مجلس الوزراء يمنح الأسر السعودية الطمأنينة بحق الإقامة الدائمة للأمهات الأجنبيات

سلافة من بيروت: القرار يربطنا بأبنائنا ويحفظ حقوقنا

TT

تلقت سحر عبد اللطيف (مصرية الجنسية) ذات الـ32 عاما والأم لابنتين سعوديتين من أب سعودي، قرار مجلس الوزراء السعودي أمس والخاص بحق الأمهات الأجنبيات لأبناء سعوديين الحصول على الإقامة الدائمة في السعودية دون الحاجة إلى كفيل، وتحمل الدولة رسوم إقامتهن، بإنصات شديد وأسئلة متكررة لتمحيصه في ذهنها والخروج بشعور يتوافق مع الحدث. وكانت السعادة الغامرة رد فعلها النهائي، حيث إنها كانت أمام خيار وحيد من قبل إذا أرادت البقاء مع أسرتها والعمل بحرية في المملكة وهو التنازل عن جنسيتها والحصول على جنسية زوجها.

جاء القرار ليسمح أيضا للأم غير السعودية بالعمل لدى القطاع الخاص، لتحسب ضمن نسب السعودة، كما حذف المجلس الفقرة 3 من قرار مجلس الوزراء رقم 1215 المتعلق بأرامل السعوديين غير السعوديات ممن لهن أبناء سعوديون، ونصها «أن يكون لها كفيل وفقا لما يقتضيه نظام الإقامة»، وكذلك حذف الفقرة 5 من ذلك القرار، ونصها «أن يتعهد الكفيل بالإنفاق عليها إذا لم تتمكن من العمل لمانع نظامي»، بالإضافة إلى أن تعامل أم الأولاد السعوديين غير السعودية معاملة المواطنة السعودية من حيث الدراسة في التعليم العام والجامعات والعلاج في المستشفيات الحكومية.

أمام هذا القرار تقف سلافة السناري (لبنانية الجنسية) ذات الـ40 عاما، والتي لها أربعة أبناء سعوديين، واضطرت إلى السفر خارج السعودية بعد طلاقها من زوجها السعودي، مهللة ومستشبرة بالخبر بسعادة غامرة؛ نظرا لأن سفرها وبُعدها عن أبنائها كان رغما عن إرادتها، وكان الطلاق سببا في عدم وجودها في السعودية بشكل نظامي، وقالت «عشت ما يقارب عشر سنوات لا أرى أولادي إلا حين قدومهم إلى لبنان، وهذا القرار سيكون بمثابة طوق نجاة وحلقة وصل بيني وبين أبنائي الذين حرمت منهم بسبب الطلاق وعدم وجود مخرج لبقائي بجوارهم طيلة هذه الأعوام».

في هذا الخصوص أوضح لـ«الشرق الأوسط» الدكتور إبراهيم الأبادي، المحامي والمستشار القانوني، ترقب القانونيين منذ زمن بعيد صدور قرارات مثل التي أصدرها مجلس الوزراء، والتي تدعم الأسرة السعودية، وتزيل عنها عناء وجود كفيل خاصة في حالات المطلقات والأرامل، لافتا إلى أن الأوضاع السابقة كانت تُوجد نوعا من الفُرقة داخل الأسرة، وتزيد من شعور المرأة غير السعودية التي لها أبناء سعوديون بأنها مقيدة في إقامتها وعبء على أبنائها أو على الكفيل الذي سيمنحها الإقامة.

ولفت الأبادي إلى أن هذه القرارات ستمنح الأسر السعودية الكثير من الطمأنينة، خاصة إذا كان الأبناء صغارا في السن، بالإضافة إلى تقنين المشكلات الحقوقية وتوثيق عملية الإقامة دون حيل، والحد من التجني على حقوق المطلقات والأرامل.

