أزمتا مصر وسوريا تتسببان في خسائر كبيرة بقطاع النقل البري السعودي

انسحاب صغار المستثمرين وتراجع الإيرادات 80%

حافلات جاهزة للانطلاق لرحلات سياحية غرب السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

قال مستثمرون في مجال النقل البري بالحافلات الكبيرة إن القطاع اهتز بشكل كبير في الموسمين الأخيرين، وتحديدا في إجازتي فصل الصيف؛ وذلك نتيجة استمرار الأزمات السياسية في الدول المجاورة، خصوصا في سوريا التي تعتبر إضافة إلى كونها مقصدا سياحيا ممرا للعبور إلى دول لبنان وتركيا للسياحة. وأشاروا إلى أن السفر بالحافلات يعد الخيار المفضل لدى أصحاب الدخل المحدود للأسر السعودية والخليجية، على حد سواء، إضافة إلى المقيمين في المملكة الذين يحملون جنسيات الدول المذكورة.

وأكد سالم السالم، عضو اللجنة الوطنية للنقل البري في مجلس الغرف السعودية ورئيس لجنة الحافلات؛ أن الانخفاض في المداخيل تراجع بنسبة تفوق 80 في المائة عما كان عليه الوضع قبل عام 2011، حيث كانت الأمور متيسرة ولم تكن سوريا تمر باضطرابات وصراعات ومشاكل سياسية كما هو الحال الآن. وأضاف السالم في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هناك خسائر فادحة يمر بها هذا القطاع تضرر منها الجميع، في الوقت الذي لا يزال فيه البعض قادرا على البقاء في هذه السوق، فيما فضل آخرون الانسحاب، خصوصا المستثمرين الصغار الذين لديهم عدد 10 حافلات فأقل، حيث انسحب قرابة 20 في المائة على الأقل من هذا القطاع، وتم انضمام حافلاتهم إلى أساطيل الشركات الكبيرة، والتي من جانبها تسعى لإيجاد مخارج من الأزمة التي تمر بها من خلال بحث عدة خيارات لتشغيل أساطيلها من الحافلات. وزاد «بعض الشركات تفتح مجددا مجال السفر إلى اليمن رغم وجود مخاطر كذلك في هذه الدولة، كما أن هناك مساعي لتعزيز حركة الحافلات إلى الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة أو وجهات سياحية محلية أو خليجية أخرى مثل مدينة دبي، لكن الخسارة الكبرى لدى المستثمرين في هذه القطاع تتمثل في استمرار أزمة سوريا وتأثيرها المباشر في الدول المجاورة».

وبين أن المعدل اليومي للحافلات الذي كان يمر عبر منفذ الحديثة الحدودي للسعودية مع الأردن قبل عام 2011، يصل إلى 100 حافلة ذهابا وإيابا، حيث إن الحافلات يتنوع ملاكها ما بين مستثمرين سعوديين أو خليجيين؛ كون السعودية هي المنفذ الوحيد لدول الشام وتركيا وغيرها، لكن للأسف لم يعد يعبر عدا القليل من الحافلات، والمتضرر الأول هو المستثمر.

وأوضح أن الأكثر تأثرا بهذه الأزمة هم المستثمرون الجدد في هذا المجال الذين دخلوا منذ قرابة 5 سنوات تقريبا، وقام العديد منهم باستئجار حافلات طويلة الأمد، لكن لم يعد قادرا الآن على تسديد مستحقات الإيجار عدا كونه قادرا على كسب أرباح.

من جهته، قال سعيد آل سليم، وهو مستثمر في قطاع النقل، إنه «لا أحد يمكنه نكران أو تجاهل تعرض القطاع السياحي المتعلق بالحافلات لضرر كبير في ظل المشاكل التي يعانيها عدد من الدول المجاورة التي تفرض نفسها على أرض الواقع».

وعد آل سليم أن من يلجأون للسفر إلى الدول المجاورة بالحافلات بغرض السياحة أو غيرها، هم من أصحاب الدخل المحدود، لكن لم يعد هناك إلا القليل جدا ممن يرغبون السفر بهذه الوسيلة نظير المخاطر المتزايدة عليهم مثل سوريا أو مصر أو غيرهما، وقال «هذا ما جعلنا نتخذ قرارا بوقف تسيير حافلات إلى بعض الدول التي ندرك أن بها مخاطر أمنية؛ لأن الأمان هو أساس لا يمكن تجاهله».

وأكد أن المستثمرين في أي قطاع يضعون في اعتبارهم احتمالات الربح والخسارة، ففي حال تعرض أي من العاملين لديهم أو من عملائهم لضرر أو خطورة فبالتأكيد ستكون الخسائر مضاعفة. وتابع «نحن بتنا نعتمد على عديد من البرامج السياحية الداخلية، سواء إلى الحرمين الشريفين أو غيرهما من المناطق، لكن المؤكد أن غالبية الراغبين في السياحة الداخلية يركزون على السياحة الدينية، خصوصا في أشهر رجب وشعبان ورمضان إضافة إلى الحج». وأضاف آل سليم «العقود الداخلية مع وكالات متعاقدة مع وزارات عديدة من بينها وزارة التربية والتعليم، وكذلك مع بعض الجهات في القطاع الخاص مثل الفنادق؛ هذه العقود تجعلنا نعوض الفترة الراكدة التي فرضتها الظروف الخارجة عن إرادتنا، وفعلا من خسر كثيرا في هذا الاستثمار هم من يعتمدون عليه في فترة الصيف من مستأجري الحافلات لأغراض سياحية، أما الملاك فالضرر أقل حدة؛ لأن الأمر غير مرتبط بمواعيد سداد محددة للإيجارات».

وبين أن الخيارات باتت قليلة لتشغيل الحافلات خارج إطارات العقود الموقعة مع الجهات المذكورة، وتتركز هذه الخيارات في رحلات السفر الداخلية إلى الأماكن المقدسة وأيضا السياحة في الدول المجاورة، خصوصا دبي. ويبلغ عدد الشركات العاملة في هذا المجال بالمنطقة الشرقية تحديدا أكثر من عشر شركات، غالبيتها عائلية تتركز في الدمام والقطيف والأحساء والجبيل، وتتزايد ما بين حين وآخر أعداد صغار المستثمرين في هذا المجال، خاصة ممن سبق أن عملوا في الشركات الكبيرة وحصلوا على خبرة كافية في كيفية جلب الزبائن وإبرام العقود مع جهات حكومية وخاصة.