قرارات صارمة لخفض الحوادث القاتلة في السعودية.. وحوافز للمنضبطين

21 شخصا يوميا حصيلة الوفيات المرورية في المملكة خلال 2012

جانب من نقاط التفتيش المرورية في المدينة المنورة («الشرق الأوسط»)
TT

بدأت الإدارة العامة للمرور في تطبيق قوانين وأنظمة أكثر صرامة وإجراءات مشددة بحق عدد من المخالفات التي يقوم بها السائقون للمركبات سواء كانوا من السعوديين أو المقيمين على أرض المملكة، تبدأ بعقوبة قاطعي الإشارة، وهي أخطر المخالفات المرورية وذلك لكونها تتسبب في إزهاق أرواح الكثير من الضحايا وتحدث ربكة مرورية وتمثل تعديا صارخا على الأنظمة المعمول بها، حيث يتم إيقافهم ليوم واحد على الأقل وعدم الاكتفاء بتحرير المخالفة ضدهم سواء إلكترونيا من خلال نظام «ساهر» أو يدويا من خلال رجل المرور أو الجهات الحكومية المساعدة، حيث يجري ربط سداد المخالفة المرورية بتنفيذهم لعقوبة السجن 24 ساعة في المرة الأولى على أن تتغلظ العقوبة تدريجيا، إضافة لكون اعتبار من يقوم بهذا العمل يتسبب في حصول حادث تنتج عنه وفيات، حيث يحكم على المتسبب بذلك حكم القتل العمد، وذلك ضمن القرارات الجزائية التي اعتمدها وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف.

ونتيجة للتطوير الجديد وبدء تطبيق العقوبات، يرفض النظام الجديد قبول السداد المالي للمخالفات ما لم يكن مصحوبا بإشعار من إدارة المرور التي أصدرت المخالفة يثبت إيقاف السائق 24 ساعة، حيث قامت المديرية العامة للمرور بتحديث الشبكات البنكية المرتبطة بسداد المخالفات، وكذلك نقاط السداد، بحيث يتم حجب مخالفة قطع الإشارة المرورية منها، وحصر سدادها بمراجعة إدارة المرور فقط، وإرفاق إشعار السجن مع إيصال السداد ليتم إلغاء المخالفة.

ويتوقع أن تتسع العقوبات المغلظة لتشمل السائقين الدائمين الحصول على مخالفات سرعة سواء كان ذلك داخل المدن أو خارجها، حيث إن هناك مساعي لإقرار حجب هذا النوع من المخالفات كذلك لينال مرتكبها عقوبة السجن قبل تسديد المخالفة وإلغائها من سجلاته، فيما ينال المفحط عقوبة مغلظة تصل إلى السجن ومصادرة سيارته لما تمثله هذه المخالفة من خطورة بالغة جدا على المجتمع بشكل عام خصوصا أن هذه الممارسة الخاطئة عادة ما تتم داخل المدن.

ولا تستثني اللوائح المرورية الجديدة الأطفال وأولياء أمورهم ممن يقومون بالقيادة دون بلوغ السن القانونية والحصول على رخصة قيادة، حيث ستطبق على قائدي السيارات صغار السن عقوبات تشمل أولياء أمورهم، كونهم سمحوا لهم بقيادة المركبة دون رخصة قيادة، لما ينطوي عليه ذلك من خطورة عليهم ولا تقل عن المخاطر التي تعتبر كبرى لمستخدمي الطريق.

وتعتبر السعودية من أكثر دول العالم من حيث ضحايا الحوادث المرورية، حيث تشير آخر إحصائيات تمت 2012 إلى أن حصيلة الوفيات في السعودية ارتفعت إلى ما يعادل 21 شخصا يوميا، عدا عن الكثير من العاهات التي تسببها هذه الحوادث، مقارنة بـ17 حالة في عام 2009 قبل تطبيق نظام «ساهر» عام 2010 للمرور، حيث تتصدر منطقة مكة المكرمة بقية المناطق في أعداد الوفيات والمصابين خلال عام 2012، بنسبة 25 في المائة من إجمالي الوفيات و27 في المائة من إجمالي الإصابات، فيما جاءت منطقة الرياض الأعلى في عدد الحوادث بـ28 في المائة من إجمالي حوادث المرور في السعودية، بحسب بيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات وهي جهة رسمية معتمدة بالسعودية.

وتم تطبيق نظام «ساهر» في السعودية في شهر أبريل (نيسان) 2010، وهو نظام مروري للضبط الإلكتروني يستخدم تقنية شبكة الكاميرات الرقمية المتصلة بمركز للمعلومات، الذي بدوره يقوم بالتحقق من المخالفة فنيا ومن ثم يطلب معلومات مالك المركبة من قاعدة البيانات، وبعدها يتم إصدار المخالفات المتعلقة بالسرعة وقطع الإشارة بهدف تحسين مستوى السلامة المرورية.

وكان مدير مرور المنطقة الشرقية العميد عبد الرحمن الشنبري قد أعلن أخيرا عن منح ضباط الأمن العام والدفاع المدني ورجال الأمن الصناعي في القطاع الحكومي والخاص صلاحية تحرير المخالفات المرورية بعد توزيع «دفاتر المخالفات» عليهم خلال أسبوع المرور، حيث سيكون هذا التعاون طوال العام، في خطوة تهدف إلى زيادة الضبط المروري ودعمه من الجهات الأمنية كافة، وذلك بناء على توجيه نائب أمير المنطقة الشرقية رئيس لجنة السلامة المرورية في المنطقة الأمير جلوي بن عبد العزيز بن مساعد.

