبر أجر السائق الذي يحصل على نسبة لا بأس بها ترضي معظمهم وتحفزهم على بذل أقصى طاقاتهم، كاشفا عن أنهم يضطرون إلى جدولة الأسعار من جديد عند حلول الإجازات وبالتحديد الصيفية، التي يسودها الكساد الذي يعرقل قدرة العمالة على تحقيق المبلغ المطلوب، نظرا إلى الركود العام الذي يشل القطاع.

وحول المبلغ الذي يفرضونه على العمالة، ومدى ملاءمته لما يبذله السائقون من عناء مستمر في مدينة مزدحمة مثل الرياض، أشار المليفي إلى أن معظم العمالة، إن لم يكن كلهم، يرفضون فكرة الراتب الشهري، الذي وصفه بالمعوق لبذل أقصى درجات التفاني بالعمل، وأن طريقة المبلغ المحدد ينظر إليها بعينين؛ الأولى نظرة الجد لجمع المبلغ اليومي الواجب تسليمه إلى الإدارة، والأخرى تفاوت الطموح الذي يدفعهم إلى تسخير طاقاتهم من أجل تقاضي أعلى أجر ممكن، لافتا إلى أن المبلغ يتراوح ما بين 120 و150 ريالا، تختلف باختلاف نوع السيارة وموديلها، إلا أن الرقم ينخفض اضطرارا ليلامس الثلث ليكون ملائما مع الركود الذي يعاصرونه بشكل منتظم.

ويقول شودري أكبر، وهو سائق أجرة من جنسية آسيوية، إن الحصول على راكب يرغب في التنقل خلال أيام الإجازة أمر لا يتكرر كثيرا. ويؤكد أنهم يعمدون إلى تلبية المشاوير البعيدة لتحصيل مبلغ أكبر من التنقلات القريبة التي قد لا تمكنهم من العثور على راكب آخر، مضيفا: «يلاحظ جميع سكان العاصمة خلو شوارع الرياض من الازدحام، مما يعطي بعدا آخر أن هناك تقلصا موازيا لأعداد الراغبين في التنقل».

ويعتمد سائقو الأجرة حاليا في جني الأموال على خدمة الوافدين الذين يمثلون شريحة صغيرة ممن يهدفون إلى خدمتهم في الأيام الاعتيادية، لاعتماد معظمهم على التنقل بالباصات العامة، وهناك حركة معقولة من المواطنين الذين قل عددهم بشكل لم يكن مفاجئا لهم، نظرا إلى تكراره في كل إجازة تحل عليهم هنا.

من ناحيته، يقلل عبد الرحمن العون، وهو شاب يعمل بسيارته الخاصة كسيارة أجرة، من تأثر أداء القطاع بشكل إيجابي بعودة الموظفين إلى مقار أعمالهم من جديد، لافتا إلى أن تحقيق الأرباح بشكل مجز متوقف على إشراقة شمس أيام الدراسة، التي تدفع بقوة مؤشر أرباحهم إلى مستويات مرتفعة ذات عوائد مجزية، خصوصا بعد توقف دام أكثر من ثلاثة أشهر، وهي فترة ركود كبيرة، وأن سيارة الأجرة كغيرها من المشروعات تشهد مواسم ازدهار ومواسم انخفاض، إلا أن الضمور حاليا يلف القطاع بشكل عام.

وقلل العون من رغبته بالخروج للبحث عن زبائن يوصلهم، مرجعا ذلك إلى رصد أعداد كبيرة من أصحاب سيارات التاكسي الذين يجوبون شوارع العاصمة بأريحية تامة من دون زبائن.