الكيانات الاقتصادية النسائية في السعودية تجارب واعدة تحتاج لتعزيزها

خبراء : رؤوس أموال سيدات الأعمال يجب أن تقترن بالخبرة

تتردد رؤوس الأموال النسائية في دخول مشاريع عملاقة («الشرق الأوسط»)
TT

أوضح خبراء اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط» أن الكيانات والتكتلات الاقتصادية بشكل عام والنسائية بشكل خاص، تسهم في تنفيذ المشروعات الضخمة والعملاقة التي تدعم الاقتصاد والتنمية في السعودية، مشددين على أهمية أن تقترن هذه الكيانات بالخبرة والتجربة، والأفكار الخلاقة والدعم التمويلي حتى تحقق هذه التجارب الاستثمارية المأمول منها، إضافة إلى وجود بيئة استثمارية وحاضنات أعمال داعمة. وبين الدكتور عبد الله المغلوث، رجل الأعمال وعضو الجمعية السعودية للاقتصاد، أن فكرة الكيانات الاقتصادية فكرة مقبولة لدى سيدات الأعمال السعوديات، ومما لا شك فيه أن الاقتصاد السعودي يمر بمرحلة قوية، أصبح لها أبعاد تستقطب المستثمرين الأجانب للاستثمار داخل السعودية، مما جعل سيدات الأعمال، خلاف الرجال، يفكرن في كيانات اقتصادية تستوجب دخول هذا المضمار والاستفادة من المشروعات الموجودة.

وأكد المغلوث أن هذه الكيانات الاقتصادية تحتاج إلى الخبرة والدراية التي تمكنهن من وجود تحالفات تجعلهن قوة مؤثرة يمكن التنافس عليها، لذا ينبغي على سيدات الأعمال قبل الدخول في مجال الاندماجات، وتكوين كيانات اقتصادية، والاستعانة ببيوت الخبرات المالية، التي تمكنهن من تحقيق النجاح المتوقع والرجوع بفوائد آمنة، وأضاف أن هذه الكيانات والاندماجات والاقتصادية تدعم نجاحات المرأة السعودية.

وأضاف أن هذا النجاح لن يتأتى إلا من خلال الخبرة والدراية، وتابع إن «هناك فرصا كبيرة ومشروعات ضخمة وعملاقة وينبغي الاستفادة من مرجعيات وأسس تجعلهن في مكان آمن دون اتخاذ قرارات عشوائية تؤدي إلى خسارة رؤوس الأموال، وبين المغلوث أن الكيانات الاقتصادية تعتبر حلا في حال قلة رؤوس الأموال، وعدم توافر مصادر كافية للتمويل، مما يتطلب توفير هذه الكيانات والعمل على إيجاد الدعم الفكري لها، الذي هو أساس في نجاح المشروعات التي يجب أن تكتمل فيها كثير من العناصر في الأفكار والتجارب الناجحة، والخبرة والدراية التي تعتبر من أهم العوامل المساعدة في نجاح تكوين هذه الكيانات، وأشار إلى وجود كثير من الكيانات الاقتصادية لسيدات الأعمال في الرياض وجدة والشرقية، مؤكدا وجود فرص نجاح كبيرة مما يؤدي إلى دخول المرأة إلى المشروعات الضخمة، والاستفادة من مصادر التمويل التي وفرتها الدولة بالقروض الصناعية، والتمويلية التي أوجدتها الدولة لدعم الاستثمارات في القطاع الخاص.

وأكدت الدكتورة نعيمة بوقري، مشرفة قسم التسويق، وعضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبد العزيز، والمستشارة بأمانة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن وجود الكيانات والشراكات الاقتصادية بين سيدات الأعمال السعوديات قليلة ونادرة، على الرغم من أهميتها في دعم التنمية الاقتصادية والموارد البشرية وإيجاد فرص عمل نسائية، مبينة أن الشراكات النسائية إذا بنيت على الخبرة والدراية والدعم الكامل من سيدات الأعمال، فإنها ستؤدي إلى أن دخول المرأة في المشروعات العملاقة بالشراكة مع المرأة، مما سينعكس على التوظيف، وعلى زيادة الطلب في السلع والخدمات والعنصر البشري، مشيرة إلى أن الكيانات الاقتصادية النسائية يمكن أن تكون كبيرة أو متوسطة أو صغيرة ولكنها تحقق نتائج إيجابية على دخول المرأة عالم الاستثمار ومشاركتها في التنمية الاقتصادية.

فيما خالف الدكتور طارق خزندار، رئيس قسم التسويق واستشاري في مكتبة الأبحاث التسويقية والإدارية في توجهه نحو إيجاد كيانات اقتصادية نسائية، مبينا أن هناك تعددية في رؤوس الأموال النسائية، فهناك سيدات جسورات ومخاطرات يمكنهن المغامرة برؤوس الأموال الكثيرة.

