مسؤول في «العدل»: لا اشتراطات تمنع المحاميات من الترافع أمام القضاء

مطالبات القانونيين السعوديين ترتكز على زيادة عدد القضاة في المحاكم الكبرى

مراجعون أمام المحكمة العامة في الرياض (تصوير: خالد الخميس)
TT

قال المهندس ماجد العدوان مدير مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء في السعودية لـ«الشرق الأوسط»، إن «المحاميات اللاتي جرى الترخيص لهن حديثا، سيمارسن أعمالهن في المرافعة داخل المجلس القضائي وأمام القاضي شأنهن شأن الرجال، ولن تكون هناك اشتراطات تمنعهن من ذلك».

وأكد العدوان في سياق آخر، أنه لا خلافات بين وزارة العدل السعودية والمحامين بشأن التشريعات الجديدة، وأضاف أن القانونيين طلبوا عقد لقاء مع مسؤولي الوزارة، وهو ما جرى تلبيته مباشرة في حضور كبار المسؤولين على مستوى الوكلاء في تخصصات المصالحة والتنفيذ والمتابعة، لافتا إلى أن اللقاء أفضى إلى نقاشات مهمة للطرفين، وأخذت الوزارة بالنقد البناء على محمل الجد، ولم تهتم بغير المثمر.

وأشار العدوان إلى أن برامج التطوير لا تواجه حرجا في عدم تقبل القضاة الذين تعودوا على التعامل الورقي، وعدم امتلاكهم مهارات التعامل الإلكتروني، مبينا أن كاتب الضبط المحاذي للقاضي هو من يتولى هذه المهمة من خلال طبع الصكوك والأحكام وأوراق الدعاوى، وأضاف أنه من غير الموضوعي ألا يلمس المراقبون التطور الذي شهدته البيئة القضائية خلال السنوات الأخيرة، وهو ما أدى إلى أن تتبوأ السعودية مركزا متقدما حول التميز في إدارة المحاكم الإلكترونية، بفضل برامج عدة أهمها تدريب أكثر من 20 ألف موظف على استخدام التقنية.

وفي سياق آخر، ذكر المحامي حمود الناجم أن ما نفذته وزارة العدل في ظل التنظيم الجديد، ومشروع الملك عبد الله لتطوير مرفق القضاء، حقق نجاحات جيدة ومباشرة، مؤكدا أن كل من يقترب من العمل القضائي ويتعايش معه، يرى تلك النقلة والتغيير خصوصا في المجال الإلكتروني، وهو ما يمثل نفعا مباشرا وملموسا لكل المرتادين للقضاء سواء من المتخاصمين أو بقية المستفيدين.

ولفت إلى أن وزارة العدل أصدرت للمحاكم تعليمات تركز في مجملها على تفعيل نظام المحاماة، وتمكين المحامي من مباشرة القضية التي يترافع فيها وفق ما قضى به النظام، مبينا أن ذلك أدى لاستجابة العاملين في أروقة المحاكم، وأصبح التعاون والتجاوب حقيقة ملموسة، مشددا على أن المحامي الذي يترافع بصدق هو عون للقاضي، ويسهل عليه فهم القضية واختصارها، الأمر الذي يسرع من سير الدعوى والنطق في حكمها.

وفي الوقت الذي يشهد فيه مجلس الشورى السعودي اليوم، مناقشة تقرير عن أداء وزارة العدل خلال العام الماضي، برزت في الآونة الأخيرة، حالة من التباين في الرؤى بين المحامين ووزارة العدل، حول رفع «العدل» أمام المحكمة الجزائية دعاوى ضد محامين تجاوزوا مفهوم «الحرية» إلى الإساءة وفق وصفها لدى تغريدهم في شبكات الإعلام الجديد، فيما رأت قطاعات في العمل القانوني أن تلك الممارسات تهدف للتضييق والإقصاء.

من جهة أخرى، رأى المحامي محمد الجذلاني أن الساحة القضائية تعاني حاليا من حالة ارتباك بسبب توقيت صدور الأنظمة الجديدة، والبطء في تنفيذها وتعليقها، ومن بين ذلك نظام المرافعات الشرعية، مؤكدا أنه لا يملك رؤية واضحة لتقييم العملية القضائية في الوقت الراهن، وأن ذلك مرهون بمدة زمنية لن تقل عن عامين، بعد اكتمال البنية التشريعية المتطورة.

ويرى الجذلاني أن كتاب الضبط العاملين مع القضاة يحتاجون مزيدا من التأهيل، وشدد على ضرورة الاستعانة بأعوان متخصصين في صياغة الدعوى بطريقة مهنية، وأضاف في سياق آخر أن أهم متطلبات المحامين تتركز حول زيادة عدد القضاة في المحاكم الكبرى، وتقليص المدة الزمنية التي تفصل بين الجلسات، إضافة إلى الحد من ضياع المعاملات داخل الدوائر القضائية بسبب إهمال العاملين هناك.

أمام ذلك، ارتفع عدد مستخدمي البريد الإلكتروني من منسوبي وزارة العدل السعودية في عام 2013 إلى 21 ألفا من العاملين الجهاز، البالغ عددهم 24 ألف موظف، وقفز عدد القضاة الذين يستخدمون الإنترنت إلى 1087 قاضيا بعد أن كان عددهم لا يتجاوز 215 قاضيا قبل خمس سنوات، ونشرت «الشرق الأوسط» تقريرا منتصف العام الماضي استعرض إحصائية للوزارة، أظهرت أن عدد من يمتلكون حسابا إلكترونيا لتبادل الرسائل لم يكن يتجاوز في عام 2008 سبعين موظفا، غالبيتهم من المنتسبين لإدارة الإعلام في الوزارة الذين يبعثون برسائل إخبارية للصحف.

