إطلاق أول خط ساخن لتقديم الاستشارات للأطفال وحمايتهم من الإيذاء

الشهري لـ «الشرق الأوسط»: جرى اختيار مستشفيات لتقديم التوعية للأمهات وأطفالهن

عدد من الأطفال لدى مغادرتهم إحدى مدارس العاصمة الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

يجري العمل في السعودية على إطلاق خدمة خط ساخن يحمل الرقم «116111» لتقديم الاستشارات للأطفال ومقدمي الرعاية لهم، التي تعد أول خدمة من نوعها تنفذ في السعودية وذلك بعد صدور قرارات مجلس الوزراء بالموافقة على قانون الحماية من الإيذاء، ومشروع حماية الطفل، وهما اللذان يعملان على ضمان توفير الحماية من الإيذاء بمختلف أنواعه، وتقديم المساعدة والمعالجة والعمل على توفير الإيواء والرعاية الاجتماعية والنفسية والصحية والمساعدة اللازمة لذلك، واتخاذ الإجراءات النظامية بحق المتسبب في الإيذاء ومعاقبته.

وكشفت لـ«الشرق الأوسط» فاطمة الشهري، مديرة قسم الخدمات المجتمعية في برنامج الأمان الأسري، عن أنه تم اختيار مستشفيات لتقديم التوعية للأمهات والأطفال في الأماكن العامة، إلى جانب ورشات عمل للأطفال لشرح سبع خطوات للحماية الشخصية من الإيذاء الموجه للأطفال وتوعيتهم عبر خط ساخن مجاني لتقديم الاستشارات للأطفال ومقدمي الرعاية لهم.

وأضافت الشهري أن لديهم حملة من خلال مراكز التنمية الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية لأنها المسؤولة عن مراكز الأحياء والأطفال الذين قد يكونون أكثر عرضة لمسألة التحرش من ذوي الدخل الضعيف وسكان المناطق العشوائية، مضيفة أن برنامج الأمان الأسري الوطني له ثلاثة أهداف رئيسة هي: تدريب المختصين والعاملين في مجال حماية الطفل على مهارات الاكتشاف وآلية التعامل مع حالات الأطفال، وعمل البحوث والدراسات في مجال العنف الأسري، إضافة إلى التوعية المجتمعية عن طريق الحملات المبنية على أسس مدروسة تنتقل من نطاق التجربة الميدانية إلى حملة على نطاق واسع ويتم نشرها من خلال إحدى الوزارات مثل وزارات التربية والتعليم أو الصحة أو الشؤون الاجتماعية.

واعتبرت الشهري أن خط المساندة الساخن قناة توعوية تربوية نفسية للطفل، يعمل على تقديم الاستشارات للأطفال ومقدمي الرعاية لهم، ويعمل من التاسعة صباحا حتى التاسعة مساء، ويعمل على تقديم الاستشارات من أخصائيات واجتماعيات وتربويات وقانونيات مؤهلات لتقديم الاستشارات فيما يخص تربية الأطفال والمشكلات السلوكية والنفسية والاجتماعية التي من الممكن أن يقع فيها الأطفال، وتكون مؤشرا لحدوث الإيذاء.

إلى ذلك، ذكر لـ«الشرق الأوسط» الدكتور إبراهيم الإبادي، المستشار القانوني والمدعي العام سابقا، أن قانون الحماية من الإيذاء الذي صدر في 26 أغسطس (آب) الماضي والذي تم إقراره من مجلس الوزراء ويتكون من 17 بندا، كان دمجا لقانون الحماية من التحرش مع قانون الحماية من الإيذاء، للخروج بقانون واحد تكون فيه أقصى عقوبة بالسجن لمدة عام وغرامة 50 ألف ريال.

