خبراء تربويون: الرغبة في رفع جودة المخرجات وراء إطلاق مشروع هيئة تقويم التعليم العام

الأمير خالد الفيصل حث على إحداث نقلة نوعية في القطاع تنسجم مع التطورات الحالية

رفع مستوى الجودة وتطبيق أحدث وسائل الإدارة التربوية هدف رئيس لهيئة التقويم («الشرق الأوسط»)
TT

أكد خبراء تربويون أن إطلاق «هيئة تقويم التعليم العام» كهيئة عامة ذات شخصية اعتبارية تختص ببناء نظام للتقويم وضمان جودة التعليم العام، يجسد حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على تطوير التعليم العام بكل أبعاده ومستوياته المختلفة، عبر بناء مجموعة من المبادرات وتطوير قائمة بالمشروعات والبرامج النوعية التي تمثل مرتكزات أساسية بالعمل التطويري للتعليم العام، لتكون منطلقا رئيسيا لتحقيق الرؤية المستقبلية لتطوير التعليم العام.

وأوضح المسؤولون أن إنشاء هذه الهيئة يمثل مبادرة وطنية تنموية للنهوض بقطاع التعليم العام السعودي وخدماته ومخرجاته، وخطوة مهمة في مسيرة تطوير هذا القطاع الحيوي المهم، حيث يؤمل منها دعم وتعزيز مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام «تطوير» وأهدافه الرامية إلى الإسهام الفعال في الرفع من قدرة المملكة التنافسية، وبناء مجتمع المعرفة من خلال مجموعة من البرامج المتخصصة.

ونوه الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم السعودي بأهمية وجود هيئة تقويم التعليم في هذا التوقيت الذي تشهد فيه المملكة نهضة فكرية وتنظيمية وإدارية، وقال: «من المهم إحداث نقلة نوعية في حقل التعليم تنسجم مع التطورات، وتتواكب مع الرؤية العامة للدولة».

وأكد دعمه لهيئة تقويم التعليم العام، لافتا إلى أهمية التقويم بوصفه ممارسة إدارية محفزة للطاقات ومنظمة للعمل، وتكمن قيمته عندما تجري متابعة التنفيذ؛ لأن أي خطة بلا تنفيذ لا معنى لها.

وصدر قرار مجلس الوزراء في 22-4-1434هـ، 5-3-2013، بإنشاء هيئة تقويم التعليم العام، ومنذ بدأ إنشاؤها، عملت الهيئة على جملة من الإجراءات لتنفيذ مشروعاتها التي تستهدف جميع عناصر العملية التعليمية، في إطار اختصاصاتها، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وجميع الشركاء الذين تربطهم بها علاقات استراتيجية، حيث إن الهيئة تعمل من خلال مجلس إدارتها والشراكة والتفاعل الإيجابي المؤسسي مع الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بإصدار اللوائح والأنظمة والتراخيص والمعايير اللازمة لعمليات التقويم في جميع مراحلها المختلفة، في إطار نظامها والأنظمة ذات العلاقة، حيث يعد الهدف الأساس للهيئة هنا هو تقويم التعليم العام (الحكومي والأهلي)، بهدف رفع جودة التعليم العام وكفاءته، ودعم التنمية والاقتصاد الوطني من خلال تحسين مخرجات التعليم العام.

وتهدف الهيئة إلى رفع جودة التعليم العام وكفاءته ودعم التنمية والاقتصاد الوطني من خلال تحسين مخرجات التعليم العام، ولتحقيق أهداف هيئة تقويم التعليم العام تقوم الهيئة ببناء نظام للتقويم لضمان جودة التعليم العام، يتضمن المعايير والمؤشرات الأساسية، وإطارا وطنيا لمؤهلات التعليم العام، مما يتعلق بذلك من إجراءات ونماذج وبناء معايير متقدمة لمراحل التعليم العام تستخدم لقياس كفاءة الأداء على المستوى المؤسسي البرامجي، وكذلك بناء معايير لمناهج التعليم وتحديد ما يجب أن يعرفه الطالب في كل مرحلة، وما يستطيع عمله في كل منها.

