غش وقود المحطات.. اللجنة الوطنية تطالب «التجارة» بتعديل الأنظمة وتدعو «أرامكو» للتدخل

الرخيمي لـ «الشرق الأوسط»: التلاعب يقوم به ناقلو نفط بخلط البنزين مع مركبات أخرى

إحدى محطات البنزين في العاصمة السعودية الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

أعطت قرارات وزارة التجارة والصناعة السعودية التي أصدرتها أخيرا والمتعلقة بتغريم عدد من محطات الوقود والتشهير بأصحابها، رسائل تطمينية للمستهلكين، وسط مطالباتهم بتشديد الرقابة على هذه المحطات، والحد من أساليب الغش التجاري التي تتبعها، في ظل استمرار سيطرة العمالة الوافدة عليها، وتنوع أساليب الغش التجاري فيها.

وما زالت محطات الوقود في السعودية عامة، وما كان منها داخل المدن تحديدا، بحاجة إلى سن قوانين وتشريعات ملائمة للارتقاء بهذا القطاع رغم صدور تنظيم جديد لإعادة هيكلتها ومنحها مهلة عامين لترتيب أوضاعها والتحول إلى العمل المؤسسي.

ويعاني «قطاع محطات الوقود» من الفوضى التنظيمية وسيطرة العمالة الوافدة على معظمه، الأمر الذي أدى إلى فرض عدد من المخالفات التي من شأنها إلحاق الضرر بالمستفيد النهائي.

ومن جهته، كشف ممدوح الرخيمي، عضو اللجنة الوطنية لشركات محطات الوقود، لـ«الشرق الأوسط» عن وجود تلاعب من قبل ناقلي النفط إلى محطات البنزين باستعانتهم ببعض الأحواش المشبوهة لخلط البنزين بكميات أخرى مشابهة، كالديزل، أو تلاعب عمالة وافدة بالعدادات لتحقيق أرباح غير مشروعة، داعيا شركة «أرامكو» لختم أو «ترصيص» عبواتها لضمان وصولها للمستهلكين بالجودة نفسها، الأمر الذي يقطع الطريق على من تسول له نفسه العبث بالمواصفات التي أقرتها الدولة.

وأمام مطالبة مستهلكين بضرورة إعادة هيكلة محطات الوقود ووضعها تحت رقابة صارمة، ودمجها في شركات كبرى، أوضح الرخيمي أن مثل هذا العمل قد يسبب لكثير من الأفراد المشغلين للمحطات الغرامة والسجن والتشهير بسبب ما يتخذه الضابط القضائي من إجراءات خاطئة، مضيفا أن الضابط القضائي قد يجتهد إلا أنه يصل إلى نتائج خاطئة لعدم درايته التامة بالأنظمة؛ كون النظام يتطلب آلية محددة يجب أن تجري باستخدام أدوات بمواصفات وآليات محددة للتأكد من النتائج التي تثبت الخلل، ويجري من خلالها توجيه الاتهام بالغش، ومن ثم تحويل أصحاب المحطات المخالفة إلى الجهات القضائية.

وشدد على ضرورة إعادة النظر في نظام الغش التجاري الذي عده لا يرتقي إلى جهد وزارة التجارة، مشيرا إلى أن النظام نصب الضابط القضائي حكما وخصما في آن معا، ما يؤدي إلى السلطة المطلقة للضبط القضائي «حسب تعبيره»، داعيا إلى تأهيل الضابط القضائي للقيام بأعماله عبر استيعاب الأنظمة التي يعمل في إطارها دون الاعتماد على الاجتهاد الشخصي الذي لا يكون في محله أحيانا.

وأوضح عضو اللجنة الوطنية لشركات محطات الوقود، أن الضبطيات التي يقوم بها الضابط القضائي في أعمال المعايرة لا تمت للنظام بصلة من الناحية التطبيقية، حيث إن الضابط القضائي لا يتبع ما ورد في منطوق النظام ولا يقوم باتباع المواصفات القياسية السعودية المحددة لطريقة فحص ومعايرة المضخات الكهربائية لتوزيع الوقود، مما قد ينتج عنه اتخاذ قرارات خاطئة يصعد على أثرها الأمر إلى الجهات الرقابية وديوان المظالم دون الاستناد إلى مواد النظام.

