السياح السعوديون هذا الصيف: مصر تستعيد عافيتها ضمن القائمة.. والسياحة الداخلية تنافس

ستة ملايين رحلة خارجية.. والإنفاق 20 مليار ريال نصفها للداخل

تعد متنزهات الباحة أحد أهم مقاصد السياحة الداخلية في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

مع بدء إجازة صيف تلوح تباشيره الملتهبة، يستعد نحو ثلاثة ملايين سعودي لقضاء إجازاتهم، التي يجري صرف الجزء الأكبر منها في الخارج. وبسبب الأحداث التي شهدتها بعض الدول العربية في السنوات الأخيرة، تراجعت نسبة السياحة لدول الربيع العربي، لكن، ومع التحسن الكبير الذي شهدته مصر، يتوقع أن تجتذب هذه الدولة حصة وازنة من سوق السياحة السعودية.

ويتوسط إجازة هذا العام شهر رمضان المبارك، وهو يأتي في قلب الصيف الملتهب، حيث يصادف هذا العام وقوعه في شهر يوليو (تموز). وخلال شهر رمضان، تقضي أغلب الأسر إجازاتها في أحيائها السكنية، أو ينصرفون نحو المدن المقدسة، كمكة المكرمة والمدينة المنورة.

وكعادتها، احتلت تركيا ودول شرق آسيا، وتحديدا ماليزيا وإندونيسيا وجزر المالديف، الصدارة في وجهات السعوديين في صيف هذا العام، حيث إن اختيار هذه الدول جاء نتيجة ارتفاع تكلفة السفر إلى أوروبا.

وبحسب أصحاب وكالات سفر وسياحة، فإن حصة دول الاتحاد الأوروبي التي تشترط تأشيرة دخول «شنغن» شهدت تراجعا طفيفا، وإن كانت بعض الدول الأوروبية، مثل بريطانيا، حافظت على حصتها، ولا تدخل بريطانيا ضمن تأشيرة «شنغن».

ومع ذلك، فقد شهدت دول الاتحاد الأوروبي ارتفاعا ملحوظا في تكلفة قضاء الإجازات، وخاصة فيما يتعلق بتذاكر الطيران. ويكلف سعر التذكر خلال فترة الصيف نحو ضعف ثمنها خارج هذا التوقيت.

وبالعودة إلى الدول التي بات يفضلها السعوديون متوسطو الحال كبديل عن أوروبا، فإن تركيا رغم ارتفاع أسعارها التي أصبحت تضاهي بشكل عام أسعار دول أوروبية تعد من الوجهات الأكثر رغبة لسهولة الحصول على تأشيرة الدخول إليها.

وتأتي تركيا من حيث نكهتها الشرقية بديلا عن دول الشام مثل سوريا ولبنان، وهما الدولتان اللتان كانتا تنافس تركيا حتى مواسم قريبة في جذب السياح السعوديين.

ويقول حسام الزاير يعمل في وكالة للسفر والسياحة ومقرها الدمام): «السعوديون يفضلون هذه الفترة تركيا في المقام الأول بقصد السياحة والاستجمام، لما يتوافر بها من كثير من متطلبات السياح».

وأضاف: «باتت تركيا مقصد عدد متزايد، خصوصا أن الحصول على تأشيرة دخول لها أسهل بكثير من الحصول على تأشيرة (شنغن)، التي يتطلب حاليا الحصول عليها الانتظار لمدة تصل لـ20 يوما، وبتكلفة باهظة، والأكيد أن من لم يقرر السفر إلى أوروبا في الأشهر الثلاثة الأولى الماضية من هذا العام ليس من السهل أن يقرر السفر إليها، لأنه سيجد صعوبات جمة، من حيث ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، لتصل أحيانا إلى نحو ضعفي السعر، وكذلك أسعار التأشيرة الأوروبية الموحدة، وغيرها من العوائق التي يمكن أن تكون كافية لتأجيل خطط الراغبين في التوجه إلى أوروبا هذا الصيف».

وبين الزاير أن دول شرق آسيا لها كذلك نصيب كبير من السياح السعوديين، وخصوصا ماليزيا، مع أنها لم تعد المقصد الأول، بل إنها بمثابة عبور في الغالب إلى دول مجاورة، مثل إندونيسيا وجزر المالديف أو حتى سنغافورة.

وكان تقرير مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس) في الهيئة العامة للسياحة والآثار أشار في تقريره، العام الماضي، إلى أن عدد الرحلات السياحية التي صرفها السعوديون إلى الخارج في فترة الصيف بلغت ستة ملايين رحلة سياحية، بزيادة قدرها عشرة في المائة عن عام 2012، مقدِّرا حجم الإنفاق بنحو 19.5 مليار ريال.

وبالعودة إلى حديث الزاير، فإن مدينة دبي بدولة الإمارات تكون عادة الوجهة الأخيرة والختامية للسياح السعوديين، حيث إن السعوديين يفضلون التوجه إليها قبل العودة من إجازاتهم، أو خلال فترة عيد الفطر المبارك.

من جانبه، قال أحمد محفوظ مدير إحدى وكالات السفر في المنطقة الشرقية، إن تركيا لا تزال نقطة جذب بالنسبة للعائلات السعودية، بالإضافة لدول شرق آسيا، بينما تمتلئ الحجوزات نحو دبي على امتداد فترة الإجازة.

كذلك فإن السياحة الداخلية تحجز موقعها بالنسبة لخيارات السفر السعودية، خاصة بعد التحسن الملحوظ في خدمات الإيواء والترفيه، فهناك تزايد في عدد العائلات التي تتخذ قرارها بالسياحة الداخلية، بعد أن باتت منظمة في السنوات الأخيرة نتيجة الجهود الكبيرة التي بذلتها الهيئة العليا للسياحة والآثار، التي سعت إلى حماية السائح والمستثمر على حد سواء، من خلال تحديد أسعار أماكن الإيواء، وتصنيفها على درجات، وتطبيق اشتراطات عليها، إضافة إلى تزايد أعداد المرشدين السياحيين ومنظمي الرحلات، وهذا ما تشجعه هيئة السياحة والآثار، بحسب رائد المرباطي رئيس اللجنة السياحية بغرفة الشرقية.

وأكد المرباطي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك نشاطا كبيرا في السياحة الداخلية، التي باتت مشجعة أكثر من أي وقت مضى، فالمملكة تمتلك جميع عوامل السياحة الناجحة، وكانت لسنوات بحاجة إلى من يستغل المواقع السياحية فيها، وحينما بدأت هيئة السياحة عملها بشكل جدي ارتفع عدد سياح الداخل، حسب التقارير الدورية التي تصدرها «ماس».

وبحسب تقرير «ماس»، فإن هناك نموا ملحوظا في الرحلات السياحية المحلية بنسبة خمسة في المائة، نتيجة للجهود التي تبذلها الهيئة العامة للسياحة والآثار وشركاؤها في مجالس التنمية السياحية في المناطق للترويج والتسويق للسياحة الداخلية.

وتوضح بيانات العام الماضي أن مصروفات الرحلات السياحية المحلية خلال الصيف لامست نحو 10.5 مليار ريال، بمعدل زيادة 18 في المائة عن عام 2012.