في حين ارتفعت أهمية التطورات الجديدة من خلال إقناع أكثر من 1087 قاضيا بالتعامل مع التقنية، في ظل توجه الدولة نحو التحول لنظام الحكومة الإلكترونية في التعاملات واستبدال الورق بها، بعد أن كان ذلك مقتصرا على 215 قاضيا قبل خمس سنوات، وهو ما يكفل تحقيق أعلى درجات الشفافية والنزاهة في الأداء والتقليص من نسبة الدعاوى المتأخر حسمها.

وأسفرت نتائج أعمال مشروع الملك عبد الله لتطوير القضاء ووزارة العدل عن معدلات قياسية في الإنتاجية الإلكترونية، بلغت 560 ألف صك و230 ألف قرار، في الوقت الذي وصل فيه عدد المحاكم التي دخلتها التقنية إلى 164 محكمة، سجلت 13 مليون وكالة إلكترونية، ويعمل المشروع على إنجاز محاور إصلاح القطاع القضائي والبيئة العدلية بعد إطلاق نظام التنفيذ والمتعلق باختصار مدة وإجراءات التقاضي وزيادة وتطوير أعوان القضاة وإنهاء الأرشفة الإلكترونية في المحاكم.

يشار إلى أن مشروع الملك عبد الله لتطوير القضاء، خصصت له سبعة مليارات ريال، وانطلق في يونيو (حزيران) 2009، وشمل النظام الجديد، بحسب النص، إنشاء محكمة عليا تنتقل إليها اختصاصات مجلس القضاء الأعلى المتمثلة في مراقبة سلامة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها، ومراجعة الأحكام والقرارات التي تصدرها أو تؤيدها محاكم الاستئناف بالقتل وغيرها من القضايا المهمة».

وتندرج تحت المحكمة العليا محاكم الدرجة الأولى، وتنقسم إلى محاكم عامة وجزائية وتجارية وعمالية ومحكمة للأحوال الشخصية. يعقبها تدرج محاكم الاستئناف التي تتولى النظر في الأحكام القابلة للاستئناف الصادرة من محاكم الدرجة الأولى، وتحكم بعد سماع أقوال الخصوم وفق الإجراءات المقررة في نظام المرافعات الشرعية، ونظام الإجراءات الجزائية.

وفي أغسطس (آب) الماضي، تم إنشاء خمسة أقسام بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وهي قسم القضاء التجاري، وقسم القضاء الجزائي، وقسم قضاء الأحوال الشخصية، وقسم القضاء العمالي، وقسم القضاء الإداري.

وكان مجلس الوزراء السعودي أعلن الشهر الماضي موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على ثلاثة أنظمة مهمة، وهي نظام المرافعات الشرعية، ونظام المرافعات أمام ديوان المظالم، ونظام الإجراءات الجزائية.

وبعد صدور نظام الترافع أمام ديوان المظالم، اكتمل استقلال القضاء الإداري في السعودية بنظام خاص لإجراءات التقاضي أمامه، كما اكتملت بعد صدور المراسيم الملكية للأنظمة، اكتمال الشق التشريعي لمشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء.

وقال الدكتور عيسى الغيث المستشار القضائي وعضو مجلس الشورى السعودي لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق عن أبرز الفروق الجوهرية التي سيسنها نظام المرافعات الشرعية، بعد نفاذه من ناحية اختصاص المحاكم التابعة لوزارة العدل، ونظام المرافعات أمام ديوان المظالم، حيث سيقتصر ديوان المظالم على المحاكم الإدارية فقط وسيكون العمل فيها وفقا لنظام «المرافعات أمام ديوان المظالم»، وستصبح الدوائر التجارية والجزائية محاكم منفصلة عن ديوان المظالم وتابعة لوزارة العدل.

وأوضح أن المحاكم العامة بعد تغير مسماها سابقا من محكمة كبرى إلى محكمة عامة ستبقى على هذا الاسم ولكن سيتغير اختصاصها حيث ستختص في القضايا المالية والعقارية، والإنهائية والتنفيذية، بالإضافة للدوائر المرورية، وسينزع منها الاختصاص في قضايا الأحوال الشخصية، وقضايا الإتلاف كالقتل والرجم والقطع والقصاص وهي القضايا التي فيها إتلاف للنفس وما دونها. وأضاف الغيث أنه سيسند إلى المحكمة الجزئية بعد تغير مسماها إلى «جزائية» النظر في قضايا التعزير التي كانت مختصة بها سابقا، إضافة لقضايا الإتلاف المنقول اختصاصها من المحاكم العامة عبر قضاء مشترك من ثلاثة قضاة لكل دائرة، والقضايا الجزائية التي كانت مسندة إلى ديوان المظالم مثل قضايا الرشوة والتزوير والأسلحة وغيرها، موضحا أنه ستنشأ محاكم للأحوال الشخصية مستقلة عن المحكمة العامة تنظر في قضايا الطلاق والخلع والحضانة والنفقة وغير ذلك من قضايا الأسرة. وزاد الغيث أنه سيتم وضع دوائر في المحاكم العامة تختص بالنظر في قضايا الأحوال الشخصية في المناطق التي لم تنشأ فيها حتى الآن محكمة للأحوال الشخصية كجهة مستقلة، فيما ستفصل الدوائر التجارية المفعلة منذ 20 عاما عن ديوان المظالم وستضم إلى وزارة العدل بكافة قضاتها وموظفيها ومقراتها تحت اسم المحاكم التجارية، بجانب إنشاء محاكم جديدة تابعة لوزارة العدل تسمى بالمحاكم العمالية تختص بقضايا العمال ومنفصلة عن وزارة العمل، حيث ستحل محل اللجان العمالية الابتدائية والاستئنافية بقضاة شرعيين متخصصين.