السعودية: السلع الغذائية الرمضانية تحت المجهر.. و«التجارة» تختبر قوتها التفتيشية

عشرة في المائة زيادة متوقعة في حجم الطلب خلال العام الحالي

المستهلكون في السوق السعودية بدأوا خلال هذه الأيام عمليات شراء السلع الغذائية الرمضانية («الشرق الأوسط»)
TT

تعتزم وزارة «التجارة والصناعة» السعودية خلال الأيام المقبلة، القيام بأكبر حملة تفتيشية على مراكز بيع السلع الغذائية الرمضانية، ويأتي ذلك في الوقت الذي بدأ فيه المستهلكون في السوق المحلية بالبلاد خلال هذه الأيام، التوجه إلى المراكز الغذائية الكبرى، بهدف شراء السلع الرمضانية، وهي السلع التي اعتادوا شراءها مع قدوم شهر رمضان المبارك من كل عام.

وتعد السوق السعودية من أكثر أسواق منطقة الشرق الأوسط استهلاكا للسلع الغذائية الرمضانية، حيث ترتفع فيه تكاليف فواتير الشراء من جهة، وتزداد عمليات الطلب من جهة أخرى، إذ تمثل هذه السوق فرصة استثمارية كبرى أمام الشركات الغذائية ومراكز البيع النهائية، وهو ما جعل هذه المراكز تتسابق إلى وضع عروض معينة لجذب أنظار المستهلكين إليها.

وكشفت مصادر مطلعة في وزارة «التجارة والصناعة» السعودية لـ«الشرق الأوسط» عن نية الوزارة القيام بحملة تفتيشية كبرى على مراكز بيع السلع الغذائية مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، وسط تأكيدات بأن هذه الحملة ستسعى إلى الكشف عن العروض الوهمية، ومخالفات الأسعار المتعلقة بالفروقات، بالإضافة إلى الكشف عن مخالفات عدم وضع ملصق الأسعار النهائية على المنتج.

وتأتي الحملة التي تعتزم وزارة «التجارة» القيام بها خلال الأيام المقبلة، في وقت بدأت فيه الوزارة خلال الأيام الثلاثة الماضية بالقيام حملة تفتيشية على مراكز بيع حليب الأطفال الرضّع، بعد أن أصدرت قرارا يقضي بخفض الأسعار، ووضع حد أعلى لها، منعا للتجاوزات التي كانت تحدث في السابق.

ومن المتوقع أن تشهد أسعار السلع الغذائية الرمضانية في السعودية خلال العام الحالي ثباتا ملحوظا، مقارنة بما كانت عليه العام الماضي، في الوقت الذي كانت تشهد فيه الأسعار في السنوات الماضية ارتفاعات ملحوظة جعلت المستهلك النهائي يرفع معدلات التذمر من هذه الزيادات.

وتأتي هذه التطورات، في الوقت الذي قالت فيه وزارة «الثقافة والإعلام» السعودية، في خطاب حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه الأسبوع الماضي: «تلقت الوزارة ما يشير إلى ارتفاع أسعار الكثير من المواد الغذائية، ووجود تفاوت في أسعارها في ظل عدم وجود رقابة كافية، وعليه نأمل أن يجري التواصل مع وزارة التجارة لشرح أسباب ارتفاع الأسعار، وما تقوم به الجهات المعنية لمتابعة ذلك حتى يكون المواطن على علم بذلك».

وأشارت وزارة «الثقافة والإعلام» إلى أهمية توعية المجتمع بجدوى ترشيد الاستهلاك ورفض الإسراف والتبذير، بالإضافة إلى أهمية تنويع السلع المتاحة، مؤكدة أهمية نشر رسائل توعوية للمنتجين والتجار بعدم المغالاة في رفع الأسعار، وتوفيرها بشكل ميسر وبسعر معقول، انطلاقا من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.

من جهة أخرى، أكد مطلق الحمدان وهو صاحب سلسلة من المراكز الغذائية في العاصمة الرياض لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن أسعار السلع الغذائية الرمضانية التي اعتاد السعوديون شراءها في السنوات الماضية لم تشهد زيادات ملحوظة عما كانت عليه العام الماضي، وقال: «هناك محاولة لتخفيف وتيرة ارتفاع الأسعار، وقد يقود هذا الأمر إلى انخفاض حجم الهوامش الربحية لبعض الشركات الغذائية المنتجة، ومراكز البيع النهائية».

وقال إن حجم الطلب المتوقع على السلع الغذائية الرمضانية في السوق السعودية خلال هذا العام مرشح للارتفاع بنسبة 10 في المائة عما كان عليه في العامين الماضيين، مبينا أن هناك طلبا أكبر من المتوقع أن يكون على هذه السلع في ظل التنامي السكاني للبلاد.

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي أكدت فيه منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) تراجع أسعار الحبوب، والسكر، والزيوت، واللحوم خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، جاء ذلك قبل أن ترتفع في الربع الثاني من العام الحالي.

وأكد مستثمرون لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، أن مستوردي الأغذية في السوق السعودية عادة ما يرفعون الطاقة الاستيعابية لمخازنهم، في حال تراجع أسعار الغذاء العالمية، تجنبا للتأثر بأي تقلبات بيئية أو مناخية مقبلة، قد تؤثر في مستويات الأسعار النهائية بالمستقبل.

وتعد السوق السعودية خلال السنوات القليلة الماضية، من أكثر أسواق الخليج نشاطا في مبيعات الغذاء، وسط تقلبات سعرية عاشتها هذه الأسواق طوال السنوات الخمس الماضية، نتيجة للتغيرات الجوهرية التي عانتها بعض الدول المصدرة للأغذية من جهة، وتراجع قيمة الدولار من جهة أخرى.

وأوضحت المنظمة وفق أحدث تقديراتها للإنتاج العالمي من الحبوب عام 2013، أن الإنتاج العالمي للحبوب سجل نموا قويا أكبر مما كان متوقعا، وسجل المجموع رقما قياسيا مقداره 2502 مليون طن، أي بزيادة 8.5 في المائة على عام 2012، مشيرة إلى أن من شأن هذا الإنتاج الوفير للحبوب عام 2013 أن يجدد الاحتياطي العالمي، الذي تقدر منظمة «فاو» إمكانية أن يصل حجمه 573 مليون طن، ليتجاوز بنسبة 13.5 في المائة ما كان عليه الموسم السابق.

وقياسا على هذا المستوى، فإن نسبة المخزونات إلى الاستخدام العالمي من الحبوب ستتفوق على المستوى السابق بنسبة 23.5 في المائة لفترة 2013 و2014، وذلك كأعلى قيمة له منذ فترة 2002 و2003، بما يتجاوز التراجع التاريخي البالغ 18.4 في المائة المسجل في الفترة 2007 و2008. وقدرت المنظمة الآفاق المبكرة للمحاصيل التي ستحصد عام 2014، بأنها ستأتي مواتية، ويشاطر هذا الرأي تقرير منفصل صدر حينها عن نظام معلومات الأسواق الزراعية «إي إم آي إس»، وهو مبادرة أطلقتها مجموعة الدول العشرين الكبرى لجهاز تستضيفه منظمة «فاو» وتديره عشر منظمات دولية.