«القبر يدعو للحياة» في المعرض الفني الدعوي لطالبات كلية التربية

TT

بين العتمة التي مثلت دور البطولة الأولى في المعرض وعتمة الحجرة الأخيرة لحجرات المعرض التي تتوسدها جثتان، مسافة زمن لا تتعدى النصف ساعة وهي المدة التي تقطعها خطواتك أثناء تجوالك بين موبقاته السبع فيما يظل السؤال عالقا في ذهن كل زائرة «خطواتنا إلى أين؟» العنوان الذي يحمله المعرض الفني الدعوي لطالبات كلية التربية بجدة.

غير ان الخروج عن التقليدية في أسلوب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ممثلا في الندوات والمحاضرات كان السمة الواضحة، والذي أوضحته الطالبة سمية الحمدي «نحن نمل من حضور المحاضرات الطويلة لذلك حاولنا أن نخرج ونواكب متطلبات العصر الحديث بأسلوب جديد يخاطب كل الحواس من خلال لغة التجسيد والتي عبرت عنها المجسمات».

لم يكن الخروج عن المألولف والتجديد في اسلوب الدعوة والتحذير من المعاصي والذنوب التي يتم ارتكابها دونما أدنى إحساس بمعنى التقوى بحسب ما ذكرت ابتسام العنبري الأستاذ المساعد بقسم اللغة العربية بالكلية والمشرفة على المعرض «في ظل الانفتاح والمتغيرات الكثيرة أصبح هناك ارتكاب للكبائر دون ان يكون هناك ذكر لهادم اللذات الذي اوصانا الرسول بتذكره»، إلا ان الهدف من المعرض كان تركيزه منصبا على محاولة تصحيح المسار في الدنيا من خلال بضع خطوات كانت المرشد العام للطريق نحو غرفة العرض إلا أن الخطوات التي تباينت الوانها بين الأحمر والأخضر والأسود بتياين الناس حملت دلالات رمزية لأعمال الناس، كما ذكرت العنبري «اختيار الألوان كان هدفه تحديد الطريق نحو الحياة الآخرة والقبر يمثل بداية الحياة لتصحيح المسار في الدنيا».

بين الخطوات السوداء التي ترمز للنفوس المملوءة بالحقد والحسد حاولت طالبات المعرض بناء سياج وهمي للزائرات يفصل بين اصحاب اليمين من خلال تبني اللون الأخضر وأصحاب الشمال وترك دلالة ذلك للون الأحمر القابع دائما وابدا في قفص الاتهام كرمز للشيطان الأكبر ودليل على اقتراف المنكرات في الوقت الذي كانت فيه حجرة الموت والجثث الموسدة هي الأبرز لأنها نهاية المطاف في الزيارة وبحسب العنبري «دائما تظل الأشياء الأخيرة هي الأكثر التصاقا بالذهن لذلك حرصنا على أن يكون مشهد القبر هو آخر مشهد في المعرض»، وحول ما إذا كان هدف المعرض نشر ثقافة الموت قالت العنبري «ليس هدفنا ترسيخ ثقافة الموت لكنني اعتبر المقبرة دعوة للحياة»، وعلقت على ذلك قائلة «المؤمن اتعظ بغيره لا بنفسه».

الأداء التمثيلي الذي برعت فيه طالبات هن قاب قوسين أو ادنى من الخروج لممارسة الواقع العملي للحياة واللواتي لم تفارق وجوههن الفرحة التي عتقها حجم الإنجاز وإن كانت الأدوار تراوحت بين ام شاكية من عقوق الابن استطاعت أن تستدر دموع الحاضرات فيما تمكنت الساحرة من اللعب بالبيضة والحجر لتسرق الابتسامات التي كادت ان تغرق بين امواج الظلمة المرعبة قبل أن تتلقفها الحجرة النورانية المتشحة بالبياض والتي بحسب ابتسام العنبري «البياض الذي يغطي المعرض هو اشارة للحياة الآخرة ودلالة على النقاء»، فيما ظلت اماني وأحلام الطالبتان بقناعة لرعاية هذه المواهب والطاقات التمثيلية في انتظار موعد مع معرض آخر.