شغور 90 ألف مقعد في الجامعات السعودية.. ومختصون: «قياس» السبب

جامعة الملك عبد العزيز: ما يتم عملية تصحيحية للمسار العلمي في بداية مراحله

أحد الطلاب يقوم بتأدية اختبار قياس
TT

أعلنت وزارة التعليم العالي قبول 292 ألفا و78 طالبا وطالبة في 25 جامعة حكومية للعام الدراسي 1434-1435 حتى تاريخ 15 شوال 1434 الموافق 22 أغسطس (آب) 2013. فيما لا يزال هناك 89 ألفا و857 مقعدا شاغرا؛ منها 52 ألفا و66 مقعدا للطلاب، و37 ألفا و791 مقعدا للطالبات.

وبحسب التقرير الدوري لمركز إحصاءات التعليم العالي التابع للوزارة، فإن نسبة القبول حتى تاريخه بلغت 76% من إجمالي خريجي الثانوية العامة للعام الدراسي 1433-1434. وعددهم 383 ألفا و582 طالبا وطالبة. وبلغت نسبة أعداد الطلبة المقبولين في برامج البكالوريوس 70%، و6% للمقبولين في كليات المجتمع مرحلة دبلوم متوسط.

وأوضح التقرير أن المقاعد الشاغرة توزعت حسب نوع المرحلة الدراسية إلى 21 ألفا و667 في برامج الدبلوم المتوسط، و68 ألفا و190 في برامج البكالوريوس. وبحسب نوع الدراسة توزعت إلى 51 ألفا و94 في برامج الانتظام، و38 ألفا و763 في برامج الانتساب والموازي.

في هذا الخصوص رأى الدكتور خالد الدعيلج الشمري، عضو اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي في مجلس الغرف السعودي، أنه لولا تعقيدات اختبارات القدرات والقياس الإجبارية التي لم يستطع الكثيرون من الطلاب والطالبات اجتيازها، لم تكن هذه المقاعد الخالية بهذا الكم.

وبيّن لـ«الشرق الأوسط» أن اختبار القدرات يتطلب قدرة على التفكير والتحليل والقياس والاستنتاج، وإيجاد العلاقات وفهم النصوص المقروءة، وأن اللافت للنظر أن هذا النوع من الاختبارات لم يتدرب عليه أغلب الطلاب خلال سنوات دراستهم في التعليم العام، وهذا ما يفسر تدني درجات أغلب الطلاب في هذا الاختبار، حيث يفاجأون بأسلوبه، ولا يُمكَّنُون من إتقان مهاراته خلال فترة تدريبية بعيدا عن برامج الوزارة وإشرافها.

وقال: «كي نتصور فلسفة الاختبار التحصيلي علينا أن نتذكر أن الطالب يدرس في كل فصل في المرحلة الثانوية كتاب رياضيات، ويختبر في مادته آخر كل فصل لمدة ثلاث ساعات وفي يوم مستقل.. ولو تم اختبار الطالب في محتوى الكتابين خلال ثلاث ساعات في نهاية العام الدراسي لترتب على ذلك مشقة بالغة، فما بالكم إذا قررنا أن نختبره في محتوى ستة كتب؟! وهو ما يدرسه من الرياضيات في ثلاثة أعوام في زمن قدره ثلاث ساعات فقط، فكيف إذا اختزلنا الساعات الثلاث إلى نصف ساعة فقط!».

وتساءل عما إذا تمت إضافة إلى ذلك الاختبار خمس مواد درسها في ستة فصول، بحيث يخصص لكل مادة نصف ساعة فقط، فما النتيجة التي نتوقعها من هؤلاء الطلاب؟

واعتبر خريجي الثانوية «ضحايا» تلقين التعليم العام، وأن المركز تحمّل فوق طاقته، وهذا ما أكدته نتائج اختبارات القياس التي كانت غير مرضية.

واعترض على قدرة الطالب على الاستعداد للاختبار في خمس مواد درس محتواها على مدى ثلاث سنوات، إضافة إلى أن يجري هذا الاختبار في يوم واحد وخلال ساعتين ونصف فقط، مشددا على ضرورة تأهيل وزارة التربية والتعليم طلابها وطالباتها لاختبار القدرات والاختبار التحصيلي بهذه الطريقة وخلال هذا الزمن.

من جهة أخرى، قال لـ«الشرق الأوسط» عصام خليفة، عضو جمعية الاقتصاد السعودي: «سنويا يتجاوز عدد خريجي وخريجات الثانوية العامة 380 ألف طالب وطالبة، والجامعات والمعاهد لا تستطيع استيعاب نصفهم، وسوق العمل لا يرغب في توظيف الباقي بحجة أن تأهيلهم وتدريبهم يحتاج إلى وقت طويل، فإذا كان هؤلاء الخريجون والخريجات مهددين بالبطالة والتقاعد المبكر، فأين سيذهبون؟».

ووصف مشكلة تسجيل الخريجين في الجامعات وتوظيفهم في القطاع الخاص أو الحكومي بالظاهرة التي خرجت عن إطار المعلومات العامة والمشكلات الوقتية، إلى قضية تمس الجانب الاستراتيجي للدولة، وهي بحاجة إلى حلول جذرية، حقيقية ودائمة، لتجنب مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، على المجتمع ككل.

ورأى أن مسألة تعقيد إجراءات تسجيل الخريجين والخريجات في الجامعات بحجة عدم نجاحهم في اختبارات القياس والقدرات، ومشكلة عدم توظيفهم في القطاع الخاص بحجة عدم إلمامهم باللغة الإنجليزية وعدم توفر شهادات الخبرة، إضافة إلى بطء بعض المسؤولين في الدولة في إيجاد حلول لها بحجة أنها مسألة مفروغ منها وأنها قضية سهلة؛ جعل الأمر يتفاقم وجعل المشكلة متفرّعة وخطوطها متشابكة لدرجة أنها صارت تستلزم أرقاما وإحصائيات ولجانا أضاعت وقتا طويلا لدراسة المشكلة منذ بروزها حتى اليوم.

من جهته، نفى الدكتور شارع البقمي، المتحدث الرسمي في جامعة الملك عبد العزيز، تضاؤل نسبة القبول في الجامعة، مؤكدا أن اعتماد حصول نسبة النجاح في اختبار القياس والقدرات حفز الطلاب والطالبات الجادين على تهيئة أنفسهم لدخول الجامعات، وأن الأعداد التي لم تنجح في هذه الاختبارات بإمكانها الذهاب إلى كليات التقنية والدبلومات.

ووصف هذه الاختبارات بالجيدة؛ لأنها تقيس الطلاب من الناحية العلمية ومدى قبولهم للقسم العلمي الذي سيدخلونه من عدمه، وأنها عملية تصحيحية للمسار العلمي في بداية مراحله، ليوجه بوصلته للتخصص الذي يناسب قدراته العملية.