«منفوحة».. قرية الأعشى وحي الرياض الجنوبي وملتقى الجاليات

TT

سلطت الأضواء على حي منفوحة (جنوب العاصمة السعودية الرياض) بعد أعمال الشغب التي شهدها الحي، أول من أمس، من قبل عمالة تنتمي إلى الجنسية الإثيوبية، أثناء قيام الفرق الأمنية بتطبيق الأنظمة وملاحقة المخالفين لنظامي الإقامة والعمل، ما أسفر عن سقوط العشرات من الجرحى، بسبب المواجهة بين المخالفين من جهة، ورجال الأمن والمواطنين والمقيمين في الحي من جهة أخرى، خصوصا في شارع العشرين الأكثر شهرة في شوارع منفوحة.

سجلت منفوحة اسمها في كتب الأدب والبلدان والرحالة، حيث عدت من أقدم المستوطنات البشرية وسط الجزيرة العربية، وارتبطت قبل أكثر من 1500 عام بظهور الشاعر الكبير الأعشى «ميمون بن قيس»، أحد ألمع الوجوه في سوق عكاظ، واشتهرت القرية بوديانها الخصبة وأجوائها لطيفة المناخ، كما اشتهرت بكثرة زروعها ونخيلها، وذاعت شهرتها في الجاهلية وصدر الإسلام ببروز أحد أعلامها، الشاعر الأعشى، وفي العصر العباسي بظهور أحد أبنائها، راوية العرب المشهور أحمد بن أبي رياش القيسي.

وكانت لمنفوحة حوادث تاريخية مع المدينة الواقعة شمالها (الرياض)، ومنافسة وحروب طاحنة، عبر فترات زمنية مختلفة، كما كان لها دور سياسي وعسكري واقتصادي أدته بالوقوف جنبا إلى جنب مع الدولة السعودية الأولى، وعدت أول بلدة من البلاد النجدية تدخل في طاعة الدولة الجديدة وتقف معها وتساندها.

تحولت منفوحة إلى حي من أحياء الرياض بعد أن حمل اسم الحي الشمالي للقرية الوادعة اسم منفوحة الجديدة، وعرفت بمعالم تحيط بها، أبرزها حراج بن قاسم وسوق منفوحة العام، كما اشتهرت بوجود مطاعم تقدم أكلات من مختلف الدول التي يقطن رعاياها الحي، ولعل أبرزها وأكثرها الجالية المصرية والسورية والسودانية واليمنية، حيث تنتشر أسماء مطاعم تشير إلى دول رعاياها، مثل: «مطعم جاد»، و«أبوشقرة»، و«الدمياطي»، و«رأس البر»، و«نجف»، و«السلتة»، و«البرمة»، و«الكمونية».

ويوجد في منفوحة سوق تعد الكبرى والأقدم ضمن الأسواق الشعبية في العاصمة السعودية، وتتميز بانخفاض أسعارها التي تتناسب مع دخل ساكنيها من حيث أسعار السكن، والمطاعم، ومحال بيع الأسماك والخضراوات والفواكه.

ويقدر عدد المحال التجارية في منفوحة بأكثر من ألفي محل ومبسط، تمارس بيع مختلف البضائع التي تشمل الملابس، والعطور، والمواد الغذائية المتنوعة، والأقمشة، والإكسسوارات، وغيرها من السلع التي تباع بأسعار تقل كثيرا عن الأسعار المتداولة في مناطق أخرى من العاصمة، خاصة الأسواق التي تقع شمال العاصمة.

وكان حي منفوحة يعد مطلبا لسكان الرياض للبناء فيه، حيث جرى قبل نصف قرن تخطيط الحي تخطيطا حديثا، وأقيمت فيه مساكن حديثة إلى جانب مبان طينية، وفي منتصف السبعينات وبعد حلول الطفرة وإقرار صندوق التنمية العقاري هجر السعوديون مساكنهم في منفوحة والأحياء الشعبية الأخرى، متجهين إلى الأحياء الحديثة، وأجبر مالكو المساكن على استثمارها بمبالغ رمزية للفقراء وهو ما جعل الجاليات تتخذ منفوحة وجهة لها.