كما تعمل على تقويم أداء المدارس الحكومية والأهلية واعتمادها بشكل دوري بناء على معايير الهيئة، سواء قامت بذلك الهيئة بنفسها أو بالتعاقد أو التعاون مع المنشآت المختصة في مجال التقويم والاعتماد، وتعمل أيضا على بناء الاختبارات الوطنية المقننة في كل مرحلة دراسية وتنفيذها، فضلا عن وضع الضوابط التي تكفل جودة التعليم بعناصره كافة، وإصدار الأدلة الاسترشادية.

ومن الأهداف إعداد المعايير المهنية، واختبارات الكفاءات، ومتطلبات برامج رخص المهنة للعاملين في التعليم العام وتقويم البرامج المنفذة في مؤسسات التعليم العام، وإجراء الدراسات والبحوث في مجال اختصاصها، والتحفيز على إجرائها، ونشر نتائج التقويم والاعتمادات وإصدار المعلومات والدوريات العلمية، والكتب، والكتيبات، والأدلة الإرشادية، والنشرات في مجال اختصاصها والتواصل مع الهيئات والمؤسسات المماثلة في الخارج، للاستفادة من تجاربها وخبراتها.

وفي هذا الشأن، أكد الأمير الدكتور فيصل بن عبد الله المشاري، رئيس المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي أن إنشاء هيئة تقويم التعليم العام وفقا لقرار مجلس الوزراء، سيقود إلى دعم وتنمية مسيرة التعليم في المملكة خلال المرحلة المقبلة.

وأضاف رئيس المركز الوطني للقياس والتقويم أن إنشاء هيئة تقويم التعليم العام يأتي في مرحلة تتسارع فيها وتيرة تنمية وتطوير أدوات التعليم في جميع دول العالم، الأمر الذي يستوجب العمل على تجويد التعليم العام في السعودية والرقي به إلى مستويات عالمية منافسة من خلال التشخيص والتقويم، ومن ثم تنفيذ المبادرات اللازمة، مبينا أن هيئة تقويم التعليم إضافة مؤسساتية مهمة تخدم المسيرة التعليمية.

وبين أن الهيئة ستعمل على تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف في المؤسسات التعليمية، وقياس الأداء وتطبيق معايير الجودة التعليمية.

أما الدكتور خالد السبتي، نائب وزير التربية والتعليم، فأوضح أن إنشاء هيئة تقويم التعليم العام جاء تأكيدا لعناية القيادة الحكيمة ورعايتها للتعليم، المبنية على الإيمان بأهمية الاستثمار في الإنسان، من خلال منظومة تعليمية تراعي معايير الجودة، وتستهدف النوعية، وتسعى إلى بناء تكاملي يعزز الجهود الرامية إلى تطوير التعليم العام وإعادة هيكلته.

وقال: «إننا في وزارة التربية والتعليم نعول على عمل الهيئة كثيرا من ناحية المساهمة في رفع مستوى التعليم من خلال العمل على مواطن القصور ومعالجتها ومواطن القوة وتطويرها، لنحظى بمخرجات تواكب التطور الذي تشهده مملكتنا في جميع المجالات وتسهم في البناء بكفاءة وإتقان».

وأوضح أن هيئة تقويم التعليم العام هي بوابة المرحلة النوعية للوصول إلى المجتمع المعرفي، في إطار مهني قائم على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم التي وضعت من قبل مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم ويجري تنفيذها حاليا.

وأفاد الدكتور خالد السبتي بأن هيئة تقويم التعليم العام ستسهم بدور فاعل في بناء المعايير الكفيلة بحوكمة الأداء العام لوزارة التربية والتعليم ومنسوبيها في قطاعاتها كافة، بدءا من جهاز الوزارة بقطاعيه البنين والبنات، إلى مدارس التعليم العام الحكومي والأهلي، كما ستدعم تمهين التعليم العام من خلال رتب المعلمين ورخص المعلمين.