وأضاف أنه ما زال ينتظر أن يصدر قانون خاص بالتحرش الجنسي بالأطفال ملازم لقانون الحماية من الإيذاء ينص على مسألة التحرش ويعطي عقوبات أشد، أسوة بقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، الذي توجد فيه عقوبات رادعة وقوية، فهو يرى أن الطفل الذي هو أساس المجتمع يجب أن يطبق على المعتدي عليه عقوبات أكثر صرامة ومشددة، وأن يجعل المجتمع واعيا بهذه الجريمة وبالعقوبات التي ستطبق بشكل صارم ليس فيه مجاملات.

وبين أن قانون الجرائم الإلكترونية تصل فيه العقوبات إلى ثلاث سنوات سجنا ومليون ريال غرامة وتزيد إلى خمس سنوات سجنا وخمسة ملايين غرامة، و«مسألة التحرش بالأطفال تحتاج إلى مثل هذه العقوبات الرادعة للعناية بالأطفال وحماية حقوقهم».

وفي هذا الخصوص، أقامت الدكتورة نادية نصير، الاستشارية الأسرية والتربوية، برنامجا توعويا خاصا مقدما لأطفال المراحل الدراسية الأولى الابتدائية من الصف الأول إلى الثالث الابتدائي، تحت اسم: «عن طريق حواسي أحمي نفسي».

وأوضحت نصير أن هذا البرنامج التطوعي يعلم الأطفال كيف لهم أن يستخدموا حواسهم في حماية أنفسهم من الإيذاء والتحرش الجنسي، بهدف توعيتهم بخطورة هذا الموضوع وتدريبهم على كيفية التصرف حيال ذلك بمساعدة الحواس الخمس وأهمية هذه الحواس في الدفاع عن النفس وتمييز المواقف.

وقالت: «أدرب الأطفال في هذا البرنامج على الارتباط الشرطي، أي إنه في حال تعرضه لمحاولة تحرش من شخص ما، فلا بد من أن يستخدم حواسه للدفاع عن نفسه من خلال استخدام الصوت للصراخ وطلب العون، والأقدام للركل ومن ثم الجري، وبهذه الطريقة ترتبط هذه المعلومات بذهن الطفل ولا يمكن أن ينساها في كل مراحل عمره المختلفة، التي تعلمه كيف يدافع عن نفسه».

وأكدت مدى تقبل الأطفال هذا البرنامج الترفيهي التوعوي واندماجهم معه واستحسانه من قبل الأمهات اللاتي طالبن بتطبيقه بشكل دوري في جميع مدارس المملكة لتوعية الأطفال والوالدين في الوقت نفسه، نظرا لأن كثيرا من الآباء والأمهات يجهلون كيفية توعية الأطفال بحماية أنفسهم وتعاملهم مع من يحاول أن يتحرش بهم.

من جهتها، أكدت نادية فقيه، مالكة إحدى المدارس في جدة، حرصها على تقديم برامج توعوية للأطفال بطريقة ترفيهية من خلال قصة تدور بين شخصيات في مسرح العرائس، لتوجيه الطلاب وتدريبهم على كيفية التصرف في مثل هذه المواقف، وأهمية إخبار والديهم بما يحدث معهم.

وبينت أن المدرسة بكامل طاقمها التعليمي مسؤولة عن متابعة تصرفات الأطفال وسلوكهم وإبلاغ الإدارة بأي تصرف غير لائق من الأطفال، التي تؤكد غالبا حدوث تحرش بهذا الطفل، لافتة إلى أن الإدارة بدورها تقوم بإبلاغ الأم وتنبيهها، إلا أن بعض الأمهات يتجاهلن هذه المواقف نظرا لعاطفتها وكثرة انشغالاتها، وفي هذه الحالات لا يكون أمام المدرسة أي خيار إلا إبلاغ الأب الذي يلاحظ دوما تصرفه بشكل سليم.

وشددت على ضرورة توجيه المدارس، خاصة المراحل الابتدائية، بمتابعة سلوك الأطفال وإبلاغ أولياء أمورهم وتوفير برامج توعوية وتثقيفية مناسبة لأعمارهم، إلى جانب برامج لأولياء الأمور لتعريفهم بكيفية التعامل مع مثل هذه المواقف ومتابعتهم وتوعيتهم في المنزل.