مسؤول في «الأرصاد» لـ «الشرق الأوسط»: نوفمبر بداية لموسم شتاء «مطير» في السعودية

محمد بابيضان يؤكد أنه لا صحة لشائعات تفريق السحب بطائرات خاصة

جانب من الأمطار التي هطلت على منطقة الباحة أمس وأول من أمس (واس)
TT

تحذيرات أطلقها عدد من الجهات الحكومية بالسعودية في مواجهة توقعات بموجة أمطار ستشهدها البلاد خلال الأسبوع الحالي، بعد تقديرات أعلنت عنها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة خلال الأيام القليلة الماضية، في وقت تعد تلك التوقعات مؤشرا لاختبار استعداد الجهات المعنية محليا لمواجهة مخاطر السيول والأمطار المتوقع حدوثها.

ووفقا لرئاسة الأرصاد، فإن الأسبوع الحالي يعد الأكثر حرجا في فترة الأمطار التي ستسجلها البلاد؛ بسبب هطول الأمطار في المدن المختلفة، مؤكدة ضرورة أخذ الحيطة والحذر والاستعداد من قبل الجهات الحكومية والخدمية لتأمين سلامة ونجاح الخطط الميدانية لمواجهة الكوارث.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» محمد بابيضان، نائب مدير الإدارة العامة للتحاليل والتوقعات في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، أن شهر نوفمبر (تشرين الثاني) شهر ممطر على السعودية، ويعد بداية موسم الأمطار، مبينا أن السعودية تشهد ثلاث حالات للأمطار سنويا، وأن الفترة الماضية قدمت فيها حالتان للأمطار، وسيشهد الأسبوع الحالي بداية الحالة الثالثة للأمطار، وهي الأشد على كثير من مناطق السعودية.

وتوقع بابيضان أن الأمطار المقبلة ستكون أكثر شدة على المناطق الشرقية، خاصة الخليج العربي بصفة عامة، ومناطق الحدود الشمالية التي تراوح شدة الأمطار فيها بين شديدة ومتوسطة، ومنطقة الرياض وجازان والمحافظات الجنوبية من منطقة مكة المكرمة ومنطقة الباحة.

وأضاف بابيضان أن موسم الأمطار هذا العام من أكثر المواسم شدة ومعدلا عن الأعوام السابقة، مرجعا السبب في ذلك إلى التذبذب المناخي الذي يحدث سنويا، والذي يحدد ما إذا كان هذا العام مطيرا أم جافا، مبينا أن الدلائل تشير إلى أن هذا العام سيشهد فترة ممطرة على أجزاء كبيرة في السعودية.

ونفى أن تقوم الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة بعملية تفريق السحب عبر طائرات مخصصة لذلك، مؤكدا أن ما يتم تداوله في المجتمع السعودي عن قيام الهيئة بتفريق السحب على مدينة جدة تحديدا لتفادي حدوث كوارث مثلما حدث في الأعوام السابقة، ليس إلا نوعا من الشائعات التي ليس لها أساس من الصحة، وأن هذه التقنية لا تستخدمها السعودية إطلاقا.

ومع إطلاق هذه التحذيرات سجلت أمس السبت محافظتا صبيا والعيدابي في منطقة جازان (جنوب المملكة) حتى وقت إعداد هذا التقرير هطول أمطار غزيرة، فيما يتوقع أن تشكل منطقة الباحة التي تلقت تحذيرات من هبوب رياح رعدية أكثر المناطق التي تسجل أعلى معدل للأمطار.

ودعت المديرية العامة للدفاع المدني في السعودية عموم المواطنين والمقيمين لتجنب الوجود في هذه الأيام داخل الأودية ومصارف السيول، تحسبا من تكرار ما تعرضت له عدد من المناطق نهاية أبريل (نيسان) العام الحالي لهطول أمطار غزيرة أدت - حسب الجهات الرسمية - إلى وفاة 24 شخصا، وفقدان نحو 4 آخرين، فيما أجبرت السيول أكثر من أربعة آلاف شخص على مغادرة منازلهم بعد أن تعرضت لتصدعات جراء السيول الناجمة عن الأمطار، وعلقت مئات السيارات في العديد من المدن السعودية، في حين انهار سد تبالة في محافظة بيشة، الذي تبلغ قدرته التخزينية 68 مليون متر مكعب؛ الأمر الذي دفع الدفاع المدني لإخلاء نحو تسع قرى إلى مواقع أخرى.

وقالت المديرية العامة للدفاع المدني في بيانها أمس: «إنها تتابع على مدار الساعة جميع التوقعات حول الأحوال المناخية واحتمالات هطول الأمطار أو العواصف الرعدية التي تصدرها الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة خلال الفترة المقبلة، مبينة أنها اتخذت كافة الاحتياطات والتدابير اللازمة للتعامل مع المخاطر الناجمة عن هذه الأمطار وما ينتج عنها من جريان السيول».

