صاحبة «دار الحدائق» للنشر نبيهة محيدلي: لا بد أن يبذل كتابنا ما تبذله الفضائيات لاستعادة الطفل القارئ

إنتاج كتب الأطفال في العالم العربي ضئيل

TT

استعرضت اختصاصيات عربيات في الرياض تجاربهن في مجال النشر للأطفال مناقشات أهم مشاكل النشر للطفل في العالم العربي. وقد شاركت في الندوة التي أقامتها مكتبة الملك عبد العزيز الاثنين الماضي، من السويد صاحبة ومديرة دار المنى للنشر منى هيننغ، ومن لبنان صاحبة ومديرة دار الحدائق للنشر نبيهة محيدلي ومن السعودية صاحبة ومديرة النبتة للنشر وفاء عبد الله كامل. وعلى هامش اللقاء التقت «الشرق الأوسط» بالسيدة نبيهة محيدلي صاحبة «دار الحدائق» المتخصصة بنشر كتب الأطفال ومديرة تحرير مجلة «توتة توتة» اللبنانية الحائزة على جائزة دبي لصحافة الطفل، التي تحدثت عن واقع أدب الطفل العربي اليوم وأسباب عدم اندماج الأطفال العرب في القراءة.

> كيف تقرأين موقع أدب الطفل العربي من المنظومة العالمية لأدب الطفل؟

ـ أعتقد أن الجهود المبذولة في انتاج كتب الأطفال في العالم العربي ضئيلة إذا ما قورنت بغيرها في العالم الغربي والسبب مرتبط أساسا بتأخر ولادة أدب الأطفال العربي عن تاريخ ولادة الأدب العالمي الذي ظهر كفن مستقل ومكتوب في العام 1697، أما نحن العرب فقد احتجنا لقرنين من الزمن، بعد هذا التاريخ لنؤسس ـ أدب الطفل العربي ـ وذلك عبر الترجمة والاقتباس عن سلفه العالمي والأوروبي تحديداً، الأمر الذي جعل المكتبة الغربية تزخر بإنتاج أغنى بكثير من المكتبة العربية فيما يخص كتب الأطفال. نعم هناك دور نشر «متخصصة بكتب الأطفال» في العالم العربي وتعمل بجدية بالتعاون مع فريق من الخبراء والاختصاصين للنهوض بهذا القطاع الثقافي الأدبي، إلا أنها لا تكاد تحصى على أصابع اليدين. أعتقد أن أدب الطفل يحتاج إلى مزيد من الاهتمام، بالإكثار من الكتابات الإبداعية. > «دار الحدائق» التي ترأسينها تعتبر من أنشط دور النشر في العالم العربي وأكثرها إنتاجا، حدثينا عن آلية العمل والمعايير التي تراعونها في إنتاج كتب الأطفال؟ وماذا عن الصعوبات التي تواجهكم؟

ـ يتم اختيار الموضوعات التي تهم الأطفال حسب مراحل أعمارهم المختلفة، بشكل يلبي حاجتهم للمعرفة والتسلية. ونركز على جمال الشخصية والدراما الممتعة التي تقدم من خلالها، محاولين إقناع الطفل وعدم الاستخفاف بعقله، فمثلا يهمنا إظهار أن الأبطال يخطئون ويتحدثون عن أخطائهم ويواجهونها. هذا من حيث المضمون، أما شكلياً فيبقى للإخراج الفني والرسم نصيب كبير من اهتمامنا. الجمال هنا قيمة كبيرة يجب أن يعيها الطفل منذ بداية وعيه. نحاول قدر الامكان مراعاة روح العصر والتقيّد بالمقاييس الفنية العالمية. أما بالنسبة لبعض الصعوبات التي تواجهنا فنحن نعاني من مشكلة جوهرية وهي أن الشعب العربي ليس قارئاً. وبالتالي فإن الاهتمام بالكتاب ضئيل والقراءة محصورة في هامش التدريس والواجب المدرسي والطفل لا يستقبل القراءة والمطالعة بسعادة. بل يجبر عليهما.

> إذن ما يتردد بأن الطفل العربي لا يقرأ صحيح.. ترى ما الأسباب التي تعيق اندماجه مع القراءة؟

ـ أتفق كثيرا مع ما يتردد، ولكن اللوم يجب أن لا يوجه للأطفال ولكن لما يقدّم لهم من كتبا للقراءة. فهل نعطيهم كتب جيده ليقرأوها؟ هل نمنحهم الوقت ليطالعوا الكتب في المدرسة؟ أعتقد أن بعض الإنتاج الموجه للصغار والمراهقين باللغة العربية ضئيل، وإخراجه ضعيف وقصصه مباشرة وتعليمية تصرف الأطفال عن القراءة. أؤمن كثيرا «بقراءة الصورة» وإغراء الطفل القارئ بصرياً وحسيّاً من خلال رسومات ملوّنة جميلة وأغلفة السميكة. > كثير ممن كتبوا للطفل لم يستطيعوا الوصول إليه، متى يعجز الكاتب عن غزوا عالم الطفل؟ ـ نعم هناك كثيرون من أشهر الأدباء العرب حاولوا طرق باب الكتابة للأطفال ولم يوفقوا، بسبب أن المادة المكتوبة لم تنسجم في محتواها مع عقلية ومفاهيم الأطفال ولم ينزلوا إلى مستوى قدراتهم الإدراكية والمعرفية واللغوية فلم تلق كتبهم رواجا لدى الأطفال. لقد استطاعت الفضائيات والتلفزيون من خلال جهود واسعة استقطاب الأطفال من خلال تقديم مواد مغرية بالصوت والصورة صرفتهم عن قراءة الكتب وأعتقد أنه لو أردنا استعادة أطفال قارئين يجب على كتابنا تقديم مادة جاذبة ومفيدة وبذل مجهود يوازي ما تقوم به الفضائيات لاستقطاب الأطفال.

> يتردد أن الإصدارات القديمة الخاصة بكتب الطفل أكفأ من حيث المضمون من إصدارات اليوم، ما رأيك؟

ـ منذ عقود كان المستوى أفضل برغم التقنيات المتواضعة، نحن اليوم نعاني من ندرة المتخصصين في هذا المجال، علماً أن الرسامين أكثر عدداّ ومنهم الجيدون والممتازون، لكن المشكلة هي في الكتاب وما يقدمونه من مواد التي أرى أنها تندرج في خانة مشكلتنا كأمة عربية في التفكير والإبداع. فنحن نخاف من ـ المزاح ـ واللعب، ونفكر أن فيهما إسفاف وتفاهة، كما نخاف من الجديد ونفضّل التقليدي.

> الملاحظ في أسواقنا وجود كم كبير من الإنتاج الغربي الموجه للطفل مترجم إلى اللغة العربية، هل ترين بإيجابية ذلك؟

ـ في رأيي أن الترجمة للأطفال من آداب الشعوب واللغات الأخرى أمر جميل، خصوصا أن الكتب الغربية تحكي تجارب إنسانية يشترك في تذوقها جميع الأطفال شرقا وغربا، ولكن يجب أن تكون هذه الكتب دافعا لنا في الوطن العربي لاستعراض تجاربنا من خلال تقديم كتب تعبر عن ثقافتنا وعرضها ليقرأها الآخرون.