مهرجان تراثي يمهد لـ«جدة التاريخية» دخول «اليونيسكو»

ينطلق الخميس المقبل إحياء للموقع

تزدان جدة التاريخية بالرواشين كمعلم حضاري يميزها عن بقية المناطق الأخرى في المحافظة (واس)
TT

ينطلق الخميس المقبل «مهرجان جدة التاريخية»، بحضور الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، ورعاية الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة، ويستمر عشرة أيام في أول أنشطة محافظة جدة لعام 2014.

ومن المرتقب أن يشهد منتصف العام الجاري تقديم ملف جدة التاريخية لقائمة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، من أجل إحياء الموقع المهم ودعم جهود هيئة السياحة في تطويره. وحظيت «جدة التاريخية»، باهتمام الدولة منذ نزل بها الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن عام 1925، حيث حل ببيت نصيف مدة عشر سنوات واتخذ مجلسا ومصلى بجوار مسجد الحنفي، لتتوالى رعاية الدولة لجدة، خلال عهد الملك سعود والملك فيصل، فأسست شبكات الخدمات بأنواعها كافة، وإنشاء المرافق الحكومية وإصدار نظام الآثار عام 1972، الذي كفل الحفاظ على جدة التاريخية لاحقا. وخلال عهد الملك خالد والملك فهد، أعدت الدولة خططا استراتيجية لتنفيذ مشاريع عدة في جدة التاريخية، توجت بمشروع ميزانيته تجاوزت 80 مليون ريال لرصف وإنارة جدة التاريخية بأسلوب يتماشى مع قيمتها التاريخية والحفاظ على مبانيها التراثية ونسيجها العمراني التاريخي.

واستمر اهتمام الحكومة بمنطقة جدة التاريخية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي أولى الموقع أهمية خاصة في إطار عنايته بالتراث العمراني في مناطق البلاد كافة، وتجسد هذا الاهتمام بتشكيل اللجنة العليا لتطوير جدة التاريخية برئاسة الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة السابق، والأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، نائب اللجنة، التي انبثقت عنها لجنة تنفيذية برئاسة مشعل بن ماجد، محافظ جدة، وعضوية الدكتور هاني أبورأس أمين المحافظة، وانعكس ذلك إيجابا من خلال الاعتمادات المالية المتزايدة لمشاريع جدة التاريخية التي تهدف إلى المحافظة على المنطقة وتنميتها وجعلها منطقة عمرانية جذابة تحافظ على قيمتها الحضارية والتراثية. ودعم خطط الحكومة في تنمية جدة التاريخية والمحافظة على تراثها العريق، أمراء منطقة مكة المكرمة الأسبقون، ومنهم الأمير ماجد بن عبد العزيز والأمير عبد المجيد بن عبد العزيز، حيث عملوا على زيادة الوعي بأهمية هذه المنطقة من خلال مشروع تطوير جدة التاريخية وما عمل عليه الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة السابق، رئيس اللجنة العليا لتطوير جدة التاريخية.

واهتم الأمير خالد الفيصل بجدة التاريخية من خلال رئاسته اللجنة العليا لمشروع تطويرها، مما أسهم في تنفيذ مشاريع، والتأسيس لمشاريع مستقبلية للمنطقة، في حين أولى الأمير سلطان بن سلمان، منطقة جدة التاريخية عناية شخصية منذ مدة تقارب خمسة وعشرين عاما، وذلك ضمن اهتمامه بالتراث العمراني الوطني قبل إنشاء الهيئة العامة للسياحة والآثار، وذلك في إطار رئاسته الفخرية للجمعية السعودية لعلوم العمران.

ويعد الأمير سلطان بن سلمان من أكثر المنادين بأهمية نهوض الأهالي والمؤسسات المحلية في محافظة جدة بدورهم، فعمل من خلال رئاسته للهيئة وعضويته في اللجنة العليا للمشروع على الاهتمام بجدة التاريخية ومتابعة جهود تطويرها، وزارها عدة مرات، كما حظيت جدة التاريخية باهتمام ومتابعة الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة، ومتابعته الدائمة لجهود حماية الموقع ومشاريع تطويره. وبذلت الهيئة العامة للسياحة والآثار، جهودا كبيرة في منطقة جدة التاريخية في إطار مشروع تطوير وإعادة تأهيل مراكز المدن التاريخية، الذي تعمل عليه الهيئة بالشراكة مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، وانطلاقا من حرص الهيئة على تطوير هذه المواقع التاريخية المهمة والمحافظة عليها وتحويلها إلى مناطق جذب سياحي واقتصادي، بهدف المحافظة على المنطقة وتأهيلها وتنميتها عمرانيا وثقافيا واقتصاديا بأسلوب مستديم، يُبرز معالمها وتراثها العمراني والثقافي، ويشجع الملاك على حماية ممتلكاتهم. وتشترك الهيئة مع أمانة محافظة جدة في العمل على إعادة تأهيل وتطوير جدة التاريخية، ونفذت في هذا الإطار عددا من المهام، منها إعداد وثيقة الأساس لمشروع الملك عبد العزيز للمحافظة على منطقة جدة التاريخية وتنميتها، التي تكوّنت منها لجان للمشروع على رأسها اللجنة العليا للمشروع برئاسة أمير منطقة مكة المكرمة، كما تعمل الهيئة مع أمانة جدة في عقد ورش عمل والمشاركة في تقييم الدراسات التخطيطية الخاصة بتطوير المنطقة.

