القطاع الخاص يرهن حلول السكن بـ«حافزي» التمويل والتطوير

«العدل» أمام تحدي الصكوك المعطلة ونزاعات الشركاء

سعوديتان في معرض للإسكان بالرياض (تصوير: اقبال حسين)
TT

يؤكد عقاريون على ضرورة إسهام وزارة العدل في حل أزمة الصكوك الموقوفة لتوثيق ملكية الأراضي في المدن، وحل النزاعات بين الشركاء، وحصر الأراضي البيضاء التي يمكن أن تكون جزءا من البيئة السكنية التي تنفذ عليها المشاريع، وذلك للإسراع بإنجاز هدف الدولة لإسكان المواطنين، كما يرون أن عددا من المطورين الأجانب يمنحون أولوية للاستثمار، نتيجة للعوائد الربحية العالية التي يمكن أن يحققوها، إلا أن بقاء الأنظمة والتشريعات الأكثر دقة لا يزال متعثرا، من دون افتتاح فروع لهم في البلاد.

ويعد ملف الإسكان من أكبر التحديات التي خصصت لها السعودية وزارة بأكملها، وخصصت لها ميزانية ضخمة، إلى جانب صلاحيات أخرى تتعلق بمنح الأراضي.

وبلغت مساحة الأراضي التي سلمتها وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى وزارة الإسكان أكثر من 65 مليون متر مربع، تزامنا مع الأمر الملكي الصادر في منتصف شهر أبريل (نيسان) من عام 2012، بأن تتوقف البلديات عن توزيع المنح، وأن تسلم الأراضي الحكومية كافة التي لم تستكمل البنى التحتية فيها لوزارة الإسكان لتتولى تخطيطها وتنفيذ مباني السكن قبل توزيعها على المواطنين وفق آلية الاستحقاق.

يقول محمد الخليل، نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية، لـ«الشرق الأوسط»: «على وزارة الإسكان أن تجتمع مع المقاولين، وتحل مشكلاتهم التمويلية والعمالية، وإعادة النظر في أسعار المشاريع لتتواءم مع الظروف الحالية لتكاليف أدوات البناء»، وأضاف أن وزارة العمل تتحمل جزءا من المسؤولية في تعطيل استثمارات المؤسسات المتوسطة، من خلال طرحها أنظمة جديدة لا يمكن استيعابها مباشرة، ويتطلب تطبيقها التدرج على فترات زمنية، مبينا أنها حاولت من قبلها توظيف العاطلين، لكنها في المقابل أضرت بالمصانع والقطاع الاقتصادي، وخفضت الناتج الصناعي والتجاري.

وبين الخليل أن هناك خطوات تخضع للدراسة حاليا، ومنها أن تتولى وزارة الإسكان مهمة إيصال الخدمات للأراضي التي يملكها القطاع الخاص، مقابل رسوم مالية تصل إلى 120 ريالا للمتر الواحد، تستقطع من قيمة بيع تلك الأراضي للمواطنين، في ضوء رقابة الوزارة.

وبات خيار زيادة الضخ المالي لميزانية صندوق التنمية العقارية، الذي يعد أهم ذراع لوزارة الإسكان، مطروحا خلال الفترة المقبلة بوصفه جزء من الحل، في حال تعثر وسائل حلحلة إنشاء 500 ألف وحدة سكنية، في الوقت الذي ما زال فيه أكثر من مليوني مواطن على قائمة الانتظار، على الرغم من منح أكثر من 700 ألف قرض عقاري، وتمويل 840 ألف مسكن في مختلف المدن والمحافظات، بما يناهز 186 مليار ريال خلال الأعوام الماضية.

ويقول ماجد الحقيل، رئيس لجنة الإسكان والتطوير العقاري في الغرفة التجارية والصناعية بالرياض: «وزارة الإسكان أكدت للمستثمرين العقاريين أنها تسعى لإيجاد تنظيم يناسب الأسعار التي يفضلها نظام المشتريات والمنافسة الحكومية من جهة، ورغبتها في وجود مطورين لديهم الخبرة في الإسراع بتلك المشاريع وعدم تعطيلها ولحاقها بقائمة المشاريع المتعثرة من جهة أخرى».

وأوضح الحقيل أن المرحلة المقبلة تحتمل اللجوء لمحفزات عدة، أهمها إيجاد حوافز للمطورين في الأراضي التي يملكونها، ومن أبرزها إعادة ضخ صندوق التنمية العقارية، قروضا في حسابات شركات العقار الجديدة، لتمكينها من خوض الغمار في الميدان، واختصار الوقت أمام وزارة الإسكان التي تأمل، على حد وصفه، في أن يتولى القطاع الخاص دفة استكمال المشاريع السكنية.

وأضاف رئيس لجنة الإسكان والتطوير العقاري في غرفة الرياض أنه من ضمن الحوافز التي يمكن تقديمها، دعم شركات التطوير بتأشيرات لتتزود بالعمالة الأجنبية الكافية، والإسراع باستصدار رخص البناء التي تصل المدة قبل استخراجها حاليا إلى ستة أشهر، لافتا إلى ضرورة ضخ مزيد من الأنظمة المتطورة التي تتلافى التعقيدات.

وأشار الحقيل إلى أنهم في قطاع تطوير العقار لا يخشون تأثر مبيعاتهم جراء الإصلاحات الحكومية الأخيرة، التي من ضمنها مشروع أرض وقرض للمواطنين، وهو ما يمكن أن يلقي بظلاله على تأجيل المستفيدين قرارهم بالشراء في الوقت الراهن، وأضاف أن ما يزيل قلقهم أيضا هو قلة العرض حاليا نظرا لتوقف المطورين الصغار، على حد قوله.

في حين يرى المهندس إياد البنيان، وهو مستثمر عقاري، أن يزيد عرض الوحدات السكنية الخاص بذوي الدخل المحدود في الفترة المقبلة بفعل الدعم الحكومي، مؤكدا أن شركات التطوير القائمة متخصصة في الغالب في إسكان الطبقة المتوسطة فما فوق.