السعودية تجري فحصا واسعا للإبل في كل المناطق.. وخطة لانتهاج أسلوب الترقيم

وزير الزراعة لـ «الشرق الأوسط»: نتوجه لإنشاء قاعدة بيانات علمية لتقصّي «كورونا» - الغنيم ينضم إلى فقيه في جلسة مجلس الشورى اليوم

إحدى حظائر تربية الجمال في العاصمة السعودية الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

لم يعط وزير الزراعة السعودي، الدكتور فهد بالغنيم، الصورة الوردية حول آليات التقصي الوبائي للثروة الحيوانية في جهازه بالتعاون مع السلطات الصحية، والمتمثلة بتتبع وحصر فيروس «كورونا» في الإبل على وجه التحديد، مرجعا ذلك إلى عدم إمكانية الخروج بنتائج حقيقية من غير التوصل إلى حصر علمي ودقيق لجميع الثروات الحيوانية الموجودة في البلاد، عادا أن المعلومة الدقيقة هي المدخل الرئيس لنجاح أي قرار يُتخذ، مطمئنا في الوقت نفسه جميع المواطنين بأن المؤشرات الأولية للتقصي الوبائي إيجابية.

وأكد الوزير في تصريحات صحافية خلال حضوره ورشة عمل، نظمتها الوزارة أمس في العاصمة الرياض لاستعراض آلية ترقيم وتسجيل الثروة الحيوانية في السعودية، أن العمل جار على قدم وساق، بالتنسيق مع هيئة الحياة الفطرية لأخذ عينات من الحيوانات البرية الموجودة في عدد من المناطق لتحليلها وقراءة بياناتها، مشيرا إلى أنه من هذا المنطلق ستتضح الرؤية التي من شأنها المساهمة بشكل كبير لوضع وصف محدد لاحتمالات الوضع الوبائي كافة، والمتعلق بـ«كورونا» على وجه التحديد.

وحول توجه وزارة الزراعة لإنشاء «قاعدة بيانات» للتقصي الوبائي لفيروس «كورونا» التي أثبتت الدراسات أخيرا، أن الإبل أحد مراتعه، أكد الوزير بالغنيم لـ«الشرق الأوسط» أنه عندما تتوافر المنهجية العلمية للتقصي الوبائي وفق قاعدة معلومات دقيقة، فإنه من الطبيعي أن نتوصل إلى بيانات واضحة ودقيقة، الأمر الذي يسهل عملية استقصاء عدد إصابات «كورونا» في الإبل، مبينا أن عددا من المختصين من الأجهزة المعنية، خرجوا إلى المناطق المختلفة لأخذ العينات بطريقة إحصائية دقيقة، بعد إجراء المسوحات الشاملة وتحديد المواقع المستهدفة كمرحلة أولية.

وقال الدكتور بالغنيم: «أساليب الترقيم للثروة الحيوانية، من أنجح أساليب (الحصر) وهو الأسلوب المتبع في كثير من دول العالم المتقدم، وهي ظاهرة ناجحة بكل المقاييس»، مبينا أن جهازه أنهى مرحلته الأولى للتقصي الوبائي، وأنهم مقبلون على عدد من الخطوات الرامية لضبط عملية حصر الثروة الحيوانية، وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية التي تعد شريكا رئيسا في مجال التوعية والمكافحة والتقصي.

وزاد: «بدأنا في عملية التسجيل والترقيم منذ فترة بالتنسيق مع وزارة الصحة، وأيضا مع ملاك الإبل أنفسهم والعارفين بشؤونها، كنوع من آليات التحفيز لغرض الوصول إلى أكبر قدر ممكن من العينات المأخوذة من الإبل، ونعمل الآن على تسريع العملية الخاصة بالتقصي والحصر، من خلال الاجتماع مع أصحاب الشأن وأخذ مرئياتهم، وبالتالي الخروج بخطة واضحة ومقبولة من الجميع»، مشيرا إلى أن عملية التقصي والترقيم سيقوم بها موظفو الوزارة أو عن طريق متعهدين يقومون بتأدية تلك الخدمات لتغطية جميع المواقع.

واسترجع الوزير ذاكرته إلى الخلف قليلا مع بداية ظهور «كورونا»، قائلا: «عندما ساد الاعتقاد بأن طائر الخفاش هو السبب الرئيس لنقل الفيروس، وبعد فترة ظهرت دراسات تؤكد أن الإبل هي السبب، من هنا بدأت وزارة الزراعة بأخذ إجراءات للاستفادة من المصادر العلمية عبر منظمة الأغذية والزراعة، إضافة إلى منظمة الصحة الحيوانية، وكلتاهما منظمة دولية، والسعودية عضو في كلتا المنظمتين، فاستقطبنا خبراء من الجانبين وزاروا المناطق التي حصل فيها إصابات واجتمعنا مع وزارة الصحة السعودية وجرى وضع تصور ورؤية للوضع القائم في ما يتعلق بـ(كورونا)، ووضعت خطة من قبل الوزارة ونوقشت مع وزارة الصحة، ونحن بدأنا في تنفيذ أجزاء من الخطة، لتنفيذها فور اكتشاف أي فيروس وفي أي منطقة محتملة».