واعتبر صدور كثير من القرارات التصحيحية التي تدعم الأسر السعودية وتحميها بشارة خير لقرارات أخرى قادمة تمت المطالبة بها، متطلعا إلى أن ينظر مجلس الوزراء إلى إصدار قرارات لجمع شمل الأسر التي توجد بها عناصر غير سعودية، مثل تفعيل منح أبناء السعوديات الجنسية، ومنح زوج السعودية إقامة دائمة.

ومن جانبه، أكد الدكتور توفيق السويلم، رئيس مجلس إدارة جمعية «أواصر» الخيرية لرعاية الأسر السعودية بالخارج، أن هذه الإجراءات النظامية خطوة من الخطوات الإيجابية لتنظيم العلاقة الأسرية.

وأشار إلى أن جمعية «أواصر» تتعامل مع سبعة آلاف شخص من الأسر المنقطعة التي خاضت تجارب الزواج غير الموفقة، موزعين على أربع مناطق وهي دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية والدول الشرق آسيوية إضافة إلى الدول الغربية.

وبين السويلم أن الجمعية تعمل على تصحيح أوضاع الأسر السعودية المنقطعة في الخارج وإعادتهم إلى أرض الوطن إن أمكن ذلك، ومساعدتهم في استخراج وثائقهم الرسمية والسعي لدمجهم في المجتمع، وإيجاد حلول عملية وبناءة لأوضاع الأسر السعودية المنقطعة والمتعثرة في الخارج، ومد يد العون لهم ومساعدتهم للعودة.

من جهة أخرى، أكد الدكتور حسين الشريف، المشرف العام على الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في منطقة مكة المكرمة، أن هذا القرار خطوة إيجابية في طريق تعزيز حقوق المتزوجة من سعودي، والتي لها أبناء سعوديون على وجه الخصوص، وتعزيز ما نصت عليه إحدى مواد النظام الأساسي في الحكم والمتعلقة بوحدة الأسرة.

وبيّن أن هذا القرار خطوة جيدة، ورغم أن النظام يسمح للمرأة غير السعودية التي لها أبناء سعوديون في الأصل بالحصول على الجنسية السعودية بعد استيفائها بعض الشروط، إلا أن القرار الجديد يتيح لها أيضا الحصول على الإقامة الدائمة واحتفاظها بجنسيتها. ولفت الشريف إلى ترقب الآليات والإجراءات التنفيذية لهذا القرار، في ظل وجود العديد من التساؤلات التي منها وضع الزوجات غير السعوديات اللاتي تم عقد نكاحهن بطريقة غير نظامية ومن دون الحصول على تصريح الزواج، آملا أن تكون الإجراءات التنفيذية واضحة.

وتطلع إلى أن تؤخذ خطوات إيجابية أخرى في مسار حصول أبناء المواطنة السعودية المتزوجة من أجنبي على الجنسية السعودية، مشيرا إلى أنه رغم صدور القرار السابق المتعلق بأبناء المرأة السعودية المتزوجة من أجنبي جيد، فإنه يظل لا يمنح هؤلاء الأبناء الجنسية السعودية.

وأكد أن جمعية حقوق الإنسان منذ تاريخ افتتاحها وهي تستقبل شكاوى كثيرة تتعلق بأمهات لسعوديين؛ خاصة لحالات تم فيها الزواج دون الموافقة الرسمية، أو أن تكون الزوجة قد دخلت السعودية بطريقة غير نظامية. هذا بالإضافة إلى حالات يتم فيها الزواج خارج السعودية وينتج عنه أبناء، وتظل الأم في الخارج بينما ينتقل أبناؤها للعيش في السعودية مع والدهم.

من جهته، ثمّن الدكتور عمر الخولي، أستاذ القانون في جامعة المؤسس الملك عبد العزيز، هذه القرارات التي تنعكس إيجابا على كل من ستسري عليهم من حيث الشعور بالأمن والاستقرار والوحدة.