وشاركت هيئة السياحة في وضع خطة المشاريع التنفيذية لمنطقة جدة التاريخية، وتعاقدت مع استشاريين عالميين يعملون حاليا على إعداد خطة الحماية والإدارة لمنطقة جدة التاريخية تمهيدا لاستكمال ملف تسجيلها في قائمة التراث العالمي في منظمة اليونيسكو، وذلك بعد موافقة المقام السامي على تسجيل الموقع ضمن هذه القائمة، وكذلك شاركت الهيئة في اللجنة المشكلة لتقييم الوضع الراهن لجدة التاريخية والحلول المقترحة لذلك. وساهمت الهيئة مع أمانة محافظة جدة في تحديد خطة أولويات المشاريع المطلوب تنفيذها لتطوير منطقة جدة التاريخية، وأكدت في أكثر من مناسبة أهمية الأعمال التنفيذية في أعمال التطوير لوجود الكثير من الدراسات المطلوب تنفيذها في هذا المجال، كما قدمت الدراسات والخطط التي يحتاج إليها مشروع تطوير جدة التاريخية، وسبق أن عقدت اللجنة العليا لتطوير مشروع جدة التاريخية اجتماعا بعد الأمطار الغزيرة التي هطلت على جدة العام الماضي برئاسة الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، رئيس اللجنة، ناقشت خلاله القضايا التي تعيق الأعمال التنفيذية في جدة التاريخية وآلية معالجتها.

وأقرت في ذلك السياق خطة إنقاذية عاجلة تضمنت التأكيد على سرعة تحديد المخاطر ومعالجة الأضرار التي تسبّبها بعض المباني من خلال تدعيم الخطرة منها والآيلة للسقوط واستمرار إخلاء المباني والمحال التجارية الخطرة في المنطقة وقطع الخدمات الأساسية عنها حسبما تقرره الفرق الميدانية، مع أهمية سرعة توفير المبالغ اللازمة للإنقاذ والتطوير ووضع الأسس لتحفيز الملاك للمشاركة في الاهتمام بمبانيهم التراثية واستثمارها.

كما أُقرت الهيئة - حديثا - مشاريع ميزانية خاصة لمشروع تطوير جدة التاريخية، والبدء في ترميم 18 مبنى تراثيا، ودعم وتطوير مسار الاستثمار في المنطقة، وترشيح عدد من المباني التراثية للعمل على تطوير أحدها من قبل الشركة السعودية للضيافة التراثية لتكون فندقا تراثيا، إضافة إلى معالجة القضايا المتعلقة بالأوقاف بالتعاون مع وزارة المالية ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، وتعمل الهيئة حاليا على تطوير جدول زمني محدد لإنجاز مشاريع جدة التاريخية، بهدف إبراز ما تتميز به المنطقة من أهمية وقيمة تاريخية وتراثية استثنائية.

وحرصت الهيئة العامة للسياحة والآثار بالتعاون مع الشركاء جميعهم على تطوير جدة التاريخية والمحافظة عليها وتأهيلها وتنميتها عمرانيا وثقافيا واقتصاديا بأسلوب مستديم وتسجيلها ضمن قائمة التراث العالمي، لما تتميز به المنطقة من قيمة تاريخية وعمرانية بصفتها آخر مدينة تمثل الطراز العمراني المتميز لحوض البحر الأحمر، وأن يكون التسجيل وسيلة مهمة للمحافظة على ما تبقى من معالم المنطقة وتراثها وحمايته، وسعيا إلى حث الجهات والقطاعات المعنية كافة على بذل المزيد من الجهود وإنجاز المشاريع التي من شأنها إعادة القيمة الاستثنائية للمنطقة.