تحفظ حول إجازة اليومين أمام تفاؤل بزيادة فرص التوطين

مجلس الغرف يطالب بإعادة النظر حول القرار

يتفاءل باحثون بزيادة فرص عمل السعوديين لدى تقليص أيام عمل القطاع الخاص إلى يومين في السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

أبدى قطاع الأعمال في السعودية امتعاضه من قرار مجلس الشورى أمس والذي أصر على إبقاء ساعات العمل على قرار سابق له يقضي بإجازة يومين، وهي ما تمثل 40 ساعة عمل في الأسبوع تنخفض إلى 35 ساعة خلال شهر رمضان، وطالب قطاع الأعمال اليوم الجهات المعنية لإعادة النظر في قرار مجلس الشورى أول من أمس، الذي رفض فيه العودة إلى نظام إجازة اليوم الواحد أسبوعيا، بعد طلب 16 عضوا في الشورى دعوا فيه لذات المقترح.

في حين أفصح خبراء في مجال الأعمال بأن قرار مجلس الشورى برفض مقترح خفض الإجازة الأسبوعية من يومين ليوم واحد يأتي في سياق التحفيز والداعم لبرامج توطين الوظائف (السعودة) في القطاع الخاص الذي يضم ملايين الفرص المتاحة أمام السعوديين، مقابل انقسامهم بين مؤيد ومعارض لتخفيض الإجازة لآثارها المنعكسة على أداء الأعمال.

وبحسب بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، التمس مجلس الغرف السعودية –الجهاز الجامع لقطاع الأعمال السعودي - من الجهات المعنية إعادة النظر في قرار خفض ساعات العمل اليومية ومنح العامل إجازة يومين مؤكدا على ضرورة الاستئناس بالمرئيات والاستماع لغالبية قطاع الأعمال وعدم تغييبها عن مثل هذه القرارات الحاسمة.

وأكد المجلس أن هذا القرار في حال صدوره سيكون له سلبيات اقتصادية واجتماعية كثيرة أبرزها فراغ العمال لمدة يومين ومدى السلبيات الاجتماعية التي ستنتج عن ذلك، كما أن أغلب هذه العمالة تعمل بمهن لا يكمن أن ينافس عليها السعودي نظرا لطبيعة تلك المهن مما يفقد القرار مسوغاته الموضوعية ويقلل من الأثر المحتمل من تطبيقه على تعزيز جهود التوطين، علاوة على السلبيات الاقتصادية والخسائر على الإنتاج ورفع تكلفة المنتج سواء على المستهلك أو بالنسبة لتصدير المنتج السعودي للخارج، طبقا لبيان مجلس الغرف.

وكان المجلس سبق أن عرض مرئياته على المجلس تضمنت تحفظه على قرار تخفيض ساعات العمل لـ40 ساعة أسبوعيا ومنح العامل يومين إجازة في الأسبوع والإبقاء على النظام الحالي الذي ينص على يوم واحد إجازة للعامل، تحت قائمة مبررات شملت التأثير السلبي للقرار على إنتاجية القطاع الخاص وما سيتسبب فيه من خسائر اقتصادية جمة تتكبدها القطاعات الإنتاجية المختلفة وبخاصة المقاولات والتشغيل والصيانة وغيرها والتي ترتبط بعقود مع الجهات الحكومية وفق ساعات نظام العمل الحالي 48 ساعة.

وجاء في قائمة المرئيات أن التزامات الشركات فرضت تبعات كزيادة رواتب العمالة الوافدة بنسبة 30 في المائة بسبب لجوء الشركات لتغطية نقص ساعات العمل بالعمل الإضافي لالتزامها بجداول زمنية محددة في تسليم المشاريع التي تقوم بتنفيذها لصالح الجهات الحكومية. وأضاف المجلس أن «مبدأ الشراكة الذي يجمع مؤسسات القطاع العام والخاص في السعودية كان يستوجب أن يتم النظر في المرئيات التي رفعت من القطاع الخاص لمجلس الشورى بصورة أكثر تعمقا والتأني في اتخاذ قرار بشأن قضية جوهرية تمس كل القطاعات الاقتصادية».

