رصد تحايل على أنظمة التأمين الصحي.. وتعهدات بحرمان المتورطين من الاستقدام مدى الحياة

ضعف الخدمات الصحية الحكومية يعزز اللجوء لهذه التجاوزات

تعاني شركات التأمين الصحي في السعودية من ضعف الثقافة التأمينية لدى قطاع واسع من المواطنين («الشرق الأوسط»)
TT

دفع تأخر الحصول على مواعيد للمرضى من المواطنين في المستشفيات الحكومية، وعدم القدرة على مواجهة تكلفة فاتورة الكشف وتحمل نفقات إجراء عملية جراحية في القطاع الصحي الخاص، للتحايل على النظام الصحي التعاوني الذي أتاح توفير الرعاية الصحية للمقيمين العاملين في مؤسسات أهلية.

وسجل استخراج بوليصة التأمين لمواطنين غير مسجلين في مؤسسات أهلية، أبرز عمليات التحايل على النظام، الذي توعد مرتكبي هذه المخالفات من المؤسسات والشركات العاملة في المملكة بالغرامة المالية، ومنعه من استقدام العمالة مدى الحياة، بخلاف عمليات الكسب غير المشروع في بيع بوليصة التأمين من قبل مكاتب الخدمات العامة.

وأرجع مواطنون التقتهم «الشرق الأوسط» اتباعهم هذه الطريقة في الحصول على بوليصة التأمين، إلى ما يعانونه من الحصول على موعد في العيادات الخارجية لدى المستشفيات الحكومية، وعدم وجود أسرَّة للتنويم بحسب بعض المستشفيات في الحالات الحرجة.. الأمر الذي دفعهم إلى استخراج بوليصة التأمين الطبي من إحدى المؤسسات التي تعود ملكيتها لصديق.

وقال ماجد، أحد الحاصلين على بوليصة تأمين: «إن هناك عروضا تقدمها بعض مؤسسات التأمين الطبي، تحت اسم (للأفراد)، إلا أن أسعارها تفوق قدرتنا على السداد النقدي، حيث تصل إلى عشرة آلاف ريال للزوج والزوجة، خاصة أنني لا أعمل في أحد القطاعات الحكومية، الأمر الذي يدفعنا للجوء إلى بعض المؤسسات التي تصدر لنا الوثيقة ونسدد المبلغ على دفعات».

ويعول مهتمون بالشأن الصحي على قاعدة البيانات التي أطلقها مجلس الضمان الصحي التعاوني في التحليل والمراقبة وتقييم الميزانية ورصد وتنسيق البرامج الصحية وإعداد التقارير الإحصائية، في تحقيق جودة استخدام المعلومات التأمينية بالطريقة الصحيحة، مع نشر المعلومات عن الوضع الصحي، وتعزيز القدرات الوطنية في مجال التخطيط الصحي المستقبلي.

وشدد المهتمون على ضرورة تفعيل المراقبة من الجهات المختصة على شركات التأمين، للتأكد من نظامية بيع وثائق التأمين الصحي من خلال جهات غير معلومة، والتحقق من دقة البيانات والمعلومات الأساسية المقدمة من قبل المؤمن، إضافة إلى أهمية مراقبة التعاملات الإلكترونية بين شركات التأمين وصاحب العمل.

وقال نايف الريفي، المتحدث الرسمي لمجلس الضمان الصحي التعاوني ومنسق أعمال المجلس: «إن المجلس يقوم بدور بارز بالتنسيق مع الجهات كافة، للحد من عمليات التلاعب، وفي حال وجود تجاوزات من قبل حامل الوثيقة، من خلال إضافة مؤمن لهم لا يعملون لديه، تحال الدعوى إلى لجنة النظر في مخالفات أحكام نظام الضمان الصحي التعاوني، بحسب ما نصت عليه المادة الـ14 من النظام الصحي التعاوني لاقتراح الجزاء المناسب الذي قد يكون غرامة مالية مع جواز حرمانه من استقدام العمالة لفترة دائمة أو مؤقتة».

وأردف الريفي أن لكل حالة من حالات المخالفات في نظام التأمين الصحي إجراءها والعقوبات المترتبة على هذه المخالفة، وفقا لما تراه اللجنة المشكلة في هذا الصدد، للنظر فيما يرد إليها من مخالفات.

ووفقا لنظام الإشراف والمراقبة على شركات التأمين، فإن مجلس الضمان يحق له سحب تأهيل ممارسة أعمال التأمين الصحي ممن أخل باشتراطات التأمين، وعدم استخدام التأهيل خلال 12 شهرا، إضافة إلى حماية مصالح المستفيدين بما يراه مجلس الضمان الصحي، والمتمثل في تعديل خطة العمل لشركة التأمين الصحي، فيما يتطلب من مقدمي الخدمة تحديد المقابل المالي، ومراقبة توافر معايير ومتطلبات الجودة والتزام مقدم الخدمة بالتعاقد عن طريق «أمانة مجلس التأمين» مع مكتب استشاري لتقييم مدى التزامه بمتطلبات الجودة.

وفي هذا الصدد، قال محمود العبسي المدير الإقليمي لشركة «توكل لوساطة التأمين»: «إن التأمين الصحي في المملكة يتطور بشكل ملحوظ، رغم أنه قبل فترة وجيزة كان من الأمور الدخيلة وغير المرغوب فيها، إلا أنه أصبح أمرا أساسيا لما له من فوائد في المجتمع»، لافتا إلى أنه «كان من المتوقع أن يقر التأمين الصحي في القطاعات الحكومية منذ سنوات عدة، ومن غير المعلوم لم جرى التأجيل».

وأشار العبسي إلى أن التأمين على القطاعات الحكومية لو طبق سيرفع من مستوى الثقافة التأمينية في المجتمع، ومنع عمليات التلاعب في السوق المحلية، التي أصبحت منتشرة في هذا الوقت بسبب ارتفاع أسعار المستشفيات الخاصة وتساهل بعض العاملين في مجال التأمين، مما أدى إلى زيادة التلاعب الذي يتوقع أن ينخفض من خلال جهات رقابية على سوق التأمين، الذي حد من هذا التلاعب، حيث توجد جهتان معنيتان بالمراقبة على سوق التأمين من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي ومجلس الضمان الصحي المعنيين بوضع معايير وقوانين أخلاقية تحكم سوق التأمين.وعن إنقاذ عدد من الشركات من إشهار إفلاسها، قال العبسي: «يوجد في مجال التأمين شركات كبيرة وشركات صغيرة، ومن المتوقع أن يكون الحل الوحيد هو الحل المتداول من دمج هذه الشركات الصغيرة، لتكون هناك ملاءة مالية تجعل لها قدرة على مجاراة الشركات الكبيرة، حيث إن التباين الكبير في الخدمة المقدمة في السوق أدى إلى انتشار شركات عن غيرها، وفي اعتقادي أن الاندماج سيخلق بيئة تنافسية جيدة ويزيد الأرباح ويرفع من مستوى الخدمة المقدمة».