ورأى الدكتور سعود بن ناصر الكثيري مساعد وكيل الجامعة للتطوير التعليمي مدير مركز التميز في التعلم والتعليم والمستشار التعليمي بجامعة الملك سعود والمستشار التعليمي، أن نجاح عمل الهيئة يتطلب تأسيس مقومات هذا النجاح، وأبرزها إعداد خطة استراتيجية توضح رؤية الهيئة وسياستها وتطلعاتها خلال السنوات العشر المقبلة، وتكون تلك الخطة قائمة على عنصرين أساسيين، هما اختيار أفضل الممارسات العالمية الناجحة، وكذلك مواءمتها لاحتياج واقع التعليم المحلي، وذلك لتكون أقرب إلى التحقيق وفق آلية تنفيذية تراعي التدرج في التغيير.

وأضاف الكثيري أنه يتوجب أن تتحقق في الخطة معايير الشمولية والتوازن في التقويم كمبادئ جوهرية، بحيث لا يغلب جانب على آخر، بل تكون وفق أولويات واضحة ومحددة، على أن يتبعها آلية تنفيذية واضحة لأعضاء الهيئة وللمستفيدين، بحيث لا تحتاج إلى تفسيرات واجتهادات فردية، وتكون وسيلة التواصل واضحة في نشر آلية التنفيذ والتوعية بها، إذ إن النجاح مرتبط بشكل وثيق بمدى قدرة أي مؤسسة على وضوح آليات تنفيذها ووعي العاملين بها.

وتابع أنه من مقومات النجاح كذلك التركيز على إحداث تغيير ثقافي لمفهوم التقويم باعتباره ليس وسيلة للحكم بعد نهاية كل عمل ما؛ بل هو أنجح الوسائل لتتبع مدى الإنجاز من بداية العمل وحتى نهايته، وبذل كل الجهود لتقديم المساعدة والسبل والإمكانات وتسخيرها لتحقيق النجاح، مؤكدا أن الهيئة بهذا المفهوم ستصبح شريكا وصانعا للإنجاز وليست جهة رقابية يتوجس منها العاملون في قطاع التعليم. وتسعى هيئة تقويم التعليم العام إلى تنظيم كفاءة التعليم العام، وتقوم الهيئة من خلال خبراء التقويم الذين يعملون وفق إطارها التقويمي بجمع الأدلة والشواهد من مصادر متعددة، بغرض التعرف على مستوى جودة الخدمات التعليمية المقدمة، ومدى تحقيقها الأهداف المعلنة المنشودة وتقويم أداء المدرسة.

وتنطلق الهيئة من مفهومها للمدرسة بأنها الوحدة الأساسية في النظام التعليمي، وبذلك فإن جودة النظام التعليمي بأكمله تعتمد على جودة أداء المدرسة، وبالتالي فإن الهيئة تستهدف تقويم الأداء المدرسي من جوانب عدة متعددة، تتضمن، ولا تقتصر على تحصيل الطلاب، أداء المعلمين وجودة التدريس، والبيئة المدرسية، وقيادة المدرسة وإدارتها.

وتسعى وزارة التربية والتعليم ومدارسها إلى تقديم برامج تعليمية متنوعة بغرض تحسين المخرجات وتطوير التعليم، ولكون هذه البرامج تؤثر بصورة مباشرة على الطالب كمركز العمل التعليمي بجميع مجالاته، فإن الهيئة ستعمل على تقويم تلك البرامج للحكم على تحقيقها لأهدافها، وبالتالي المساهمة في تحسينها وتوجيهها.

وتقوم الهيئة باعتماد البرامج التعليمية التي تنفذها مؤسسات التعليم العام بصفة دورية، ومراجعتها وفقا لما يجري تطويره من معايير ومتطلبات، كما تقوم ببناء نظام جودة التعليم والممارسات والبرامج التعليمية وتميزها، مستندة في ذلك إلى أفضل الممارسات الدولية ونتائج الدراسات العلمية وتكييفها بما يتناسب مع التعليم في السعودية، ويشمل ذلك بناء معايير ومؤشرات الجودة والتميز في التعليم العام.

ويعد التعليم ومخرجاته الرافد الرئيس للتنمية والاقتصاد الوطني، ولكي يتحقق الربط الفعال بين مخرجات التعليم ومتطلبات التنمية وسوق العمل وتوحيد المؤهلات المختلفة والمتنوعة التي يحصل عليها المتعلم، فإن الهيئة تقوم ببناء إطار وطني للمؤهلات يحقق ذلك بناء الرخص المهنية للعاملين في المؤسسات ووحدات التعليم العام.