تشريعات جديدة تنتظر بيئة التجارة الإلكترونية في السعودية

نمو متزايد تقدره إحصاءات حديثة بـ199%

نمو لقطاع التجارة الإلكترونية في السعودية سجل 199% خلال عامي 2012 و2013 («الشرق الأوسط»)
TT

تترقب الأوساط التجارية السعودية سن تشريعات جديدة لتنظيم قطاع التجارة الإلكترونية، تصدرها وزارة العمل بما يخدم القطاع، الذي شهد خلال السنوات القليلة الماضية نموا مطردا، حيث تقدر أحدث الإحصاءات الرقمية نموه بما يقارب 199 في المائة، خلال عامي 2012 و2013، في حين تحتل المملكة المرتبة الثانية خليجيا بعد دولة الإمارات، من حيث حجم التعاملات التجارية الإلكترونية.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن أن وزارة العمل مهتمة حاليا بتنظيم بيئة التجارة الإلكترونية، خاصة بعد قيامها بتأسيس وحدة متخصصة للتجارة الإلكترونية داخل الوزارة، التي من المتوقع أن تكون النواة الأولى لوضع إطار نظامي للتعامل بالتجارة الإلكترونية، إلى جانب متابعة تطورات التجارة الإلكترونية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وبناء قاعدة معلومات متخصصة عن التجارة الإلكترونية وتطبيقاتها العملية في السعودية.

يأتي ذلك بعد مطالبات سابقة من قبل العاملين في مجال التجارة الإلكترونية بتوفير بيئة متقدمة تقنيا ونظاميا لهذا القطاع.

وأكد سلطان المالك، المتحدث الرسمي لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، أن وضع الأنظمة والتشريعات، أمر من اختصاص وزارة التجارة، مؤكدا أن الهيئة لا علاقة لها بمجال التجارة الإلكترونية.

من جانبه، أوضح عبد الكريم الزميع، مدير الشؤون الإعلامية والتوعية في برنامج التعاملات الإلكترونية الحكومية (يسر)، أن البرنامج لا يخدم قطاع التجارة الإلكترونية بشكل مباشر، قائلا: «كل ما هو إلكتروني يعتبر أسلوب تعامل، لكن المسؤول عن التجارة الإلكترونية أو التجارة التقليدية هي وزارة التجارة، تماما مثلما نتحدث عن الصحة الإلكترونية، فإن المسؤول عنها هي وزارة الصحة»، إلا أنه يفيد بأن برنامج التعاملات الإلكترونية يدعم التجارة الإلكترونية بشكل غير مباشر، من حيث انتشار المفهوم والأحكام والضوابط المتعلقة بالمعاملات الإلكترونية إجمالا، حسب قوله.

وفي السياق ذاته، التزمت وزارة التجارة والصناعة السعودية الصمت، مقابل تلك الأخبار التي تتواتر حول البيئة التشريعية الجديدة للتعاملات التجارية الإلكترونية بالبلاد، على الرغم من تكرار محاولات التواصل مع وكيل وزارة التجارة والصناعة للتجارة الداخلية، للاستيضاح أكثر حول ذلك ومعرفة ملامح الإطار النظامي.

ووفقا لدراسة حديثة أعدها الدكتور عائض البقمي، أستاذ القانون التجاري في معهد الإدارة العامة بالرياض، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أظهرت الدراسة وجود نقص نظامي في بيئة التجارة الإلكترونية في السعودية، وطالبت بإيجاد حلول نظامية تكون أكثر مرونة، بحيث تتلاءم مع طبيعة التجارة الإلكترونية، وحماية أطراف العملية التعاقدية بما يحقق الحماية اللازمة والثقة بالتجارة الإلكترونية.

وأوصت الدراسة بـ«إعادة النظر في صياغة معظم نصوص نظام التعاملات الإلكترونية السعودي بشكل خاص، لما اعتراها من عدم الدقة في الصياغة والغموض أحيانا أخرى، وتعديل بعض النصوص التي لا تتفق مع بيئة التجارة الإلكترونية»، وطالبت الدراسة كذلك بـ«إيجاد آلية للفصل في نزاعات التجارة الإلكترونية، بما يتناسب مع طبيعة السرعة وظروف الأطراف في التجارة الإلكترونية».

وترى الدراسة التي حملت عنوان «الإطار النظامي للتجارة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية»، أن «التحكيم الإلكتروني والتسوية بالطرق الإلكترونية هي أفضل الوسائل لفض نزاعات التجارة الإلكترونية، والحث على وضع إطار دولي موحد لتسوية منازعاتها»، إلى جانب ما خرجت به الدراسة من التوصية بـ«إنشاء مركز وطني للتجارة الإلكترونية، يكون مسؤولا عن جميع ما يتعلق بالتجارة الإلكترونية من تنظيم وأنظمة وإجراءات».

يأتي ذلك في حين يظهر أحد التقارير المتخصصة في رصد التوسع الإلكتروني لدول العالم عبر شبكات الإنترنت، أن السعودية تحتل المرتبة الثانية كثاني أكبر سوق للتجارة الإلكترونية في منطقة الخليج العربي، إذ تقدر قيمة سوق التجارة الإلكترونية في المملكة بـ520 مليون دولار أميركي، بينما تأتي الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى إقليميا، من حيث قوة السوق الإلكترونية في الخليج العربي.

وفي دراسة حديثة أجرتها مؤسسة قطر، بالتعاون مع جامعة نورث ويسترن، أشارت إلى أن السعودية ستمثل فرصة كبيرة للشركات العاملة في مجال التجارة الإلكترونية خلال فترة السنوات القليلة المقبلة، عطفا على ما شهدته البنية التحتية لشبكات الاتصالات من ثورة في التكنولوجيا المستخدمة، واتساع أعداد المستفيدين من تلك الشبكات الإلكترونية.

وبالنظر إلى تجربة الدول المجاورة، أوجدت هيئة تنظيم الاتصالات في دولة الإمارات دائرة خاصة للتجارة الإلكترونية، تهدف إلى «تشجيع التنمية الاقتصادية والتجديد التقني، من خلال معايير ومقاييس واضحة وعادلة، في ظل التشريعات العالمية السارية حول التجارة الإلكترونية»، ومن مهام هذه الدائرة تسهيل وإزالة أي عوائق أمام التجارة الإلكترونية، التي تنتج عن الغموض المتعلق بمتطلبات الكتابة والتوقيع، وتعزيز التطور القانوني والتجاري لتطبيق التجارة الإلكترونية بصورة مضمونة، إلى جانب تعزيز تطوير التجارة الإلكترونية على الصعيدين المحلي والعالمي عن طريق استخدام توقيعات إلكترونية.

وكذلك في دولة قطر، حيث يتولى المجلس الأعلى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مهام صياغة اللوائح والقوانين اللازمة للتجارة الإلكترونية، ووفقا للقانون فإن المجلس الأعلى «بوصفه السلطة العليا المختصة بشؤون تنظيم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات» يتولى صلاحيات العمل على التمكين من استخدام المعاملات والتجارة الإلكترونية.