مختصون: التطبيقات التقنية الحديثة تلعب دورا مهما في توثيق الأخبار.. واكتسبت «قوة ناعمة»

أكدوا أن 60 في المائة من المواد مصدرها الوكالات العالمية

السلطات تغلق إحدى المنشآت الطبية لمخالفتها القواعد
TT

عدّ مختصون في تنظيم المحتوى الإلكتروني في المؤسسات الإعلامية المرموقة، التي تجتمع في العاصمة الرياض هذه الأيام، أن ما يعادل 60% من المحتوى الإخباري الذي تستخدمه وسائل الإعلام المختلفة، مصدره وكالة الأنباء الرسمية لكل دولة، الأمر الذي أرجعه المختصون إلى اعتبار أن وكالات الأنباء بمثابة وثيقة رسمية لمصداقية الخبر وذلك في دول العالم جميعها.

واتفق المشاركون في الجلسات المصاحبة للمؤتمر الدولي الرابع لوكالات الأنباء، الذي أسدل ستاره أمس الأربعاء، على أن مسألة الاحتكارية ما زالت موجودة إعلاميا، الأمر الذي يحدث حدا من أنماط المشاهدين يصل إلى حد التضارب، وذلك تبعا لتوجه أي وسيلة إعلامية تجارية، وعدّوا أن وكالات الأنباء تلعب الدور الأكبر في عملية النشر في ظل الفيضان الهائج من المحتوى الإلكتروني ووسائل الاتصال السريعة.

من جهته، أكد عبد الرحمن الراشد، مدير قناة «العربية»، أن القواسم المشتركة كثيرة جدا بين وكالات الأنباء العالمية، معتبرا أن وكالات الأنباء حليف استراتيجي لأي وسيلة إعلامية، مشيرا إلى أن دور أمهات الوكالات أكبر في التغيير واستخدام الأدوات البديلة، مبينا أن «العربية» ليست محطة بل إنها دار إعلامية كبيرة ويكملها وكالات الأنباء لما لها من دور أساسي من الناحية التكاملية.

وقال الراشد «المحتوى المتواجد حاليا لم يتغير منذ 100 عام، ونحتاج إلى المساعدة من الوكالات بشكل أكبر، بحكم مرجعيتها وعلاقاتها»، مضيفا أن بعض المسؤولين في المؤسسات الإعلامية يفضل الخبر الصادر من الوكالة على صالح مراسل المحطة نفسها أو الصحيفة، معتبرا أن منطقة الشرق الأوسط هي الممول الأكبر للأخبار السيئة، في ظل الأوضاع القائمة.

وخالف الراشد المشاركين في المؤتمر، بوصفه أن الإعلام الجديد لم يعد جديدا وسيحل محله آخر.. وهكذا وسيصبح قديما، وغدا سيكون هناك إعلام آخر، ولكن المحتوى لم يتغير، معتبرا أن تجربة إيران عبر بث الصور واستقبال المقاطع بكميات مهولة، عززت لدى المشاهد دور الإعلام المبني على سرعة بث الأخبار والصور، في ظل التعتيم الإعلامي من قبل الجهات الرسمية.

إلى جانبه، أكد بهروز أفاغ، مدير الصحافة للشرق الأوسط وغرب آسيا في هيئة الإذاعة البريطانية أن الأحداث الأخيرة بمنطقة الشرق الأوسط، لعبت دورا حاسما في تشكيل المواقف السياسية، الأمر الذي جعل أدوات الوسائط الجديدة تلعب دورا مهما في توثيق الأحداث في سوريا، وكانت هي المصدر الرئيسي لاطلاع العالم ومعرفة ما يحدث هناك، وكذلك ما نقلته عن الاحتجاجات في إيران في أعقاب الانتخابات المتنازع عليها منذ أربع سنوات، التي تناولتها التقارير الصحافية من خلال اللقطات وسجلها الناس على هواتفهم المحمولة ونشرت على شبكة الإنترنت، وأصبحت بذلك المصدر الرئيسي للأخبار المتداولة في أي مجتمع.

وأشار إلى أن وسائل الإعلام الاجتماعية، حظيت بشعبية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، وقد أظهرت التقارير إحصاءات عن الحجم الكبير في استخدام مواقع شبكات التواصل الاجتماعي وكمية ما يتم تحميله في مواقع الـ«يوتيوب» وانتشار الهواتف الذكية، مشيرا إلى أن تأثيرها كبير جدا على أي مجتمع، حيث اكتسبت ما يعرف «بالقوة الناعمة»، لتحل محل القوة الصلبة، وتحولت السلطة بشكل متزايد من الحكومات للمواطنين، ومن المؤسسات للشبكات، ومن الجيل القديم إلى الشباب، ومن النخب إلى الجماهير.

