رغم مرور 12 عاما على تطبيقه.. قرار منع «العقاب البدني» في المدارس يثير جدلا

تربويون يرونه صائبا.. وأولياء أمور ينادون بعودته وفق ضوابط

معلم وتلاميذه داخل فصل في إحدى مدارس العاصمة الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

مضى 12 عاما منذ صدور أول قرار بمنع الضرب «العقاب البدني» بمدارس التعليم العام بالسعودية، بعد أن أقرت وزارة التربية والتعليم ذلك القرار، وفق دراسات تربوية وسلوكية محكمة، إلا أن ذلك القرار رغم مرور السنوات، ظل محل أخذ وجذب بين من يرى صوابه ومن يرى فيه مبدأ لتعديل السلوك لدى الطلاب والطالبات ممن لا تجدي معهم مختلف وسائل الترهيب والترغيب التربوية.

ويعود الجدل إلى الأوساط التعليمية مجددا بين المؤيدين والرافضين للمنع، متذرعين بحجج شتى، فالممانعون للضرب يرون فيه إعطاء فرصة للمعلمين والمعلمات في التمادي في العقاب وما يترتب عليه من آثار نفسية وبدنية تطال الموقع عليهم العقاب بالضرب، فيما يرى الطرف الآخر أنه أفقد المعلم دوره التربوي في توجيه السلوك بحزم، مما يفقد الصورة الذهنية لدى الطلاب والطالبات لصورة المعلم الصارم.

وفي السياق ذاته قال لـ«الشرق الأوسط» إبراهيم الفقيه مدير إدارة التربية والتعليم بالقنفذة سابقا: «أنا مع قرار منع الضرب فقد كان صائبا وناجعا بمعنى الكلمة، حيث إن إدارات التربية والتعليم عانت كثيرا من مسألة ورود شكاوى متلاحقة من قبل بعض أولياء الأمور بسبب الضرب، الذي يتعرض له أبناؤهم بالمدارس».

وكان للإعلام المحلي دور في إبراز كثير من قضايا الضرب التي تحدث داخل مدارس التعليم العام بالبلاد، حيث كانت تلك القضايا مثار اهتمام للصحف ومتابعيها، في وقت كانت المسألة بالنسبة لبعض الأسر أمرا بالغا في الأهمية، إذ تضرر بعض الأبناء نفسيا من جراء بعض التعاملات من قبل بعض المعلمين، مما تسبب في دفع الوزارة في حينه لاتخاذ القرار بمنع الضرب بمدارس التعليم العام كافة.

من جانبه، قال محمد إبراهيم مرشد طلابي بإحدى مدارس التعليم العام بالسعودية: «إن كثيرا من أولياء الأمور خلال العشر سنوات الماضية أبدوا اهتماما واسعا بأبنائهم، فكان السؤال منهم في أدق التفاصيل، وكانت تأتينا بعض الحالات المتضررة من جراء ضرب الأبناء»، ويرى أن نظرة أولياء الأمور في متابعة أبنائهم باتت مختلفة عما كان سابقا ولم يعد أولياء الأمور يتقبلون مسألة العقاب من قبل المعلمين.

وأكد إبراهيم أن الضرب لا يعد وسيلة جيدة للعقاب في ظل وجود لائحة عامة من قبل وزارة التربية والتعليم مخصصة لمخالفات السلوكية من قبل الطلاب، موضحا أن مخالفات الطلاب أصبحت قليلة جدا، مقارنة بالفترة التي سبقت تطبيق تلك اللائحة من قبل المعلمين.

وشدد إبراهيم على أهمية تطبيق تلك اللائحة من قبل المعلمين، لافتا إلى أن التهاون فيها هو الأمر الذي يسبب تمادي بعض الحالات الخاصة من الطلاب وتجاوزاتهم مع بعض المعلمين.

من جانبها قالت زهرة القاسم، ولية أمر أحد الطلاب: «إن الضرب يعتبر أمرا مهما كنوع من العقاب للطلاب والطالبات»، لافتة إلى أن الأمر يعود إلى ضوابط لتطبيق تلك العقوبة، بحيث لا تكون مؤذية.

وزادت القاسم: «إن الضرب يعتبر حلا في حال تمادي بعض الطلاب وتجاوزهم في سلوكياتهم داخل المدرسة»، مؤكدة أن الضرب يشعر الطلاب بقيمة المعلم، لافتة إلى أن هناك بعض الحالات الخاصة التي تقوم على مبدأ قلب الموازين وإشاعة الفوضى، مما يجعل منع الضرب يسهم في اهتزاز صورة المعلم في نظر طلابه.

فيما يرى محمد الحربي معلم بمدارس وزارة التربية والتعليم، أن مبدأ العقاب لا بد أن يكون موجودا حتى من قبل إدارة المدرسة، لافتا إلى أن الأجيال الماضية من الطلاب حققت نجاحات كبيرة بسبب وجود روادع سلوكية بالمدرسة.

وأشار الحربي إلى أن الضرب بعد أن تم منعه من قبل وزارة التربية والتعليم زادت مشكلات مخالفات الطلاب، مشيرا إلى ما يتم توثيقه عبر شبكة الإنترنت من مقاطع فيديو تسجل مواقف سلوكية خاطئة للطلاب داخل مدارسهم.

وزاد الحربي: «أرى أن تعود قيمة المدرسة من خلال إعادة بعض الروادع السلوكية كالضرب من قبل المعلمين وفق ضوابط مشروطة، وكذلك من قبل إدارة المدرسة».

وكانت وزارة التربية والتعليم بالسعودية، عممت لائحة مخالفات سلوكية يتم تطبيقها على الطلاب المخالفين سلوكيا، من أبرز ما تضمنته فصل الطالب إذا بلغ غيابه 25 في المائة، أو ارتكب مخالفة من الدرجة الخامسة، وتحسم درجة واحدة عن كل مخالفة يرتكبها الطالب.

أما لائحة المواظبة التي عممتها وزارة التربية والتعليم على مدارس التعليم بالبلاد كافة، فتضمنت تخصيص 100 درجة للمواظبة؛ بمعدل 50 لكل فصل دراسي، تخضع تقديراتها لمدى التزام الطالب بالحضور إلى المدرسة، والانتظام ببرنامج اليوم الدراسي من بدايته حتى نهايته.

وتضمن قرار الوزارة أمورا عدة، يعاقب عليها الطالب، مثل عدم التقيد بالزي السعودي، والنوم داخل الفصل، وإعاقة سير الحصص بالحديث الجانبي، وتناول الأطعمة والمشروبات أثناء الدرس، والعبث أو ضعف المشاركة في الاصطفاف الصباحي، وعدم إحضار الكتب أو الكراسات أو الأدوات المدرسية والملابس الرياضية، وكذلك إهمال أداء الواجبات المدرسية، والهروب من المدرسة، وإثارة الفوضى داخل محيط المدرسة.

كما تضمنت أيضا التشديد على تهديد إداريي المدرسة أو معلميها أو من في حكمهم أو إلحاق الضرر بممتلكاتهم، أو التلفظ بكلمات نابية أو الإشارة بحركات مخلة تجاه المعلمين أو الإداريين أو منسوبي المدرسة.