السعودية على موعد مع لائحة تنظيمية لتجويد خدمات القطاعات الحكومية

تهدف إلى تحديد مكامن الخلل في الأجهزة والمؤسسات

تسعى اللائحة إلى تحديد مراكز القوة في الأجهزة الحكومية ومعالجة الخلل (تصوير: خالد الخميس)
TT

لم يعد قياس الأداء في القطاع الحكومي ترفا في حد ذاته، بل أصبح ضرورة ملحّة لتحسين وتجويد الخدمات المقدمة، وذلك عبر الاطلاع على أفضل التجارب والممارسات العالمية التي تؤكد أن القياس المؤسسي الفاعل كان وراء النجاحات التي تحققت في القطاعات الحكومية في بعض الدول التي استطاعت تشخيص أهم التحديات التي تواجه تنميتها الإدارية، وبالتالي بناء رؤية تتلاءم مع متطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية لكل قطاع من قطاعات الدولة. وكشف الدكتور مشبب القحطاني مدير عام مركز قياس الأداء للأجهزة الحكومية في السعودية لـ«الشرق الأوسط» عن قرب انتهاء جهازه من إعداد اللائحة التنظيمية لمشاريع وبرامج قياس أداء الأجهزة الحكومية، والرامية إلى تحديد الإطار العام لمنهجية التعامل مع تلك القطاعات، بالإضافة إلى التنظيم الداخلي للمركز، بالتعاون مع أجهزة حكومية تشمل الوزارات والمؤسسات العامة والمصالح الحكومية والهيئات وإمارات المناطق. وشدد مدير عام مركز قياس الأداء للأجهزة الحكومية، على أن المركز يهدف في المقام الأول إلى خدمة الأجهزة الحكومية وليس الرقابة بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى السعي الجاد للوصول إلى مكامن الخلل وتشخيصها، وبالتالي علاجها، وفي الوقت نفسه تحديد مراكز القوة وتعزيزها، وذلك على مستوى جميع قطاعات الدولة، مشيرا إلى أن المركز في طور اختيار المنهجيات المناسبة لتطبيقها على أرض الواقع كإحدى الركائز الرئيسة في عملية قياس أداء تلك القطاعات. وأشار الدكتور القحطاني إلى أن المركز استعان ببيوت الخبرة العالمية في مجال الأداء والتوازن في عملية القياس ببعض مشاريع المركز، مشيرا إلى أن هذا التوجه جاء من باب الحرص على نقل التقنية، وبالتالي توطينها محليا، مؤكدا الانتهاء من تجهيز فريقين بكوادر وطنية مؤهلة لتصميم برامج مخصصة لقياس أداء الأجهزة الحكومية.

وحول ما يتعلق بماهية برامج القياس التي يعمل عليها المركز، ومدى تأثيرها في أداء القطاعات الحكومية، أوضح الدكتور مشبب القحطاني أن العمل جارٍ على قدم وساق لتنظيم البناء الداخلي للمركز بميزانية مخصصة لكل مشروع، والسعي للوصول إلى مقياس حقيقي لتحديد مدى القصور في أي جهاز حكومي، وذلك من خلال النظر في اللوائح المعمول بها في كل قطاع، بالإضافة إلى الموارد المالية والنواحي التدريبية، وهذا ما يطبق فعليا حتى على مستوى القطاع الخاص، وذلك للوصول إلى مصدر الخلل ومعالجته، وبالتالي مساندة قطاعات الدولة وتعزيز مصادر قوتها.

وفي السياق ذاته، نشرت «الشرق الأوسط» منتصف يوليو (تموز) الماضي دراسة سعودية حديثة، كشفت عن 11 توصية لتحديد الإطار العام لمنهجية علمية لقياس أداء الأجهزة الحكومية، وتحديد مدى فاعليتها، والعمل على بناء منظومة متكاملة مدعومة بالبرامج المتطورة لقياس أداء أجهزة ومنظمات القطاع الحكومي في السعودية. الأمر الذي دعا مركز قياس الأداء لعمل مسح يمثل جميع الأجهزة الحكومية التي تصدر لها ميزانية مستقلة ضمن قوائم وزارة المالية التي يبلغ عددها 175 جهازا حكوميا، في الوقت الذي ما زالت فكرة قياس الأداء الحكومي غير واضحة لدى بعض القطاعات والمهتمين في هذا الشأن.

وتعرض هذه الدراسة النتائج الأولية للدراسة المسحية لقياس وإدارة الأداء التي تجري حاليا على أجهزة القطاع الحكومي في السعودية، إذ تمثل جزءا من دراسة تجريبية لاختبار أحد مناهج القياس المقترحة، والتحقق من مدى مصداقيتها في قياس عدد من جوانب الأداء في القطاع الحكومي، حيث يتمثل الهدف من هذه الدراسة في وضع أساس منهجي لقياس إنتاجية وفاعلية الجهاز الحكومي، والوقوف على مستوى التطور في معدل الإنتاجية والفاعلية، ومن ثم تشجيعها على تحقيق مستويات أفضل.

وترتبط هذه الدراسة بالجهود التي يبذلها مركز قياس الأداء في الأجهزة الحكومية ليتولى مهمة إعداد التقارير حول مستوى الأداء في منظمات القطاع الحكومي في الدولة، ومن ثم استخدام هذه المعلومات، حيثما أمكن تقديم المشورة حول سبل تحسين أداء تلك المنظمات، ويتم دعم مركز قياس الأداء في الوقت الحالي من قبل معهد الإدارة العامة، وهو مؤسسة عامة تتولى مسؤولية تقديم التدريب المتخصص والمشورة في مجال الإدارة العامة للقطاعات الحكومية داخل البلاد.