«ريالي».. منهج لا صفي يعلم طلبة المدارس الابتدائية ثقافة الادخار

دراسة: 89 في المائة من الشباب لا يخططون ميزانيتهم

أظهرت الدراسات ضرورة تعليم الطلبة الأساليب المالية الصحيحة قبل بلوغهم 12 سنة («الشرق الأوسط»)
TT

في ظل غياب ثقافة الادخار عن كثير من الأسر في المجتمعات الخليجية بصفة عامة، وفي السعودية على وجه الخصوص؛ استقبلت المدارس الابتدائية بالاتفاق مع وزارة التربية والتعليم، سفراء لتدريب طلاب الفصول من الرابع حتى السادس الابتدائي على برنامج خاص للوعي المالي تحت مسمى «برنامج ريالي»، يسعى لإنشاء جيل واع وناضج فكريا وماديا واجتماعيا، يتمكّن من إدارة حياته باستقلالية ومهارة، ويتحرر فيما بعد من الاعتماد الكلي على أهله في محطات الحياة الأساسية من تعليم وزواج وعلاج.

ويهدف البرنامج الذي أطلقته شركة سعودية، إلى تنمية الوعي المالي للطالب من خلال كتاب لا منهجي يُشرح في حصص النشاط، ويشمل ثلاثة فصول تتضمن: دراسة مفاهيم الكرامة المالية، والرغبات والاحتياجات، والاقتراض والاستثمار.

وجرى إعداد المنهج اللاصفي، عبر إجراء التجارب الأولية عليه في عدد من المدارس الأهلية، ومن المخطط توسيع البرنامج ليشمل مدارس التعليم العام في أنحاء البلاد.

وبحسب دراسة إحصائية أجرتها شركة الإكسير للدراسات والأبحاث، بيّنت الدراسة أن 75 في المائة من فئة الشباب في السعودية يعتقدون أن لديهم وعيا ماليا وأنهم على معرفة بثقافة الادخار، لكن واقع ممارستهم للعادات والتقاليد أثبت عكس ذلك، وكشفت الدراسة عن أن 89 في المائة من الشباب لا يضعون ميزانية خاصة لمصروفاتهم، وليس لديهم أي أهداف، و56 في المائة من الشباب لا يقوم بتوفير جزء مخصص من ماله للادخار، وأن من يقوم بادخار المال للاستفادة منه يقوم بصرفه في كماليات وليس في احتياجات.

وأظهرت نتائج الدراسة أن 86 في المائة يعتقدون أهمية تدريب الصغار على الأساليب المالية السليمة، وأن 79 في المائة منهم يرون ضرورة تعليمهم الأساليب المالية الصحيحة قبل سن 12 عاما، على أن يتم ذلك من خلال تشجيع الأشبال على تخصيص جزء من مصروفهم اليومي للادخار، ومن خلال تضمين المناهج الدراسية مواد تعليمية تشجع على التوفير وتغرس هذه الثقافة لدى النشء الصغير.

في هذا الخصوص بيَّن أنيس أحمد مؤمنة، الرئيس التنفيذي لمجموعة سدكو القابضة وهي الشركة التي تبنت المشروع، أن دراسة شاملة لمعرفة أهم احتياجات المجتمع السعودي بينت أن ثقافة الوعي المالي تكاد تكون معدومة في أغلب فئات المجتمع، خاصة بين فئات الجيل الصاعد من الشباب، ما دعا القائمين على برنامج المسؤولية الاجتماعية إلى استحداث برنامج بعد دراسته على مدى أربع سنوات يثقف المجتمع بالوعي المالي تحت مسمى «ريالي»، بدأ إطلاقه في الجامعات كمرحلة أولى، والآن يتم إطلاقه في المدارس الابتدائية، والخطة القادمة ستكون شريحة ربات البيوت هي المستهدفة.

من جهته، قال عمرو باناجة، نائب رئيس الاتصالات والتسويق في مجموعة سدكو القابضة: «إطلاق ريالي للأشبال هو المرحلة الثانية لبرنامج ريالي للوعي المالي الذي أطلق العام الماضي واستهدف شريحة الشباب في الجامعات، ولا يزال يواصل برامجه التوعوية بنجاح، ونظرا لأهمية التوعية المبكرة والبناء الصحيح، فقد رأينا ضرورة شمل شريحة الصغار بعد الدراسة الاستقصائية التي أظهرت مدى الحاجة إليه، وتم إقامة الدورات التدريبية التجريبية في أربع من المدارس الأهلية، حيث قام سفراء لريالي من المعلمين في هذه المدارس بعمليات تدريب الناشئة، ومع هذه الانطلاقة سنعمل على توسيع الدائرة لتشمل المدارس الحكومية».

وبيّن أنه سبق للبرنامج إعداد دراسة أولية شملت شريحة متنوعة من الجهات المعنية من أفراد المجتمع، منها 12 مقابلة متعمّقة مع أولياء الأمور، و3 مقابلات مع مجموعات صغيرة من المدرسين، وست مقابلات مع مجموعات طلابية، ومقابلتان متعمقتان مع أطباء نفسيين، ومثلها مع مرشدين تربويين، كما شارك ألف شخص في الدراسة الاستقصائية التي وقفت على فلسفة التعامل المالي لدى الناشئة. وأضاف: «نحن ندرك أهمية التمكين المالي، ونعمل من أجل تزويد الأشبال بالأدوات التي تعينهم على إعداد الخطط المالية السليمة التي تمكّنهم من وضع الميزانيات والإلمام بمفاهيم التخطيط والإدارة المالية والادخار والاستثمار والاقتراض، من خلال أسلوب مهني في توصيل المعلومة عن طريق القصص والتمارين التفاعلية وورش العمل المنشطة».

ويهدف برنامج ريالي لتغيير السلوكيات المالية لدى الناشئة، خاصة فيما يتعلق بالتخطيط المالي للمستقبل وتحمّل المسؤولية، وغرس العادات السليمة لديهم، مع شرح أهمية وضع الميزانيات المالية لكل فرد، وسيكون للبرنامج الذي حظي بالترحيب الواسع، الأثر الإيجابي الملموس فيما يخص الإنفاق والادخار والاستثمار لدى هذه الفئة من المجتمع.

ويعمل البرنامج، الذي يهدف للوصول إلى 50 ألف مستفيد في مرحلته، من أجل تمكين الشباب السعودي من الوعي المالي والتخطيط والإدارة المالية، عبر تدريبهم وتزويدهم بالأدوات التي تعينهم على اتخاذ قرارات مالية سليمة.

كما يهدف أيضا إلى توعية الأشبال والشباب السعوديين بالتخطيط المالي وإعداد الميزانيات، وغرس ثقافة الادخار والاستثمار، وحسن التعامل مع القروض المالية.