وأوضح أن رد فعل هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» كان طبيعيا، في ظل التغيرات ومحاولة الجمع بين القيم العريقة لها في حملة لتحديث منصات جديدة من العمل الصحافي، ودخول وسائل إعلام جديدة، والشفافية في عملية التحرير وإشراك الناس العاديين في صحافتنا، واستمرار الجانب الأهم ونقاط القوة الصحافية التقليدية المتمثلة بالاستقلالية والحياد والعمق في الخبر، وقال: «نعمل جنبا إلى جنب مع المنصات الجديدة وأنواع جديدة من الصحافة، كما نلعب أيضا على نقاط قوتنا التحريرية طويلة الأمد».

وزاد: «نركز بشكل متزايد على مصادرنا وجمع الأخبار بمهنية عالية، ونحن مستمرون في الاعتماد على وكالات الأنباء وغيرها من المصادر، ولا سيما الصور التلفزيونية، وأنه من المشجع جدا أن وكالات الأنباء تتكيف بشكل واضح وتتطور تبعا لتغير المشهد الإعلامي، كما نفعل نحن، من خلال تبني الوسائل والطرق الحديثة، واستمرت في أداء عملها في توفير خدماتها لوسائل الإعلام المختلفة.

وأضاف: «في حين أن وسائل الإعلام الاجتماعية الجديدة والمصادر الأخرى على الإنترنت تقدم مواد بديلة على نحو متزايد، لا تزال وكالات الأنباء توفر أساس الأخبار بموثوقية وموضوعية أكبر، ولا تزال المصدر الأكبر للأخبار»، معتبرا أنه من الصعب التنبؤ كيف ستتطور الصحافة في السنوات المقبلة، لكنه متفائل نسبيا، وأن صحافة المواطن لن تحل محل الصحافة التقليدية، بل إن الجانبين يمكن أن يكمل كل منهما الآخر.

وفي سياق متصل، خلص المجتمعون في المؤتمر الدولي الرابع لوكالات الأنباء إلى الموافقة في نهاية الجلسة الأخيرة على الدعوة التي قدمتها وكالة «أذر تاك» الأذربيجانية، لعقد المؤتمر الدولي الخامس في باكو عام 2016.

وقدم أعضاء المؤتمر شكرهم البالغ وتقديرهم للمملكة العربية السعودية ممثلة في وكالة الأنباء «واس»، على التنظيم والضيافة التي لقيها أعضاء المؤتمر طوال فترة وجودهم في الرياض.

يشار إلى أن المؤتمر الدولي الرابع لوكالات الأنباء عقد بالعاصمة السعودية الرياض، وعلى مدى أربعة أيام ألقى 30 متحدثا، يمثلون كبريات وكالات الأنباء والمنظمات الصحافية والقنوات الإخبارية، مداخلاتهم، التي تناولت كيفية إيجاد وكالة أنباء جديدة في القرن الحادي والعشرين، تكون مهمتها الرئيسية الحصول على الأخبار الموضوعية وغير المتحيزة ذات الطابع المهني ونقلها، وأن تعتمد على أحدث وسائل الاتصال التي تحصل بوتيرة سريعة في عالمنا الحالي.

كما تناول المؤتمر كيفية تحسين قدرة الأعضاء في العمل كمنتجين رئيسيين للأخبار في العالم، والأساليب المفروض اتباعها لتعزيز نشر أخبار غير متحيزة، والعمل على دعم مبدأ حرية الصحافة، ودعم وكالات الأنباء في معرفة التطورات المهمة كافة، في مجال الميديا وحماية عمل وكالات الأنباء من القرصنة، وضرورة الاعتراف بالتنوع بين مختلف وكالات الأنباء، بالإضافة إلى ضرورة تأمين حماية الصحافيين العاملين في مناطق خطرة.

وأوضح المشاركون في المداخلات التي ألقيت خلال الجلسات، أن سوق وكالات الأنباء تشهد انتقالات سريعة نحو الخبر المصور عبر الفيديو، مشيرين إلى أن هذه السوق تشهد استهلاك الأنباء عبر الهواتف النقالة المتحركة بشكل متزايد، وكذلك التحول إلى الإنترنت ولا سيما الـ«فيس بوك» و«تويتر» وغيرهما من المنابر.

وتناولت جلسات المؤتمر مسائل رئيسية تتعلق بصحافة وكالات الأنباء بشكل مباشر، ففي الجلسة الأولى نوقشت موضوعات تتعلق بتكييف قدرة وكالات الأنباء على العمل لإيجاد خدمات ومنتجات جديدة يمكن أن تنافس بها الوكالات أجهزة الإعلام الأخرى.