المدارس «النموذجية» مفهوم جديد للمدرسة السعودية يصطدم بعدم توفر المباني

مسؤول تربوي لـ «الشرق الأوسط»: التجربة تطبق في 900 مدرسة وتعميمها سيستغرق وقتا

TT

شهد قطاع التعليم السعودي في السنوات الأخيرة طفرة تعليمية غير مسبوقة، تهدف إلى إعداد مخرج تعليمي جيد متميز بتوظيف كافة الطاقات، من خلال استخدام مقاييس عالمية لدعم جهود التعليم، ولعل مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم أحد أوجه تلك الطفرة.

«المدارس النموذجية» هي واحدة من مخرجات هذا المشروع، حيث ظهرت في الآونة الأخيرة مدارس حكومية تحت اسم «المدارس النموذجية» أو «الرائدة»، وتسبب قلة أعدادها في المدن في تسابق أولياء الأمور إلى تسجيل الطلاب والطالبات فيها، خاصة أن هذا النوع من المدارس يقع تحت نظام المدارس الحكومية. وتقوم المدارس النموذجية على المعايير العامة للمدرسة، إلى جانب معايير خاصة، تتمثل في بناء أنشطة صفية ولا صفية ملائمة للطلاب والمعلمين، إلى جانب المباني المتميزة، وتحديد عدد معين للطلاب في الفصول.

وفي هذا الخصوص أوضح عبد المجيد الغامدي، مدير الإعلام التربوي في مدينة جدة لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا النوع من المدارس، تتوافر فيه جميع المقومات اللازمة للبيئة التعليمية، من حيث المبنى والأنشطة المنهجية واللا منهجية وعدد الطلاب، وهي خطوة سابقة بدأت في السعودية، ومعروفة في بعض مناطق المملكة بـ«المدارس الرائدة». وبين أن هذه الخطوة التي اتبعتها وزارة التربية والتعليم في السنوات الأخيرة تهدف إلى تحويل جميع المدارس الحكومية في السعودية إلى مدارس نموذجية، تتوافر فيها جميع المقومات اللازمة لبيئة تعليمية مثالية، باشتراطات القبول والتسجيل نفسها التي تخضع لها المدارس الحكومية.

ونوه الغامدي أن وزارة التربية والتعليم، على الرغم من وضعها الخطة وتطبيقها على بعض المدارس، فإن مسألة تعميمها ستستغرق وقتا طويلا، وذلك بسبب صعوبة توافر المباني المدرسية المناسبة؛ مما جعل تعميم هذا البرنامج يستغرق وقتا أطول.

ويعمل هذا البرنامج، الذي يعد أحد برامج مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام، على مساعدة المدارس للقيام بدورها في تزويد الأجيال بجميع المعارف والمهارات، وإكسابهم الاتجاهات الإيجابية بكل مهنية واحتراف، ليتحقق في طالبي العلم المواطنة الصادقة، ورفع فاعليتهم في القدرة على التعامل مع المتغيرات المحلية والعالمية؛ بغرض الإسهام في التطور المتسارع الذي تعيشه المملكة، وتحقيق المشاركة الإيجابية في معادلة التنمية على الأصعدة كافة.

وحسب البرنامج، بلغ عدد المدارس المشاركة فيه 900 مدرسة في 14 إدارة تعليمية في السعودية، تمثل نموذجا لمدرسة المستقبل، وقامت «تطوير» خلال الفصل الماضي بتدريب وتأهيل 231 من مشرفي ومشرفات وحدات تطوير المدارس على مهارات التخطيط المدرسي والتقويم الصفي، وتطبيق الدليل التنظيمي والإجرائي.

وعقدت «تطوير» ورش عمل تدريبية شارك فيها 42 من مديري ومديرات وحدات تطوير المدارس في 21 إدارة تعليمية، و48 من رؤساء أقسام الإدارة المدرسية للمدارس التي لم تنضم بعد إلى البرنامج، بالإضافة إلى تنفيذ برامج تدريبية عدة للقيادات التربوية في إدارات التعليم والمدارس.

ويعد برنامج تطوير المدارس مرتكزا للخطة الاستراتيجية لتطوير التعليم العام في السعودية، ويتوجه إلى بناء الكفاءة الداخلية لوحدات تطوير المدارس في إدارات التربية والتعليم والمدارس، وتمكينها من تطوير أدائها بصورة نوعية، من خلال تجسيد مفهوم المجتمع المتعلم الذي يسعى نموذج تطوير المدارس لتكريسه في مدارس وإدارات التربية والتعليم. ويهدف برنامج تطوير المدارس إلى تحويل المدرسة من النمط التقليدي المقتصر على التدريس إلى مؤسسة تربوية متعلمة تهيئ بيئة للتعلم، تسودها ثقافة التعاون والدعم المهني المبني على خبرات تربوية عملية، وتشجع على المبادرات التربوية النوعية بين منسوبيها، سواء كانوا قيادات، أو معلمين، أو طلابا. ويستهدف هذا البرنامج الاعتناء بالطالب كمحور للعملية التعليمية، ويتطلب قيام المدرسة بهذا الدور لقربها من رصد تلك الاحتياجات، وبالتالي العناية بالجانب النوعي في مخرجات التعليم، فمن الصعب تطوير المدارس عن بعد، من خلال الوزارة، وإن ذلك كان مناسبا حينما كان الهدف نشر التعليم وتعميمه، بينما تستهدف الوزارة في هذه المرحلة النوع والكيف، ويستهدف الطالب ليكون محور فعاليات المدرسة بصورة فعلية، من خلال حشد جميع الفعاليات لتنميته وإعداده بالصورة المرجوة.