مبادرة لإعادة تدوير الحواسيب الإلكترونية التالفة وتوزيعها على 2.5 مليون طالب

دشنها أمير المنطقة الشرقية بهدف نشر ثقافة «حفظ النعمة الإلكترونية»

جانب من فعاليات تدشين مبادرة «ارتقاء» التي شهدت اهتماما كبيرا من رجال الأعمال والمسؤولين («الشرق الأوسط»)
TT

في ضوء ما تكشف عنه أحدث الإحصاءات من أن نحو 40% من أجهزة الكومبيوتر يجري التخلص منها بطرق غير سليمة، تنطلق مبادرة سعودية خيرية، هي الأولى من نوعها، تحمل اسم «ارتقاء»، تقف وراءها شركات سعودية كبرى، حيث تختص في جمع الأجهزة والحواسيب الإلكترونية المستخدمة، وإعادة تأهيلها في مراكز تأهيل خاصة، لتصبح مثل الأجهزة الجديدة، ومن ثم توزيعها على الطلاب والطالبات من الأسر ذات الدخل المحدود، وذلك تحت مفهوم «حفظ النعمة الرقمية».

وتسعى المبادرة التي دشنها أمير المنطقة الشرقية، مساء أول من أمس، في معرض شباب وشابات الأعمال بالمنطقة الشرقية، إلى تغطية 15 ألف مدرسة، ويقول القائمون عليها إنها «تستهدف الارتقاء بـ2.5 مليون طالب وطالبة على مستوى السعودية»، على اعتبار أن كل جهاز واحد يخدم 25 طالبا، في حين تكشف مبادرة «ارتقاء» عن إحصائية تبين أنه «في كل ثانية، هناك جهاز كومبيوتر في العالم يرمى من دون فائدة».

ويوضح عبد اللطيف البريكان، مسؤول تسويق «ارتقاء»، أن الإحصاءات تشير إلى أن «النفايات الإلكترونية تمثل ما نسبته 70% من مجمل النفايات السامة»، مضيفا: «هذا يدفعنا إلى ضرورة التركيز على حفظ النعمة الرقمية وحماية البيئة»، ويتابع: «(ارتقاء) هي إحدى مبادرات (مجموعة الفوزان لخدمة المجتمع)، وهي جمعية وطنية خيرية تسعى إلى تقديم خدمة احترافية مستدامة للمجتمع»، وأفاد بأنه من ضمن أهدافها العمل على الاستفادة المثلى من تقنية المعلومات، مما يساهم في الرقي الفكري والعلمي، حسب قوله.

ويكشف البريكان خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن أن مبادرة «ارتقاء» وقعت اتفاقيتين حتى الآن؛ الأولى مع إدارة سجون المنطقة الشرقية والثانية مع جمعية «بناء» لرعاية الأيتام، مفيدا بأنه من المنتظر أن تسهم المبادرة في توفير أجهزة الكومبيوتر لمجموعة من السجناء إلى جانب الطلاب من الأسر ذات الدخل المحدود، موضحا أن توزيع الدفعة الأولى من الأجهزة سيجري خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

وبالسؤال عن آلية إعادة التأهيل التي تتبناها المبادرة، يقول البريكان: «نعمل للجهاز إعادة تأهيل، مثل تغيير البطارية وتنزيل البرامج الجديدة، إلى جانب تغيير بعض الأمور التي تحتاج إلى تغيير جذري في الكومبيوتر، فمثلا لو وجدنا الشاشة مكسورة فنحن نحاول أن نبدلها بشاشة جديدة، حتى نوفر للمستفيد جهازا جيدا وأشبه بالأجهزة الجديدة».

ولا تقتصر مهام مبادرة «ارتقاء» على تسلم أجهزة الأفراد فقط، بل يشمل ذلك الشركات أيضا، التي يوجد بحوزتها كمية كبيرة من الأجهزة المستخدمة، حيث توجه المبادرة دعوتها للأفراد والشركات للمساهمة بتقديم الأجهزة الصالحة للتأهيل كي يستفاد منها داخل الجهات التعليمية وبين أوساط المحتاجين، خاصة بعد أن وفرت المبادرة أول مراكزها، الذي يقع داخل أكبر معارض الأجهزة الإلكترونية على الطريق الساحلي بين مدينتي الدمام والخبر، مع التطلع إلى إيجاد عدد آخر من المراكز لاحقا.

ويفيد منسوبو «ارتقاء» بأن المبادرة تعمل على «إطالة الأعمار الافتراضية للحواسب الآلية المستخدمة، وتوزيع الحواسب المؤهلة على المدارس والمنشآت التعليمية والجهات الاجتماعية والأسر والطلبة المعوزين، بالإضافة إلى إيجاد شراكات استراتيجية بما يعود بالنفع على جميع الأطراف المعنية بهذا المشروع الوطني».

وقدم القائمون على مبادرة «ارتقاء» عددا كبيرا من البيانات والأرقام الحديثة، التي تكشف عن وجود أكثر من مليوني جهاز كومبيوتر يجري بيعها في السعودية، في حين يأتي متوسط أعمار هذه الأجهزة في حدود ثلاث إلى أربع سنوات، وتفيد أرقام «ارتقاء» بأن أكثر من 40% من هذه الأجهزة يجري التخلص منها بطرق غير سليمة، وهو ما يجعلها تتحول إلى نفايات سامة.

من جانب آخر، فإن أنشطة مبادرة «ارتقاء» التي تعمل عليها خلال الفترة المقبلة، تمتد إلى تأسيس نادي «أتعلم فأرتقي»، الذي يعد ناديا تفاعليا لتقنية المعلومات، يجري استحداثه في المدارس الابتدائية، ويرتكز على استخدام برنامجين من معهد ماساتشوستس للتقنية، من مختبرها الشهير في الحاسبات الإلكترونية، وينبثق من هذا النادي برنامجان يعنى كل منهما بتطوير مهارات الطالب في التعامل مع أجهزة الكومبيوتر ووفق متطلبات الواقع المعاصر.

يذكر أن مبادرة «ارتقاء» حظيت منذ لحظة تدشينها، قبل يومين، باهتمام لافت من الشخصيات البارزة في المجتمع، حيث زار ركنها في المعرض الأمير سعود بن نايف، أمير المنطقة الشرقية، إلى جانب عدد كبير من المسؤولين ورجال الأعمال، كما حضر أحمد الشقيري، الإعلامي السعودي، لدعم المبادرة، بصفته أحد مؤسسيها، وتضمن ذلك أيضا تهافت الكثير من زوار المعرض للتساؤل عن هذه المبادرة وآلية عملها والأهداف التي تقوم عليها.