«شح الأراضي» يكبد خزائن الوزارات مئات الملايين في المباني المستأجرة

المطالبة بخطط استراتيجية لتحديد احتياجات المدن من المقار الحكومية

مبانٍ حكومية
TT

دفعت مواصفات الوزارات الحكومية بشأن مبانيها لتكبد عددا من تلك الوزارات إنفاق جزء من موازناتها المالية السنوية في استئجار مبانٍ لا تتفق مع الاشتراطات الواجب توافرها في مبانٍ تقدم خدماتها لمراجعي تلك الدوائر، في ظل توافر الأراضي المخصصة من قبل الدولة لتلك الوزارات لاستحداث مبانٍ حديثة لها في عدد من مناطق البلاد.

وأرجع عدد من الوزارات الإنفاق المالي الكبير على استئجار المباني وتكبد المزيد من التكليفات المالية على عمليات الصيانة لتلك المباني المستأجرة، إلى قلة الأراضي البيضاء الموجودة داخل المدينة، إضافة إلى البعد المكاني لمواقع تلك الأراضي الحكومية المخصصة لها عن مواقع الكثافة السكانية، ما يؤدي إلى صعوبة في استثمار تلك الأراضي لإنشاء مبانٍ للدوائر الحكومية التابعة لتلك الوزارات في تقديم خدماتها للمستفيدين، فعمدت إلى استئجار تلك المباني في وسط المدن الكبرى وداخل النطاق العمراني.

وبحسب مختصين في الشأن الهندسي، فإن المواصفات المطلوبة من قبل الوزارات والمتمثلة في وجود مساحات كافية للمكاتب والمستودعات داخل تلك المباني، تجعل من الصعوبة توافرها في أكثر تلك المباني، التي تم إنشاؤها كوحدات سكنية وليس كمقار لدوائر حكومية خدمية، ما يدفع هذه القطاعات للتخلي عن كثير من المواصفات والقبول بما يتوافر في قطاع العقار بحسب كل مدينة، بينما تشكل هذه المباني عائقا حقيقيا في تقديم الخدمات المطلوبة لقلة المواقف ومساحة المبنى الذي لا يتناسب مع هذه الجهة.

وقال فهد العيسى، المتحدث الرسمي لوزارة الشؤون الاجتماعية: «إن شح الأراضي في مواقع ملائمة داخل المدن الكبيرة أبرز المشكلات التي تواجه الوزارة الممتلكة لأراضٍ بمساحات مختلفة في بعض المناطق، إلا أنها بعيدة عن مركز المدينة، الأمر الذي يصعب معه تقديم الخدمات المناسبة، وهو ما يدفع الوزارة للبحث أو استئجار هذه المباني».

وأكد العيسى أن هذه المباني تكبد الوزارة مبالغ مالية كبيرة، إلا أنها تعمل على هذه المعضلة من خلال توفير ما تحتاج إليه من أراض في الفترة القادمة، مشيرا إلى إمكانية استغلالها في إنشاء المباني بالمواصفات المطلوبة حسب احتياج كل منطقة أو مدينة، لافتا إلى أن هذه الحلول التي تقوم بها الوزارة في استئجار المباني تكون مؤقتة لتلبية احتياج طالب الخدمة.

وأردف المتحدث الرسمي لوزارة الشؤون الاجتماعية: «الوزارة تنسق مع الأمانات في كل المدن حول ما تحتاج إليه من أراضٍ، إلا أن بعض هذه المواقع تكون بعيدة وتسلم بعد فترة طويلة، وهي إشكالية تتعامل معها الوزارة في الحلول المؤقت باستئجار مبانٍ جاهزة حتى يتسنى بناء أو تجهيز موقع آخر».

ويتوقع أن تشهد سوق العقار محليا، وفقا لمختصين، ارتفاعا ملحوظا عقب ما تم الإعلان عنه من قبل صندوق التنمية العقارية في وقت سابق، عن بلوغ حجم قروضه أكثر من 811 ألف قرض، بقيمة إجمالية تصل إلى 263 مليار ريال، لبناء أكثر من 974 ألف وحدة سكنية، وسيمتد هذا الارتفاع إلى الضواحي في المدن الكبيرة التي يكثر الطلب على شراء الأراضي فيها.

من جهته، يرى المهندس طلال سمرقندي، رئيس لجنة المكاتب الهندسية في الغرفة التجارية الصناعية بجدة، أن الإشكالية تقع على المطورين العقاريين في إيجاد الحلول لكل مدينة من خلال قراءة احتياجها، مبينا ضرورة أن لا يتوقف ذلك عند إنشاء المباني السكنية، وأن يتم تنويع القطاع ليشمل الأسواق بمختلف أسمائها، لافتا إلى أن البنية التحتية يتم تطويرها وتحديثها من قبل الجهات الحكومية.

وأضاف سمرقندي: «إن عدم توجه المطورين العقاريين لإيجاد مخطط استراتيجي في المدن يوضح احتياج المدينة وما يجب أن تكون عليه في السنوات العشر القادمة، سيجعل المشكلة باقية ويصعب حلها»، لافتا إلى أن هناك خللا في العرض والطلب في الفترة الحالية، الذي يمكن حله من خلال ورش العمل التي أطلقتها أمانات جدة في دراسة احتياج المدينة خلال الـ50 عاما القادمة.