من جانبه، أشار أحمد الفالح، نائب رئيس اللجنة الوطنية لشركات محطات الوقود، إلى أهمية وجود آلية للتثبت من عملية الخلط للتأكد، من قبل الأطراف كافة، من أن المادة أو العينة المأخوذة هي العينة نفسها التي جرى الحصول عليها من المحطة، وذلك من خلال أخذ ثلاث عينات في إناء محكم الإغلاق ويوقع عليه من قبل الأطراف المعنية، بحيث يحتفظ المشغل بعينة، والضابط القضائي بعينة، والعينة الثالثة تعرض على المختبر المختص للفحص والتحليل، وفي حال عدم قناعة أحدها بالنتائج يجري فحص العينات الأخرى في مختبر محايد، ويكون الحكم على النتائج عندما تظهر نتيجة فحص العينات الثلاث، حيث إن اثنتين من ثلاث ستتطابقان إما بالإيجاب أو السلب.

وعد أن هذه الطريقة محايدة تماما، ومن شأنها أن تعطي جميع الأطراف الحق في الاعتراض على النتائج وليس بالأسلوب والطريقة التي ينتهجها الضابط القضائي حاليا، التي تعطيه السلطة المطلقة في التحكم بالعينة، ولا يكون للمشغل أي إمكانية للتأكد والتثبت من أن العينة التي جرى فحصها هي العينة نفسها التي حصل عليها من المحطة التابعة له، داعيا وزارة التجارة إلى ضرورة مراجعة نظام الغش التجاري مراجعة كاملة مع أهل الاختصاص، وإشراك المعنيين الممثلين للقطاع بالأمر، إضافة إلى شركات المعايرة والمعامل المتخصصة في إعداد الآليات التي تكفل حق جميع الأطراف.

وقال نائب رئيس اللجنة الوطنية لشركات محطات الوقود: «أتمنى أن تراجع وزارة التجارة منفردة النظام ويجري إعطاؤها كافة حقوق التصرف، وللضابط القضائي، بدعوى أنه مؤتمن من قبل الدولة ولا مصلحة له بأي عمل مخالف، إضافة إلى أهمية وضع الضوابط التي تحكم العلاقة بين الأطراف بشفافية للوصول إلى العدل»، مشيرا إلى أهمية فرض الوزارة على المحطات والناقلين توفير أجهزة متخصصة يمكن من خلالها فحص العينات في الموقع بحيث تظهر النتائج على الفور.

وفيما يتعلق بخلط البنزين بمواد أخرى، ومن ثم اتهام صاحب المحطة والتشهير به، بين الفالح أن الخلط قد يكون جرى قبل وصول المنتج إلى المحطة، وذلك بقيام السائقين العاملين لدى الناقل بتفريغ كميات من الوقود وإضافة مادة أخرى لتعويض النقص، ومن هنا يتبين أن المحطة ليست المكان الوحيد الذي يجري فيه الخلل، مشيرا إلى ضرورة تحديد المسؤولية التي تبدأ بالعمالة المقيمة في المحطة، ومن ثم المشرف المباشر عليها؛ للوصول إلى المتسبب الحقيقي بعملية الخلط، وألا تلقى التهمة مباشرة على مالك المحطة أو مدير الشركة.

وأضاف: «على شركة (أرامكو) دور مهم للتأكد من سلامة المنتج، وذلك بوضع آلية لـ(ترصيص) خزانات شاحنات الوقود قبل مغادرتها، لكي يجري التأكد من عدم فتحها خلال توجهها إلى محطة التفريغ»، موضحا أن بعض الشركات العاملة تبذل المستحيل للسيطرة على أعمال التلاعب والخلط، وأبدت استعدادها لإنشاء شركة لهذا الغرض وتحمل تكاليف الترصيص والعمالة وخلافه، مشيرا إلى أهمية مشاركة اللجنة الوطنية في التنظيم الجديد؛ كونها تعيش العمل بصفة يومية وتعلم خباياه ومشكلاته من النواحي كافة، خلاف المشرع الذي ينظر إلى الناحية الرقابية فقط.