«تحد بيولوجي» يهدد البحر الأحمر ويخل بتوازنه البيئي

خبير: تأخر المصادقة على اتفاقية إدارة مياه الاتزان لأسباب اقتصادية وفنية

TT

حذرت الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، من الغزو الحيوي والبيولوجي، الناتج من تفريغ مياه الاتزان للسفن الكبرى، الذي يتسبب في خلل اتزان النظام البيئي في البحر الأحمر، فيما تعمل الهيئة مع الجهات المختصة في الدول العربية على تقييم الوضع الاقتصادي والتشريعي لدول الإقليم.

ويعد تفريغ مياه الاتزان من مكان لآخر أحد أهم أربعة مهددات تؤثر على البيئة البحرية والساحلية على مستوى العالم، مما يتلف التنوع البحري، ويهدد المصايد والصناعات الإنتاجية التي تعتمد على مياه البحر في التبريد والصناعات السياحية، وصحيا من خلال بعض الكائنات السامة أو التي لديها القدرة على نقل الأمراض.

وقال الدكتور زياد أبو غراره أمين عام الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن لـ«الشرق الأوسط» إن مياه الاتزان البحرية أو النهرية بها مواد عالقة تحملها السفن من الموانئ التي تفرغ فيها حمولتها لتحافظ بها على استقرارها وتنظم ميلانها في عرض البحر من دون حمولة أو بحمولة جزئية لتوفر الحد الأدنى من الاستقرار أثناء الرحلة، موضحا أن الرسوبيات تستقر في خزانات مياه الاتزان من العوالق الموجودة في المياه، وعادة ما تكون غنية بالمواد العضوية، كما أنها قد تحتوي على كائنات حية وعوالق مائية كاملة النضج.

وأشار أبو غراره إلى أن النقل البحري يعد من أكثر وسائل النقل فعالية، وبزيادة سعة تلك السفن وسرعتها تزداد حمولتها من مياه الاتزان وفرصة الكائنات الحية الموجودة في تلك المياه على أن تنتقل من مكان لآخر بأعداد أكبر، ولديها القدرة على منافسة الكائنات الأصلية الموجودة في البيئة الجديدة، وفي بعض الأحوال تحل مكانها، وهو ما يسمى «الغزو الحيوي أو الغزو البيولوجي» وينتج عنه خلل في اتزان النظام البيئي.

ولفت أبو غراره إلى أن الاتفاقية الدولية لإدارة مياه الاتزان والرسوبيات في السفن اعتمدت في 2004، وهي غير ملزمة قانونيا، وتحتاج الاتفاقية لتدخل حيز النفاذ إلى أن يصادق عليها 30 دولة من أعضاء المنظمة البحرية الدولية، التي تمثل سفنها ما لا يقل عن 35 في المائة من الحمولات البحرية العالمية، ليصبح إجمالي الدول الموقعة نحو 70 دولة ويرتفع إجمالي الحمولات البحرية التجارية العالمية إلى 35 في المائة.

وأرجع أبو غراره أسباب تأخر المصادقة على الاتفاقية لعدة أسباب، منها عدم وضوح الجوانب الاقتصادية والفنية وانعكاساتها المستقبلية على قطاع النقل البحري، والخلط ما بين مياه الاتزان في اتفاقية مياه الاتزان لعام 2004 ومياه الاتزان الزيتية في اتفاقية ماربول، التي تحتاج إلى مرافق استقبال، وهو ما لا ينطبق على مياه الاتزان، إضافة إلى ارتفاع سعر معالجة مياه الاتزان التي اعتمدت من قبل المنظمة البحرية الدولية.

وأكد الأمين أنه في حال تطبيق الاتفاقية ستنفذ على كل السفن التجارية التي تزيد حمولتها على 400GT، دون النظر إن كانت دولها مصادقة على الاتفاقية أو لم تصادق، وستتمكن الدول المصادقة على الاتفاقية من إصدار «شهادات إدارة مياه اتزان» لسفنها التي ستكون إلزامية لعملية الإبحار إلى الموانئ العالمية، فيما ستعتمد الدول غير المصادقة على «هيئات التصنيف» لإصدار هذه الشهادات.

وعن الدول المصادقة على اتفاقية مياه الاتزان، قال أبو غرارة إن مصر هي الدولة الوحيدة من دول الهيئة المصادقة على الاتفاقية، واتخذ الأردن الإجراءات الداخلية اللازمة للمصادقة على الاتفاقية، إلا أن وثائق المصادقة لم تودع لدى المنظمة البحرية الدولية، موضحا أن الهيئة تلعب دورا إقليميا ودوليا في مشروع الشراكات العالمية لإدارة مياه الاتزان، الذي يهدف إلى تقديم الدعم الفني ورفع القدرات في مجال إدارة مياه الاتزان في الدول النامية، ونظمت الهيئة نحو 25 ورشة عمل إقليمية ووطنية للتدريب على الجوانب المختلفة في إدارة مياه الاتزان. وأضاف أن هناك تعاونا مع السلطات الوطنية المختصة في إعداد تقييم الوضع الراهن والتقييم الاقتصادي والتشريعي فيما يتعلق بمياه الاتزان في دول الإقليم، وإعداد الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية لإدارة مياه الاتزان لكي تكون دول الإقليم مستعدة وجاهزة لتنفيذ الاتفاقية في حال دخولها حيز النفاذ، كذلك تعريف المختصين بالجوانب القانونية والفنية للاتفاقية وبناء القدرات الإقليمية في هذا المجال.

وحول الحلول المقترحة، أشار الأمين إلى أن الاتفاقية تضع حلين لإدارة مياه الاتزان في السفن، الأول مؤقت وسينتهي بموجب جداول زمنية محددة في الاتفاقية، ويعتمد على تبديل مياه الاتزان المأخوذة من الموانئ في أعالي البحار، حيث يكون تركز الكائنات البحرية أقل، والحل النهائي أن تجري معالجة هذه المياه بإحدى الوسائل المعتمدة من قبل المنظمة البحرية الدولية.

وأكد أمين عام الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر على أهمية أن يبحث المستثمر العربي في مجال الصناعة البحرية عن حلول مبتكرة لتعظيم الفائدة من استثماره، من خلال دراسات المخاطر للحصول على استثناءات من تركيب أنظمة معالجة على ظهر السفينة حسبما هو منصوص عليه في الاتفاقية، خاصة ناقلات البترول العملاقة التي تبحر من المنطقة العربية إلى الصين وأميركا وتستغرق رحلتها في الاتجاه الواحد أكثر من شهرين، وهذه الأنظمة يمكن أن تستعمل ثلاث مرات أو أربعا في العام فقط.