وقال: «إن الكيانات يجب ألا تقتصر على كيانات نسائية ويجب ألا يتم تكريس فكرة أن هذه الكيانات يجب أن تكون نسائية»، وتابع: «إن العمل الاقتصادي بشكل عام يجب ألا يفرق بين رجل وامرأة، المهم أن تكون هناك رؤوس أموال في شراكة اقتصادية مالية مما سيؤدي إلى نجاح هذا المشروع»، مبينا أنه قدم عددا من الأبحاث حول الرواد والعصاميين والجسورين من رجال الأعمال السعوديين، فلماذا لا يكون مقومات لسيدات الأعمال السعوديات الجسورات، وأن تكون هناك أسماء كبيرة وقصص لسيدات أعمال سعوديات وعصاميات، والتعريف بالمعوقات التي وقفت أمامهن.

وشدد على أنه من المهم التعرف على المشروع، وأن تكون هناك فكرة ورأسمال وتمويل، ويمكن أن تتم هذه الكيانات بالشراكة بين الرجل والمرأة، فيمكن أن تتم بين السيدات، والرجال الأقارب من عائلة واحدة مثل الزوج والإخوان والأخوات أو مع الغير، وهناك أساليب شرعية كثيرة لتنفيذ هذه المشروعات، وفقا لتعاليم الدين الحنيف مما يكسب المرأة جرأة في دخول هذه المشروعات، كما يمكن الاستفادة من وسائل التمويل المختلفة مثل صندوق المئوية أو الصندوق الصناعي والتجاري أو تمويل البنوك.

وختم حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «أعتقد أن هناك رؤوس أموال نسائية ضخمة في المملكة، قد تعادل رؤوس أموال الرجال، ولا تقل بكثير عنهم، مما يتيح للمرأة فرصة التفكير والإقدام على هذه المشروعات بعمل كيانات نسائية أو كيانات بمساهمة من رجال الأعمال». كما أشارت المديرة التنفيذية لصندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز لدعم المشروعات الصغيرة إلى أن المستثمرة السعودية شديدة الحذر، وتتردد في الدخول بأي استثمارات برؤوس أموال ضخمة، وأن وجودها ضمن منظومة أو كيان نسائي سيساعدها على الدخول بجزء من رأسمالها دون المغامرة به، وأكدت الزهير أنه لا تزال هناك مخاوف لدى سيدات الأعمال السعوديات من الدخول في تجربة الكيانات الاقتصادية، مع أنها تعد بوابة مفيدة لدخول المستثمرات السعوديات إلى المشروعات الضخمة والعملاقة التي لا يمكن لسيدة أعمال واحدة الدخول فيها.

وتابعت: «إننا نحتاج إلى الروح الجماعية في الاستثمارات والتفكير والاستثمار بطريقة جماعية مدروسة بما يدعم وجود المرأة في الاقتصاد السعودي ومساهمتها في التنمية»، مؤكدة أن مشروع صندوق الأمير سلطان لدعم المشروعات الصغيرة حاول إيجاد كيانات اقتصادية صغيرة أو متوسطة، ولكن الفكرة رغم أهميتها ظلت محل تخوف شابات الأعمال على الرغم من توافر القروض ورفع سقف التمويل.

وأضافت الزهير: «حاولنا التوفيق في مجال جمع أفكار المستثمرات في الحرف اليدوية أو في الصناعات والمعامل، وكان هناك تخوف وتردد كبير على الرغم من أن دخول المرأة في كيانات اقتصادية سينعكس إيجابا على الاستثمارات النسائية وعلى التسهيلات المقدمة لها والقروض، مبينة أن طبيعة المرأة الحذر من ضخ رأسمال كبير إلى موقع لا تعرفه» مؤكدة أن هذه المخاوف ستتلاشى مع مرور الوقت.

وبينت أن هناك فرصا لكيانات اقتصادية للاستثمارات في نجران وجازان وعسير، وأن هذه الاستثمارات بلا شك ستنعكس إيجابا على الاقتصاد السعودي وعلى جدية مشاركة المرأة في المشروعات الضخمة، مضيفة أن مخاوف المرأة وهجرة رؤوس الأموال النسائية السعودية إلى دول الخليج تعد من أهم الأمور التي يجب الالتفات إليها، حيث إن معظم سيدات الأعمال السعوديات، وجهن رؤوس أموالهن إلى البحرين ودبي بسبب التسهيلات، وهذا ما أعلنته وسائل الإعلام عن دخول المستثمرات السعوديات إلى السوق الخليجية.

وعن الإحصاءات الدقيقة عن رؤوس الأموال النسائية في السعودية، شددت الزهير على أن هناك مشكلة في توافر الدراسات والإحصاءات الدقيقة التي تحتاج إلى وجود مواقع متخصصة لتوفير هذه المعلومات، وأن يكون هناك دور لحاضنات الأعمال في الغرف التجارية في دعم مسيرة سيدات الأعمال، فمعظم حاضنات الأعمال الخاصة تستنزف المستثمرة، وتتطلب مبالغ كبيرة، بينما يمكن للجهات المعنية بالاستثمارات النسائية أن توفر حاضنات وبيئة استثمارية خصبة لرعاية المشروعات النسائية المنتجة للمحافظة على الاستمرارية، فـ«رأس المال جبان، وهذا ما يؤخر دخول المرأة في الاستثمارات العملاقة في السعودية».