لجان شباب الأعمال تنقل صوت «المبادرين» من المحلية إلى العالمية

يشارك أعضاء منها في قمة رواد الأعمال لدول مجموعة العشرين

TT

يواجه من يعرفون بشباب الأعمال في السعودية كثيرا من التحديات التي تشكل عائقا كبيرا أمام تحقيق آمالهم في بناء مشاريعهم الخاصة، بل كانت سببا في مغادرة بعضهم عالم المال والأعمال والطموح. وعلى الرغم من تلك التحديات والمصاعب، فقد نجح الكثير منهم في تحقيق نجاحات واسعة.

ومن اللافت للنظر أن الغرف السعودية في تنظيمها الداخلي أسست لجنة شباب الأعمال إلا أنها لم يتم تفعليها حتى وقت قريب، إلى أن أطلق عدد من أصحاب الأعمال مبادرات لإعادة إحياء تلك اللجان وتفعيل دورها وتقديم وقتهم متطوعين لمساعدة أصحاب الأفكار التجارية الصاعدة التي كانت توأد بفعل الإجراءات البيروقراطية. ومع تلك المبادرات والمساهمات ظهرت لجان شباب الأعمال على الساحة، وأصبح لها صوت مسموع في العديد من المحافل الاقتصادية سواء على المستوى المحلي أو الدولي.

ومن هنا تقرر أن يشارك عدد من شباب الأعمال السعوديين في قمة رواد الأعمال لدول مجموعة العشرين (G-20Y) التي تنظمها روسيا الأسبوع الحالي، وذلك إلى جانب نخبة واسعة من صناع القرار ورجال المال والأعمال والاقتصاد والمجتمع والمديرين التنفيذيين من جميع أنحاء العالم، في أكبر تجمع اقتصادي يشهده العالم لمناقشة الأجندة الدولية في هذا الشأن خلال الأعوام المقبلة.

ويشير المهندس حلمي نتو، عضو لجنة شباب الأعمال في غرفة جدة - غرب السعودية - إلى أن لجان شباب الأعمال في السعودية خرجت من رحم المعاناة التي تواجه الشباب الطموح الذي رفض أن يركن إلى الوظيفة وبحث عن تحقيق طموحه في تأسيس مشروعه الخاص الذي يجد فيه نفسه، ففي العمل الحر يمكن للشخص أن يطبق أفكاره ونظرياته وفقا لما اكتسبه من الخبرات في المجال الذي يرغب في الاستثمار فيه، مشيرا إلى أن «أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة واجهوا الكثير من التحديات تمثلت في عدم وجود جهة تتبنى أفكارهم وتساعدهم لإنجاح مبادراتهم وأفكارهم، وهذا الأمر ظل لفترة طويلة حتى بدأت تظهر في مدينة جدة نواة لجان شباب الأعمال على الساحة في عام 2006، وبدأت في طرح أفكار وآمال الشباب في تحقيق أحلامهم، وبعد سنوات من العمل الجاد استطاع أعضاء اللجنة إقناع المسؤولين في غرفة جدة بضرورة تبني الأفكار وتقديم الدعم والدفاع عن الشباب ومخاطبة الجهات الحكومية لمساعدتهم على بناء مشاريعهم من خلال تقديم التسهيلات في مجالات الدعم المالي والتراخيص وتخفيض الرسوم حتى تمخضت تلك الجهود عن منتدى اقتصادي في عام 2009 ولأول مره يحمل اسم شباب الأعمال منتدى خاص يمثلهم ويعكس همومهم أمام القطاعين العام والخاص، ومنذ تلك اللحظات تشجعت العديد من الغرف السعودية على إحياء لجان شباب الأعمال، وأصبح لدينا أكثر من 300 عضو في السعودية يشاركون بفاعلية في الأعمال والأنشطة التي تقوم بها لجان شباب الأعمال».

وحول التحديات التي تواجه لجان شباب الأعمال أوضح حلمي نتو أن الإجراءات البيروقراطية في الجهات الحكومية تعد من أكبر التحديات وتؤدي في كثير من الأحيان إلى توقف تلك المشاريع الصغيرة، مشيرا إلى اجتماعات عقدت في هذا الصدد بشأن فتح مواقع خاصة لخدمة شباب الأعمال في القطاعات الحكومية مع تقديم خفض لرسوم التراخيص خلال السنوات الأولى من إطلاق المشروع كنوع من الدعم والتشجيع لهم إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن.

وأضاف أن أعمال الشباب تحقق نموا متسارعا في الفترة الأخيرة، حيث تجد اللجان العديد من الطلبات من المبادرين الذين تواجههم مصاعب ويلجأون إلى اللجان لطلب المساعدة والاستشارة، موضحا أن ممثلي اللجان يتطلعون إلى تقديم دور أكثر فاعلية في المستقبل.

وبين أن الإمكانيات الحالية لدى لجان شباب الأعمال تعد ضعيفة جدا إذ إنها ما زالت عبارة عن عمل تطوعي يفتقد إلى الاستمرارية، وهذا يعد عائقا كبيرا أمام استمرار الأعمال التي تقدمها اللجان نظرا لانشغال الأعضاء المشاركين بأعمالهم الخاصة، مشيرا إلى أن هناك بعض المقترحات المتعلقة بتحويل اللجان إلى عمل مؤسسي منظم ولديه كوادر بشرية مستمرة بالعمل وتتقاضى رواتب مما يسهم في العمل بجدية ويحقق الأهداف التي يتطلع إليها الشباب في قطاع الأعمال السعودي.