وفي منطقة مكة المكرمة، أكد العقيد سعيد سرحان، المتحدث الرسمي للمديرية العامة للدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة، أن فرق الدفاع المدني جاهزة لمواجهة أي من المخاطر على مدار العام، ويتم في موسم الأمطار الاستفادة بشكل مباشر من آليات الإسناد التي تستخدم في الحوادث بشكل مباشر، لافتا إلى وجود خطة مسبقة تم اعتمادها من الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة، بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية.

وأردف المتحدث الرسمي للدفاع المدني في منطقة مكة، أن هناك تنسيقا دائما ومستمرا من خلال خط ساخن وغرفة مشتركة لتلقي البلاغات وتحديد المواقع التي تتعرض لتجمع المياه أثناء هطول الأمطار، التي يتم احتواؤها وشفط المياه المتراكمة من قبل فرق الأمانة التي تعمل بالتنسيق ضمن الخطة المدرجة، مشيرا إلى أن الخطة شملت تحديد مواقع لإيواء المتضررين جراء هطول الأمطار.

ويعول المراقبون على ما تم تشييده من سدود بلغت كلفتها نحو 3.3 مليار ريال، وتتكون من طبقات صخرية بمقاسات مختلفة وخراسانية، وجدار قاطع لمنع تسرب المياه، في استيعاب مياه الأمطار وتفريغها في عرض البحر خلال فترة وجيزة لا تتجاوز 15 يوما، من مشروعات لتصريف السيول البالغة كلفتها 3.3 مليار ريال، في إبعاد شبح الخوف من أحداث 2009 التي راح ضحيتها العديد من الأشخاص والممتلكات.

وعن استعداد التربية والتعليم لمواجهة الأمطار في عدد من المدن السعودية، قال عبد المجيد الغامدي، مدير الإعلام التربوي في تعليم جدة: «إن الإدارة تتابع عن كثب كل ما يصدر عن المديرية العامة للدفاع المدني والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، حول الأوضاع المناخية في منطقة مكة المكرمة، وفي حال رصد أي نوع من التحذيرات يتم التعامل معه فورا حسب نوع التحذير».

وأشار الغامدي إلى أن تعليق الدراسة أو إنهاء اليوم الدراسي قبل موعده ليس من صلاحية المدارس؛ إذ هو إجراء تتخذه إدارة التعليم بالتنسيق مع عدد من الجهات المشتركة التي ترى إنهاء اليوم الدراسي أو إبلاغ أولياء أمور الطلاب بعدم اصطحاب أولادهم في اليوم الذي تتلقى إدارة التعليم فيه أي تحذيرات من اللجنة المختصة.

وأضاف مدير الإعلام التربوي في تعليم جدة، أن إدارة التعليم لديها لجنة طوارئ تقوم بالتنسيق مع كافة الجهات، ومنها الدفاع المدني، حول احتياج وتحديد عدد من المدارس لإيواء المتضررين من الأمطار في الأحياء المختلفة بالمحافظة، والتي جهزت بكافة الوسائل الممكنة التي يحتاجها المتضررون.

وفي منطقة عسير التي تقع في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة، وعلى امتداد نحو 80 ألف كيلومتر، تختلف الأوضاع المناخية لاختلاف طبيعة المنطقة التي تكثر فيها الجبال، بعد أن تلقت المديرية العامة للدفاع المدني في المنطقة إشعارا من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، بهطول أمطار بين غزيرة ومتوسطة ليوم السبت، وهو ما دفع اللواء محمد بن رافع الشهري، مدير الدفاع المدني في منطقة عسير، إلى التحذير بأخذ الحيطة والحذر، وعدم المخاطرة بعبور الأودية أثناء هطول الأمطار.

وقال المقدم معيض بن محمد الشهري، نائب الناطق الإعلامي في مديرية الدفاع المدني بمنطقة عسير: «تم إبلاغ جميع الجهات ذات العلاقة والمساندة للدفاع المدني لاتخاذ الحيطة والحذر وعمل الإجراءات اللازمة، بما يؤمن السلامة العامة وفق الخطة التي تم وضعها مسبقا، وتوضح أدوار كل الجهات الحكومية في حال استدعى الوضع ذلك».

وفي الباحة، تلقى مركز السيطرة تنبيها من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة مفاده توقع هبوب رياح نشطة مصحوبة بهطول أمطار رعدية على المنطقة والمحافظات التابعة لها، وعلى الفور أبلغ الدفاع المدني - حسب جمعان الغامدي الناطق الإعلامي في مديرية الدفاع المدني في منطقة الباحة - جميع الجهات ذات العلاقة في المنطقة لاتخاذ الحيطة والحذر، واتخاذ الإجراءات اللازمة بما يكفل السلامة العامة وفق الخطة الموضوعة.