مثقفون: «حوار التصنيفات الفكرية» أفضل رد على «التصعيد» في الخطاب الثقافي السعودي

قالوا إن تنظيم اللقاء في مركز الملك عبد العزيز كان تحديا واتسم بالشفافية

جانب من الحوار الوطني الذي اختتم أعماله في الرياض أول من أمس ( واس)
TT

عبّر عدد من المشاركين في اللقاء الوطني السابع للخطاب الثقافي السعودي، الذي عقد تحت عنوان «التصنيفات الفكرية وأثرها على الخطاب الثقافي السعودي»، عن ارتياحهم للنتائج التي توصل إليها اللقاء، مطالبين بعقد لقاءات مشابهة، لما يمكن أن يحققه هذا النوع من الحوار على الخطاب الثقافي السعودي بشكل عام، خصوصا في ظل «التصعيد الثقافي» الذي تشهده البلاد مع تنامي استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإعلام المختلفة.

وطالب مثقفون وأكاديميون مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بالاستمرار في طرح مثل هذه المواضيع، في ظل ما تشهده الساحة الثقافية من حراك وتصنيفات وسجالات فكرية، مؤكدين حقيقة تنامي موجة التصنيفات الفكرية داخل المجتمع السعودي، مما يؤثر على الوحدة الوطنية، وضرورة التعامل الإيجابي مع مختلف التصنيفات، والبعد عن إلغاء الآخرين وتهميشهم، خاصة في ظل الانفتاح الإعلامي مع وسائل الإعلام الجديد.

وأوضح جعفر الشايب، أحد المشاركين في اللقاء، أن مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني كان سباقا لمواجهة التحدي في اختيار مواضيع اللقاء، نظرا للتصعيد الثقافي الموجود حاليا، وطريقة التعاطي مع الكثير من القضايا المتنوعة، مشيرا إلى اللقاء الأول الذي نظمه المركز ليعيد المركز دوره في اختيار مواضيع تعطي مساحة من الحرية الكافية للتعبير عن الآراء بطريقة فنية وإيجابية.

وبيّن الشايب أن اللقاء وصل إلى نتائج مهمة بعيدا عن التشنج في الخطاب المحلي المليء بكثير من التصنيفات الفكرية، لافتا إلى أن التصنيفات الفكرية تعد حالة طبيعية في كل مجتمع، ولكن تكمن المشكلة في مواجهة هذه التصنيفات بطريقة حادة لكي تنتقص من حقوق الآخرين، فقنوات التعبير ما زالت محدودة.

من جانبه، قال الدكتور عبد العزيز عرب عضو هيئة التدريس بجامعة الطائف، وأحد المشاركين في اللقاء: «لغة الخطاب سبب في الفجوة التي ينتج عنها التصنيف، فاستخدام التعبير المناسب والكلمة المعبرة، هو الوصول إلى الهدف الحقيقي، فمن خلال هذا الحوار ندعو إلى عدم التصنيف بطريقة إقصائية، فهو نتاج الفصل بين النظرية والتطبيق».

بينما اعتبرت الدكتور مشاعل السديري عضو هيئة التدريس بجامعة الأميرة نورة أن المجتمعات الغربية، على الرغم من التباينات الكثيرة بين أفراد مجتمعها، لم تشكل تلك الاختلافات عائقا حقيقيا للبلد، بل كانت عكس ذلك تماما، فأصبحت مصدر ثراء وقوة وأدت إلى تطور ثقافي ومجتمعي، وبينت أن الفروق في المجتمع السعودي أصبحت مصدر انشقاق وتباين، بسبب غياب الموضوعية.

وأشارت السديري إلى أن انعدام الموضوعية في تناول القضايا العامة يعني فقدان التوازن في المجتمع واضطرابه، ويعد ذلك تشتيتا للجهود وإضعافا للهوية الجماعية والعمل المشترك، فالاختلاف أمر إيجابي، بل أساسي إذا كان للتكامل والتعاون وتوليد الأفكار الجديدة، وليس للتنافس السلبي على صورة صراعات ومشاحنات وتصادمات فكرية، والاختلاف يكون داخل دائرة المصالح العليا للوطن، في إطار من الثوابت الوطنية والمبادئ الشرعية والقيم الإنسانية الراقية والرؤية المشتركة.

وفي السياق ذاته، بيّن الدكتور محمد السريع عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن من أبرز مغذيات التصنيف بين الناس الحصول على أحكام جاهزة، دون التفريق والتفصيل فيها، إضافة إلى الفهم الخاطئ للحرية، سواء في الممارسة أو حتى الأفكار، أو في إصدار الأحكام.

وعدّ السريع كثيرا من وسائل الإعلام التقليدية لم تلتزم بمعايير المهنية والحيادية التي لم تسمح بالرأي والرأي الآخر، مما أدى إلى الهجرة لوسائل التواصل الاجتماعي الأكثر حرية بعيدا عن الرقابة. وقال: «من الطبيعي أن يسيطر التعصب على حياتنا الفكرية والثقافية والاجتماعية، مما يضاعف الفجوة بيننا، ليس على مستوى النخبة المعنية بالحوار فقط، ولكن على المستوى الشعبي، لذلك فإن التحاور ضروري، وفق الضوابط والقواعد الأخلاقية التي تجعل من الحوار وسيلة للتفاهم والاتفاق، لا وسيلة للنزاع والصراع».