أمام ذلك، يرى الدكتور محمد محمود شمس مدير مركز دراسات الجدوى الاقتصادية والإدارية للاستشارات في جدة أن هناك عوامل نفسية واجتماعية معقدة لا بد من النظر إليها لتأثيراتها الاقتصادية على واقع المنشأة، مبديا انحيازه تجاه الإجازة الممتدة ليومين (48 ساعة) وذلك لما ستعكسه من راحة نفسية وتفاعل مجتمعي يجعل من موظف القطاع الخاص حاضرا بقوة مطلع الأسبوع للعمل اليومي بكل جدية ونشاط على الصعيد الجسماني والفكري والذهني.

ويؤكد شمس وهو باحث وأكاديمي في مجال الاقتصاد والإنتاجية أن إجازة يوم واحد في الأسبوع ستشكل عاملا منفرا لخطط ومشاريع وبرامج توطين الوظائف في السعودية (السعودية) إذ إن إجازة اليومين لوحدها تمثل عاملا محفزا لدخول السعوديين في القطاع الخاص والعمل فيه لا سيما أن نظيره الموظف الحكومي والذي قد يكون أخوه أو صديقه أو والده يستمتع بمزايا الإجازة مكتملة.

ويرجح عبد العزيز البركات الحموه وهو الرئيس التنفيذي للمجموعة الحديثة للاستثمار الكيميائي، إجازة اليوم الواحد في الأسبوع مبررا ذلك بأن أغلبية العاملين في القطاع الخاص في السعودية من الأجانب غير السعوديين لذا ارتباطاتهم الاجتماعية محدودة، لا سيما أن الكثير منهم بلا عائلات مصاحبة لهم، وهو الأمر الذي يدعو لتفعيل وجودهم بعملية الإنتاج.

ويرى المهندس عبد الكريم السحلي عضو اللجنة الوطنية للمقاولين بمجلس الغرف السعودية، أن خسائر منظورة تنتظر القطاع الخاص عامة والمقاولات بشكل خاص.

وقال: إن «تخفيض ساعات العمل من 48 إلى 40 ساعة، يترتب عليه انخفاض 20 من مساهمة العمالة»، مبينا أن الأخيرة تشكل 25 في المائة من حجم أي أعمال كمعدل، ولفت إلى أن هذا القرار يتسبب في زيادة تكلفة المشروعات بنسبة تتراوح بين خمسة وسبعة في المائة، متوقعا تأثير ذلك على بقاء الشركات ما لم تكن هناك تعويضات مادية في ظل زيادة المشكلات بين العمالة والمقاولين، سواء كانوا رئيسيين أو في الباطن.

وزاد السحلي أن «على الجهات المعنية بهذا القرار، مراعاة مقابلته إما بالعمل على زيادة العمالة، أو دفع الجهات المتضررة لتحمل أجر إضافي»، وأضاف أنه «ليس من طريقة لتفادي خسائر هذا التخفيض وانعكاساته السلبية في حال تطبيق النظام، إلا بوضع معالجات عاجلة، منها تمديد زمن تنفيذ المشروعات بشكل تلقائي ومباشر وبنسبة تتماشى مع قيمة المشروع بما لا يقل عن 20 في المائة، مع العمل على زيادة عدد التأشيرات بنفس نسبة التخفيض».

يأتي ذلك وسط ما تجريه وزارة العمل من برامج وجهود دءوبة لرفع نسبة السعوديين العاملين في القطاع الخاص حيث نفذت برنامج نطاقات الذي يصنف المؤسسات والشركات والمصانع العاملة بألوان محددة توضح مدى نسبة توطين الوظائف وعليه يعطى الخدمات ويسمح له باستقطاب العمال من الخارج. وكانت وزارة العمل أعلنت أنها أسهمت في توظيف 750 ألف مواطن انضموا لسوق العمل منذ إطلاق برنامج «نطاقات» وهو البرنامج الذي أطلق لزيادة التوطين.

وترنو الوزارة إلى تحسين في عام 2014 يطال مهارات طالبي العمل؛ لتلبية متطلبات السوق، مبديا تفاؤله الشديد بشأن سوق العمل.