وأضاف: «جرى إبلاغنا من وزارة الصحة قبل فترة بسيطة، بأن فيروس (كورونا) يكمن في مخاط الإبل، وبدأنا في تطبيق الاستراتيجيات التي تعتمد على ذلك، إضافة إلى زيارات سابقة بالتنسيق مع السلطات الصحية للذهاب إلى المناطق التي تتكاثر فيها الثروات الحيوانية، وخصوصا الإبل وأخذ العينات المطلوبة، وتسليمها لوزارة الصحة لإجراء التحاليل الطبية عليها».

وفي سياق متصل، أشار الوزير بالغنيم إلى أن الدول المصدرة للماشية، تعرف جيدا المتطلبات السعودية، بحيث يجري حجزها في دول التصدير قبل وصولها، ومن ثم يجري ترقيمها وتلقيحها ضد الأمراض المشكوك فيها قبل وصولها، وعندما تصل تؤخذ عينات ويُكشف على عدد من الفئات التي صُنفت، وعند وجود مشكلة يجري حجرها، وإن كانت المشكلة غير معالجة نتخلص من الحيوانات فورا بحسب الأنظمة الدولية.

من جهة أخرى، دخلت جدة غرب السعودية، ضمن أكثر المدن في البلاد التي تنتشر بها حظائر الإبل المخالفة، وذلك بعد أن أزالت اللجنة الرباعية المشكلة لمكافحة «كورونا» في المحافظة أمس أكثر من 476 حظيرة للجمال داخل المحافظة، تمارس عمليات البيع بشكل عشوائي لمنتجات الإبل من الحليب والألبان، فيما قامت فرق الأمانة بعمليات رش وتطهير للمواقع المخالفة تحسبا من انتشار الأوبئة والأمراض المعدية، ليصل بذلك عدد الحظائر التي جرت إزالتها أكثر من 970 حظيرة في شهر واحد. وقال سامي الغامدي، مدير المركز الإعلامي لأمانة جدة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحملة التي شنت أخيرا جاءت بناء على توجيهات الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة، بشأن إزالة جميع الحظائر ومواقع تربية الإبل العشوائية وأماكن بيعها في المحافظة. وتقوم الأمانة من خلال الفرق المشتركة في متابعة إزالة جميع الحظائر على مستوى المحافظة ومداخلها، مع التأكد من عدم عودة بناء هذه الحظائر في الفترة المقبلة من قبل ملاك الحظائر أو العمالة الوافدة بأي شكل من الأشكال. وأردف الغامدي، أن الحملات التي نفذت نتج عنها إزالة 476 من الأحواش والحظائر المخالفة، وستكمل الفرق أعمالها على كل المواقع التي ترصد من قبل اللجنة الرباعية، التي لن تتهاون في إغلاق كل المواقع المخالفة خلال الفترة القادمة، وستتعامل مع المخالفين بحسب ما تنص عليه الأنظمة في هذا السياق، موضحا أنه في حال أظهرت النتائج سلامة الإبل من فيروس «كورونا» يلزم ملاكها بإرسالها إلى سوق الأنعام الموقع الرسمي لمزاولة أنشطة بيع المواشي في جدة.

وشدد مدير المركز الإعلامي لأمانة جدة، على أهيمه الوعي لدى المواطنين والمقيمين، بشكل عام في عمليات شراء الأغذية المكشوفة والتي تخلو من الاشتراطات الصحية، وتحديدا منتجات الحليب والألبان من الإبل ومختلف المواشي في الإمكان العامة غير المصرح لها، والتي تتعرض للفيروسات والميكروبات التي قد تنتج عنها أعراض صحية والإصابة بالأمراض.

وعاد مؤشر وزارة الصحة لفيروس «كورونا» للحركة، بعد أن توقف لبضعة أيام، إذ سجل موقع وزارة الصحة أول من أمس أربع إصابات جديدة لثلاثة رجال وامرأة في كل من الجوف، والمدينة المنورة، ليصل إجمالي الحالات المسجلة بحسب الموقع الإلكتروني للصحة نحو 575 حالة، توفي منها 190 حالة. من جهة أخرى علمت «الشرق الأوسط» أن وزير الزراعة السعودي سينظم إلى وزير الصحة المكلف المهندس عادل فقيه في جلسة مجلس الشورى اليوم ، لمناقشة ملف «كورونا».