«وزارة المالية» تستعد لإيداع التعويضات في حسابات متضرري السيول

ثلاث محاكم باشرت قضايا 332 متهما حتى الآن

TT

شرعت وزارة المالية السعودية في تنفيذ خطة لإيداع المبالغ المالية للمتضررين من السيول، التي شهدها عدد من محافظات البلاد في شهر أبريل (نيسان) الماضي، بعد انتهاء اللجان الحكومية المشكلة لتقدير حجم الأضرار التي طالت الممتلكات الخاصة بالمواطنين جراء تلك السيول، تمهيدا لصرف التعويضات، التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين.

وأوضحت الوزارة في بيان صحافي (تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه)، ضرورة مراجعة كافة المواطنين المتضررين الموقع الإلكتروني للوزارة على شبكة الإنترنت، لاستكمال البيانات الخاصة بالمستفيدين من تلك التعويضات المالية.

يأتي ذلك في وقت يعيش فيه أهالي جدة ذكرى مرور أربع سنوات على فاجعة السيول، التي ضربت محافظة جدة في الـ26 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، التي أدت إلى وفاة 120 مواطنا ومقيما، وإصابة 350 شخصا بإصابات مختلفة، وتلف أكثر من عشرة آلاف مركبة، فضلا عن الخسائر في الممتلكات والعقارات التي قاربت 12 ألف عقار، في 46 حيا، تضررت من الكارثة.

وكان لحي الحرازات وقويزة وكيلو 14 النصيب الأكبر من حجم الأضرار، فيما كانت أحياء الرحاب والعزيزية والكندرة الأقل تضررا، وذلك وفق أرقام وتقارير رسمية صدرت في حينه عن الجهات المختصة.

وقدر عدد الأحكام القضائية الصادرة في تبعات تلك السيول بـ75 حكما حتى اليوم، في حين ما زال عدد من تلك القضايا منظورا أمام ديوان المظالم، إضافة إلى المحكمة العامة والمحكمة الجزائية.

وكان من اللافت للنظر أن كثيرا من الذين جرت محاكمتهم ضبطوا من اللجنة المشكلة للتحقيق في كارثة سيول جدة، دون أن يكون لهم دور مباشر في الكارثة، وتركزت التهم في قضايا رشوة قديمة والتوسط في رشوة وخيانة أمانة وسوء استغلال سلطة.

وتراجعت اهتمامات كثير من المهتمين والمتابعين لقضية المتهمين في سيول جدة، حيث لم يعرف حتى اليوم أهالي الأحياء المتضررة من هو «غريمهم» الذي تسبب فعليا في تلك الكارثة وأغرقهم في تلك السيول.

وبعد سلسلة من التحقيقات والإيقافات، انتهى الأمر إلى إحالة 332 متهما إلى كل من هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة التحقيق والادعاء العام، لتحرير لوائح التهم بحقهم ومن ثم إحالتهم إلى المحكمة المختصة.

وتوزعت القضايا على ثلاث محاكم، المحكمة الجزائية في شارع الأمير محمد بن عبد العزيز (التحلية) في جدة، وتخصصت في النظر في تهم التسبب في إزهاق الأرواح وإتلاف الممتلكات وعدم مراعاة مصالح الوطن، ونظرت خمس قضايا، وصدر منها حكمان بعدم الاختصاص، ثم المحكمة العامة ومقرها شارع الستين في جدة، وتسلمت ثمانية ملفات لمتهمين في قضايا غسل أموال، وأخيرا المحكمة الإدارية في ديوان المظالم في شارع قريش في جدة، التي كان لها نصيب الأسد من حجم القضايا، إذ فاق عدد القضايا التي تسلمتها 90 في المائة، في تهم أبرزها الرشوة والتزوير وسوء استخدام السلطة والتربح من الوظيفة العامة. وعلى خلفية تلك المحاكمات نشط سوق المحامين، وبرز عدد منهم في الترافع عن متهمين، ووجدوا فرصا لا تفوّت للترافع عن بعضهم مقابل مبالغ ورسوم يحكمها حال ووجاهة المتهم وقوته المالية وموقفه القانوني في التهمة، وتراوحت الرسوم من 50 ألف ريال في كتابة المذكرات واللوائح لمتهمين غير بارزين، وصولا إلى مليون ريال لمتهمين بارزين.

في حين يحسب للمحاكمات ملف السيول أنها كانت محاكمات علنية، قادها رئيس الدائرة الجزائية الأولى، القاضي الدكتور سعد المالكي، الذي سمح للصحافيين بحضور جميع الجلسات، رغم مطالبات بعض المتهمين بطردهم في بعض الجلسات.

وأوضح سعد المالكي المحامي والمستشار القانوني، أنه بعد سنوات من المحاكمات صدرت أحكام بعضها بالبراءة وبعضها بالإدانة، وقال «إن تلك الأحكام كان كثير منها في قضايا رشوة وضبط الأشخاص من قبل اللجنة التي تولت التحقيق في تبعات الكارثة».

من جانبه، قال صالح الغامدي عضو هيئة التحقيق والادعاء العام، سابقا، المحامي والقانوني حاليا «إن مدة التقاضي تختلف من قضية إلى أخرى، ومن محكمة إلى أخرى، وفق حجم القضية، وعدد المتهمين، وحجم الأدلة والقرائن وخلاف ذلك، لكن صدور أحكام في قضايا رشوة خلال أربعة وخمسة أشهر يعد أمرا جيدا، ويجب معرفة حجم وضخامة التحقيقات التي جرت، فضلا عن أن القضاء لم يتسلم ملفات بعض المتهمين إلا قبل أشهر، وبعض الملفات لم تُحَل حتى الآن، فعملية التقاضي تخضع لكثير من الأمور».

من ناحيته رحب الدكتور حسين الشريف، المشرف على فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بعلانية المحاكمات التي جرت وتجري، بحضور وسائل الإعلام، وقال «إن هذه الشفافية تضمن تحقيق أسس العدالة لجميع الأطراف».