أسرة سعودية تحترف الفنون التشكيلية وتحصد جائزة عكاظ للخط العربي على يد أحد أبنائها

بدأ بتزيين جدار المدرسة واستفاد من خبرات أمهر الخطاطين العرب والمسلمين

محمد خلال تنفيذه أحد أعماله الفنية («الشرق الأوسط»)
TT

تحترف أسرة سعودية فنون التشكيل والحرف اليدوية، فالأب يحترف فن النجارة ونحت الخشب وتطريز الملابس، والإخوة والأخوات ما بين إتقان فن الخط العربي والرسم والغرافيك والإخراج المرئي والمسموع، تلك البيئة المحفزة على الإبداع وإطلاق المواهب كانت حاضنة لفوز ابن الأسرة محمد أمجد بجائزة عكاظ للخط العربي في دورتها الحالية.

يتحدث محمد عن تلك البيئة الأسرية بالقول: «لعائلتي دور رائد في خطواتي الفنية والمهنية، فقد نشأت في أسرة كل أفرادها لهم هوايات وحرف فنية يدوية تعتمد على الدقة والإتقان، وترعرعت موهبتي وازدهرت معها مواهب إخوتي جميعا في فنون أخرى إبداعية، فلي إخوة وأخوات خطاطون وفنانون احترفوا الخط، فوالدي يهوى فن النجارة ونحت الخشب وتطريز الملابس، وكان يمتهن هذه الحرف، وقد اكتسبت الدقة اليدوية منه، وأخي يحترف الرسم والغرافيك والإخراج الطباعي والتصوير الفوتوغرافي، وأخي الآخر يهوى الإخراج المرئي والمسموع والهندسة الصوتية، والكل يشجع الآخر على الاستمرار في مواهبه، فضلا عن حفظ الأسرة كاملة لكتاب الله الذي نسج هذه المواهب حول مائدته».

محمد ابن مكة المكرمة الذي شغف بفن الخط العربي منذ نعومة أظفاره بدأ صقل موهبته خلال فترة دراسته بالتعليم العام؛ حيث كان يعلم أقرانه فن الخط العربي، وتتزين جدران مدرسته حتى الآن ببداياته الفنية في رسم الحرف العربي، لتصل به تلك الرحلة من الولع بفن الخط في المرحلة الجامعية بأم القرى لمحاكاة مدارس فنية لكبار الخطاطين المعروفين في مجال الصنعة، كالخطاط المصري الشهير محمد البرنس خطاط المسجد الحرام.

ويؤكد محمد تعلقه في تلك الفترة من حياته بطريقة الخطاط الشهير حامد الآمدي، رحمه الله، مؤكدا محاولاته في تقليد طريقته في الخط، خصوصا في خط جلي الثلث، عبر اطلاعه على الكثير من الرسومات التي احتوتها مخطوطات كتب القرنين التاسع عشر والعشرين.

وزاد: «بعد فترة تعرفت على الأستاذ حسن جلبي من تركيا، حفظه الله وأمد في عمره، وبدأت آخذ منه الثلث والنسخ على أصول وقواعد فن الخط العربي بطابعه التقليدي الكلاسيكي، وتعرفت على الكثير من الفنون المصاحبة لفن الخط، واطلعت على آثارهم ومجموعاتهم الخاصة».

وأشار محمد إلى استفادته من خبرات الكثير من أساتذة الخط العربي في العالمين العربي والإسلامي، وبلوغه مرحلة من الإلمام بدقائق الصنعة وتفاصيلها، لافتا إلى تمكنه حاليا من تطعيم أسلوب مماثل للمنهج الأصيل للخط، من حيث صور الحروف والمتانة والاسترسال والصقل ومفهوم التراكيب الخطية الأصيلة في فن الخط.

وتعد جائزة عكاظ للخط العربي تتويجا لمسيرة من الإنجازات والنجاحات التي حققها محمد أمجد خلال مسيرته مع الخط العربي، حيث كانت مشاركته الأولى في سن 12 سنة بالمسابقة الدولية لفن الخط العربي بإسطنبول، وحصد آن ذاك أول جائزة دولية تمثلت في جائزة خط الثلث، تلاها الفوز بمسابقة المملكة التي تقيمها وزارة المعارف (التربية والتعليم حاليا) بتحقيقه المركز الأول لثلاث سنوات متتالية، عقب ذلك توالت المشاركات في المعارض الجماعية للخط العربي.

وحول تلقيه خبر فوزه بالجائزة يقول محمد أمجد: «على الرغم من حصولي على الكثير من الجوائز الإقليمية، فإن جائزة سوق عكاظ تعد الأهم ولها مكانة خاصة في نفسي، لكونها تحتل مكانة كبيرة بين الجوائز العالمية، وتحمل الموروث التاريخي والثقافي»، مؤكدا أن تلك الجائزة تلقي على عاتقه مسؤولية بذل المزيد من العطاء في مجال الخط العربي.

ويشدد محمد على أن حلمه لم يتحقق بعد والذي يتمثل بالمشاركة في خط كسوة الكعبة المشرفة، وقال: «أعتقد أن الكتابة على كسوة الكعبة المشرفة أمنية كل خطاط معاصر في العالم، وأن يكون خطه فيها وتعلق على أقدس بيت لله تعالى في الأرض وهو شرف كبير لمن حظي بالكتابة فيها، أسأل الله أن يمن علي بهذا الشرف العظيم».

وينظر محمد أمجد إلى مستقبل الخط العربي بالتأكيد على أنه بات يحظى بإقبال عالمي، بعد أن حجز له موطئ قدم في أشهر المعارض العالمية للفنون التشكيلية في أوروبا وأميركا، مؤكدا أن تسويق أعمال فناني الخط العربي بات أمرا ميسورا، بالإضافة إلى الإقبال والانتشار الذي حظي به ذلك الفن.

يشار إلى أن فن الخط العربي يحظى بتعدد المدارس الفنية ذات الأساليب المختلفة والمتباينة فيما بينها من حيث رسم الحرف العربي وزخرفته، ولعل من أشهر تلك المدارس الفنية في الخط العربي المدرسة العربية البغدادية، والمدرسة الشامية، والمدرسة المصرية، والمدرسة العثمانية، وجميعها مدارس عريقة لها تاريخها ومميزاتها.