وحول لقاءات أصحاب الأعمال أشار المهندس حلمي نتو إلى أن هناك اجتماعات ولقاءات على مستوى محلي بين لجان شباب الأعمال على مستوى السعودية ويتم من خلالها تبادل الخبرات والأفكار إلى جانب اللقاءات الخارجية والتي عادة تتركز على عرض الفرص الاستثمارية التي تتناسب مع حجم أعمال الشباب، كما يتم من خلالها عقد لقاءات وعرض تجارب المشاريع. وفي هذا الصدد لمسنا تعاونا من الغرف التجارية التي تسهم في دعوة شباب الأعمال إلى المشاركة في الوفود التجارية التي تنظمها وتحرص في الغالب أن يكون لها موقع في الجدول الزمني للزيارات المتبادلة في مجال تنمية العلاقات التجارة والاقتصادية.

وأوضح أن «من بين المبادرات التي قدمها شباب الأعمال إقامة المنتديات وورش العمل ودعوة المختصين من الاقتصاديين وأصحاب التجارب الناجحة لاستعراضها بما يضمن استفادة صاحب الأعمال الناشئ من تلك التجارب». وبين أن «اللجان طورت من آلية أعمالها بحيث أصبح رجل الأعمال الناجح يستمع إلى الأفكار التي يقدمها الشباب من خلال اللجان، ويتم العمل على إنشاء شراكة استثمارية بين صاحب الفكرة ورجل الأعمال الذي يبحث عن الفرص التجارية خاصة التي تتميز بالابتكار، ولمسنا استجابة كبيرة من أسماء كبيرة من بين رجال الأعمال يدخلون في شراكة مع شباب الأعمال».

وحول تحديات تمويل المشاريع الصغيرة أشار حلمي إلى أن بعض المبادرات صدرت من بعض البنوك السعودية وصندوق المئوية ومشروع عبد اللطيف جميل وبرنامج ريادة الأعمال وبنك التسليف السعودي، إضافة إلى بعض المبادرات الاجتماعية التي تشجع الشباب على دخول سوق العمل الخاص.

ونوه عضو لجنة شباب الأعمال بأهمية قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة باعتبارها عاملا مهما في النمو الاقتصادي لما ستوفره من فرص وظيفية. وبين حلمي نتو أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة ستظل تعاني رغم النجاحات التي تحققت للكثير منها، حتى يتم التجاوب مع مطالب أصحابها في إنشاء هيئة مستقلة تتولى الإشراف علي أعمالها وتقدم لها الدراسة والدعم المادي والمعنوي، حيث إن وجود هيئة مستقلة لها سيساعدها على النجاح والقيام بدورها في التنمية الاقتصادي، كما أنه من الضروري أن تقدم الجهات الحكومية دعما لأصحاب المشاريع مثل تخصيص جزء المشاريع الحكومية لأصحاب المشاريع والمبادرات الجديدة، وتوجيه الشركات الكبيرة العاملة في المشاريع إلى مساندة قطاع المنشآت الصغيرة لضمان استمراريتها.

ومن المقرر أن يشارك عدد من شباب الأعمال السعوديين في قمة رواد الأعمال لدول مجموعة العشرين (G-20Y) التي تنظمها روسيا الأسبوع الحالي، وذلك إلى جانب نخبة واسعة من صناع القرار ورجال المال والأعمال والاقتصاد والمجتمع والمديرين التنفيذيين من جميع أنحاء العالم، في أكبر تجمع اقتصادي يشهده العالم لمناقشة الأجندة الدولية في هذا الشأن خلال الأعوام المقبلة.

ويأتي هذا المؤتمر تحضيرا لقمة مجموعة العشرين الكبرى التي ستعقد يومين الخامس والسادس من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل في مدينة سان بطرسبورغ الروسية، حيث يسعى المجتمعون من كبار الرؤساء التنفيذيين ورجال الأعمال وشباب الأعمال الرياديين إلى إعداد مجموعة من التوصيات في مجال تحفيز النمو المتوازن والمستقر وضمان الظروف الملائمة لتهيئة فرص عمل جديدة من خلال الاستثمارات، وعرض تلك التوصيات على رؤساء قادة قمة العشرين الكبرى (G-20)، إلى جانب المنظمات الدولية الرائدة مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التعاون والتنمية، والمفوضية الأوروبية، ولجنة بازل للرقابة المصرفية. وسيتحدث الرئيس التنفيذي لشركة «بلوم للاستثمار» السعودية عبد الله الرشود خلال المؤتمر حول الأطر الممكنة في مجال تحفيز النمو المتوازن والمستقر وضمان الظروف الملائمة لتهيئة فرص عمل جديدة من خلال السياسات النقدية المالية، وكيفية بلورة الحوافز للاستثمارات وإزالة العراقيل في وجهها من أجل ضمان فرص العمل واتخاذ تدابير فعالة اقتصاديا في السياسة الرامية إلى تعزيز الابتكار وتشجيع المشاريع الصغيرة، كما سيعرض جملة من التوصيات بشأن السياسات الرامية إلى تحفيز الاستثمارات.