الرقصات الشعبية.. تعبير فرح على إيقاعات وطن

السعوديون يعبرون عن إرثهم الحضاري وتنوعهم الثقافي

جانب من استعراضات اليوم الوطني العام الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

تعد السعودية بلدا غنيا بالألوان التراثية والفنية والشعبية الضاربة في عمق التاريخ، وساعد في تنوع موروثها الشعبي اتساع رقعتها الجغرافية، والتمايز بين ثقافاتها المحلية، عبر تنوع الثقافات والحضارات التي احتضنتها أراضي الجزيرة العربية منذ آلاف السنين، مما ترك إرثه الحضاري والإنساني في التعبير الاحتفالي لدى ساكني مناطق البلاد.

وتأتي الاحتفالات التي تطلقها أمانة العاصمة السعودية الرياض في المناسبات العامة كعيد الفطر والاحتفاء باليوم الوطني، لتقدم مزيجا من ذلك التنوع الثقافي والحضاري للموروث الشعبي لأبناء البلاد.

ولعل تمازج الكثير من أبناء القبائل والمناطق الذين اتخذوا من العاصمة مستقرا لهم للعمل والإقامة، شكل حجر الزاوية في ذلك التمازج الثقافي، فلم تعد الرقصات الشعبية مقتصرة على أبناء المنطقة في احتفالاتهم الخاصة، بل يشاركهم فيها أبناء المناطق الأخرى.

وتشكل تلك الرقصات الشعبية إرثا حضاريا لدى الإنسان السعودي، حيث تعكس صورته الذهنية في التعبير عن مشاعر الفرح في المناسبات العامة، من حفلات زواج ومواليد، امتدادا إلى التعبير عن الانتماء للوحدة المكانية والتلاحم الوطني، في حين ترسم كل منطقة من مناطق البلاد ملامح متباينة عن الأخرى في صور رقصاتها الفلكلورية.

فتتميز منطقة مكة المكرمة عن غيرها من مناطق السعودية بتنوع الموروث الشعبي نظرا لمساحتها الشاسعة والتنوع في التضاريس، التي عادة ما ترتبط بالموروث، فالمحافظات الساحلية في المنطقة تختلف عن نظيراتها من المناطق الجبلية، حيث لكل منها فنها الشعبي.

ومن تلك الفنون العرضة والمزمار والمجرور والخبيتي، إضافة إلى السمسمية والخطوة وغيرهما من الفنون الشعبية التي تزخر بها المنطقة وسيستمتع بها الحضور مشاركة ومشاهدة.

وبحسب إسماعيل الحسناوي مؤلف «موسوعة الفلكلورات والأهازيج الشعبية وإيقاعاتها المختلفة في السعودية»، فإن الفنون الشعبية في الحجاز تشمل ألوانا من الرقصات الشعبية، ومن أهمها: المزمار، المجرور، المجالسي، الخبيتي، الحدري، الدانات والفلكلورات الشعبية والمواويل، المجسات، زفة العريس، الإنشاد الديني، الغناء المكي والتواشيح المكية (الصهبة)، الجوك، التزهيد، المسحراتي، الينبعاوي، السمسمية، العجل، صهباء بحري، رقصات القصبة والرديح والتقاطيف، الزير، غناء الرودمان ورقصات القصيمي، التعشير، يلي، الرد، الحصاد، الزار، الحرابي، وجميعها فنون تختلف من حيث وقت أدائها وطبيعة الإيقاعات المصاحبة لها.

وتتميز المنطقة الوسطى من السعودية، نجد تحديدا، بفنون شعبية تأتي في مقدمتها العرضة والسامري والخبيتي، ولكل منطقة من مناطق نجد طريقة تتميز بها عن غيرها في تلك الفنون، وذلك على الرغم من تشابه أسمائها.

وفي المنطقة الشرقية على سواحل الخليج العربي تأتي فنون العرضة البحرية، العدساني، البحري، العاشوري، والحساوي، وهي فنون أقرب إلى روح البحر وسنوات الغوص التي اشتهر بها سكان المنطقة.

وفي المنطقة الشمالية، تتميز مدينة تبوك وحائل بفنون شعبية تعتمد على الربابة، وفن الحداء، والمراد، بالإضافة إلى رقصة الدحة، ولعل انتشار القبائل البدوية في تلك المناطق كان له الأثر الأبرز في نوعية تلك الرقصات الشعبية وطريقة التفاعل معها.

وتحتضن المنطقة الجنوبية من السعودية فنونا شعبية تعتمد على حركة الجسد وفق إيقاعات الطبول، ففي عسير تشتهر الخطوة العسيرية، ورقصة السيف لأهل الساحل في جازان، في حين تأتي فنون الرمة، الدلع، القزوعي، الرزحة، المسحباني، الطارق، والدبش كأنواع من الرقصات الشعبية المعبرة عن الثقافة الحضارية لإنسان الجنوب.