ولا تقتصر الأنظمة واللوائح الجديدة للمرور على العقوبات الرادعة، بل إن هناك جوائز تمنح للسائقين المثاليين. وفي هذا السياق يقول العميد الشنبري «التوعية وضبط النظام وجهان لعملة واحدة، وجائزة السائق المثالي تعكس تغير سلوكيات السائقين، والعام المقبل سيشهد فروعا أخرى للجائزة، وستكون أشمل وأعم، وستدخل الشركات والدوائر الحكومية إذا ما علمنا أن الجوائز هذا العام نحو 75 ألف ريال تم توزيعها على 19 سائقا لجميع الأعمار من الأفراد، آملا أن ترفع هذه الجائزة من سلوكيات السائقين في المنطقة الشرقية».

وعن حجم المخالفات التي أقرت وتؤثر على السلامة، قال «سيتم تطبيقها وتعرض على هيئة الجزاءات للنظر فيها، ولن تكون متاحة للسداد إلا بعد النظر فيها، بعدما شرعت الإدارة العامة للمرور ممثلة في إدارات المرور في المملكة في حجب المخالفات المرورية (تجاوز السرعة المقررة وقطع الإشارة وعكس السير والتفحيط والسير من دون رخصة قيادة) عن المخالف عند السداد عن طريق الصراف الآلي، إضافة إلى وقف جميع الخدمات ‏التي تقدمها وزارة ‏الداخلية للمخالف نفسه ومن ضمنها (إصدار الجواز أو تجديده، إصدار الإقامة أو ‏تجديدها، إصدار ‏تأشيرات السفر للأجانب، استقدام العمالة، إصدار بطاقة ‏الأحوال أو ‏تحديثها، وكل الإجراءات المتعلقة برخص السير والقيادة)، وسيتم الحجب حتى تجري مراجعة المخالف هيئة الفصل في المخالفات المرورية، أما المخالف الأجنبي فيتم منعه من السفر حتى يراجع هيئة الفصل».

* المرور السري

* وعن الدور الذي بات يلعبه المرور السري قال الشنبري «إن المرور السري أصبح يدخل الأحياء بالمنطقة الشرقية بعد ملاحظة دخول العديد من المفحطين للأحياء، ويقدم المرور السري ألف مخالفة يوميا من خلال 35 سيارة سرية لكل فرقة تنزل الميدان وتوجد في كل الطرقات والحواري خصوصا التي يقوم بعض السائقين بارتكاب مخالفات التفحيط فيها». وأكد مدير مرور المنطقة الشرقية على «انحسار نسبة المفحطين بالمنطقة الشرقية بشهادة الجميع بواقع 80 في المائة عن العام الماضي، ونعمل على متابعة التفحيط حتى خارج المدن بواقع 200 كيلومتر بفرق متخصص لهؤلاء المفحطين حتى ساعات الفجر الأولى، ووجدنا تجاوبا من الجميع، ولن يتم الإفراج عن المفحط إلا بعد إنفاذ عقوبته، ولا يمكن أن نقبل وساطة أو جاها في هذا الأمر». وأوضح أن هناك دراسة تقوم بها الإدارة العامة للمرور بالتعاون مع وزارة النقل بشأن إزالة الخط الأصفر المحاذي للأكتاف، ملمحا إلى تعزيز عقوبة من يستخدمون الخط الأصفر ليكون ضمن مسار تجاوزاتهم من اليسار أو حتى اليمين، مما يمثل خطورة على مستخدمي الطرق السريعة.

وأما في ما يتعلق بطمس لوحة المركبة فأكد أن عقوبتها حجز المركبة، وإذا تكررت المخالفة يحال إلى الحاكم الإداري لاتخاذ ما يراه مناسبا من عقوبة لما يشكله من خطورة على السلامة المرورية، مشيرا إلى أن الإدارة العامة للمرور ستنظر في موضوع طمس اللوحات بالتعاون مع هيئة الجزاءات من أجل تعزيز الجزاءات حتى لا تنتشر هذه الظاهرة خصوصا مع توسيع نطاق نظام «ساهر».

وترتفع قيمة المخالفات المرورية بعد مرور شهر من الحصول عليها، حيث يصل الارتفاع في قيمة المخالفة للضعف مما يحفز على تسديدها خلال فترة لا تتجاوز 30 يوما، وهي الفترة التي يفضل الاعتراض فيها على المخالفة. وبإمكان الشخص الذي يعتقد أنه منح مخالفة لا يستحقها أن يشاهد مقطعا أو صورة للمخالفة من خلال جهاز حاسب آلي يوضح الحادثة التي تعرض على أثرها قائد المركبة أو صاحبها للمخالفة، وهذا حق من حقوقه ولكن يتوجب عليه الاعتراض بأسرع وقت ممكن فور وصول الرسالة النصية التي تشير إلى حصوله على مخالفة.

وتوجد هيئة للفصل في المنازعات والقضايا والمخالفات المرورية يمكن من خلالها تقديم الشكاوى والاعتراضات على المخالفات المرورية أنشأتها الإدارة العامة للمرور في مراكزها الرئيسة في المناطق.