المحامي باسم عالم: احترام الإنسان وقدسية الإجراءات من المعايير الأساسية لاختيار القضاة

قال إن إشكاليات تفسير النصوص واختلاف آلية التطبيق من ثغرات النظام القضائي

TT

يشكل القضاء في المملكة العربية السعودية الجهة المخولة للفصل في مختلف القضايا والأمور العامة للناس، ويرتكز النظام القانوني السعودي بشكل أساسي على مبادئ الشريعة الإسلامية، بالدرجة الأولى، كما أوضح المحامي باسم عالم، وعلى الرغم من الاستناد للشريعة الإسلامية في إصدار الأحكام والعقوبات إلا أن النظام القضائي بشكل خاص يعاني من ثغرات قانونية يصعب حصرها كان من أهمها كما أوضح عالم «نعاني من إشكاليات في التطبيق والتفسير»، وتابع قائلا «تشعب الجهات واللجان وتداخل الجهات القضائية مع الإدارية، يبرز حاجتنا إلى تحديد الاختصاص».

وبرغم أن المصادر التي يعتمدها القضاء في الفصل بين القضايا المنظورة تستند الى مصدري التشريع الإسلامي القرآن الكريم والسنة النبوية، تتضح المشكلة الأساسية المتعلقة بهما والتي وضحها عالم بقوله «هناك إشكالية في فهم النصوص وبالتالي استنباط الأحكام المتعلقة بهما»، والتي أرجع باسم عالم لها تعددية الأحكام للقضية الواحدة، وفيما إذا كانت هناك أطر ومحددات يسير عليها النظام القضائي أوضح عالم «يعد الارتكاز على الشريعة الإسلامية الإطار العام للقضاء وتترك باقي المسؤوليات للقاضي»، وأرجع إصدار التعاميم بمختلف أشكالها من الإدارية والوزارية والأخرى الصادرة من مجلس القضاء الأعلى للاختلاف في تفسير النصوص، وعن المعايير التي يتم على أساسها صدور الأحكام القضائية وما يثار حولها من التشكيك أفاد عالم «الحكم الشرعي في بعض القضايا واضح ولا مجال للجدل فيه مثل قضايا الحضانة مثلا، لكن يقع الاختلاف في قضية النفقة وهنا تدخل القناعة الشخصية للقاضي والأعراف السائدة له». وحول آلية معالجة اختلاف التفسير في النصوص قال الحارثي «الاختلاف في نفسير النصوص مسوغة وليست خاضعة للأعراف خاصة أنها خاضعة للتدقيق من قبل هيئة التمييز»، وفيما يتعلق بكون هذه الاختلافات قد تفقد عند البعض مصداقية الحكم القضائي أشار الحارثي إلى أن اجتهاد القاضي وارد ولا يمكن للقضاء أن يرضي اثنين وحول تحديد الأطر أفاد عالم «تقنين الشريعة يقع على عاتق الدولة وذلك من خلال مجلس الخبراء ومجلس الشورى أو مجلس القضاء الأعلى لاعتماد اللوائح»، أما عن المحددات للقضاء والتي تكمن في إيجاد حد أدنى وحد أعلى للعقوبة قال باسم عالم «لا بد من تسنين للعقوبات التعزيرية والأخلاقية وربطها بهذين الحدين»، وتابع قائلا «تحديد ما يتعلق بمسميات الجريمة والتجاوز الأخلاقي وتحديد عوامل الإثبات وعدم الخروج عنها»، فيما علق عطية الحارثي المسؤول الإعلامي بمحكمة جدة الجزائية على ذلك بقوله «تعمل الوزارة على تقنين الأحكام التعزيرية للتغلب على مشكلة اختلاف المذاهب الفقهية ووضع حد معين لا يتجاوزه القاضي ولا ينقص عنه لكن يقع على عاتق المجتمع تفهم الناحية الشرعية والقضاء».

ويعد القضاة الركيزة الأساسية في العمل القضائي، في الوقت الذي تعطى فيه الصلاحيات للقاضي من ولي الأمر الذي يعد المرجعية التي تعين حدود الولاية للقاضي إن كانت مكانية أو نوعية وتشكل مساحة فضفاضة، كان الهدف منها إعانتهم على إصدار الأحكام والعقوبات والتي استغلت من قبل البعض بشكل أساء لنزاهة القضاة، واذا ما كانت هناك جهة رقابية تراقب عمل القاضي أوضح عالم «فضفاضية أي نظام دائما ما تصب في تمكين الآخر من الفساد»، وأما ما يتعلق بتعاطي الرشوة والمحسوبيات خاصة في قضايا الملكية والأوقاف وآلية التعامل مع هذه القضايا في ظل الأصوات التي تتعالى وتنادي بتجديد الخطاب القضائي علق الحارثي «هذه حالات شاذة لا يمكن تعميمها ولا اعتقد أن إثارتها تعود بالفائدة على احد لكن في حالة حدوثها يتم التعامل معها بعقوبات رادعة يتولاها مجلس القضاء الأعلى إما بالإقالة أو الإعفاء».

ومع دخول المملكة لمنظمة التجارة العالمية تبرز الحاجة لتغيير القوانين التي تحدد النظام القضائي ومدى اتفاقها أو تماشيها مع المتغيرات الجديدة واستحداث أخرى تنظم العمل القضائي، أوضح عطية الحارثي «هناك تقصير من المشرعين ومجلس القضاء الأعلى»، وتابع قائلا «ليس المطلوب استحداث أنظمة جديدة بقدر الحاجة لفتح باب الاجتهاد بين العلماء وتدارس المستجدات»، في الوقت الذي يرى فيه الحارثي أن التنظيم الجديد للمحاكم القضائية المتخصصة مثل العمالية والتجارية ستتيح استنباط الأحكام الشرعية في الفقه الإسلامي تتفق مع المتغيرات الجديدة، فيما علق عالم «برغم الحاجة لتغييرات جوهرية إلا أن الأمر أكثر عمقا»، وأوضح قائلا «نحتاج أولا لإرادة تحديث القضاء حتى يصبح قضاء مفهوما في المنظومة العالمية»، وتابع حديثه «لسنا بدعا من القوم بحجة أننا نستند للشريعة الإسلامية التي هي براء مما هو معمول به الآن» مشيرا إلى إصدار الأحكام بدون أدلة وبراهين والحكم بدون تطبيق. ولأن الحكم في القضايا يتعلق بتسيير أمور الناس تبرز الحاجة لقضاة يتميزون بالوعي والكفاءة وتتضح أهمية ودور التأهيل العلمي للقضاة والذي علق عليه عالم بقوله «يتم اختيار القضاة من خريجي الشريعة الإسلامية والحاصلين على دورة من معهد القضاء العالي أو أن يلازم أحد القضاة ويتلقى التدريب على يديه»، وحول كفاية هذه المؤهلات أشار عالم إلى صحة المبدأ في الوقت الذي لا بد فيه من مراعاة الأمور الإجرائية والإدارية، موضحا «هناك أمور تتعلق بالإنسان لا بد أن يراعيها القاضي تتعلق باحترام حقوق الإنسان وصيانة وقدسية الإجراءات إلى جانب سرعة الأداء والإنجاز وفاعلية التطبيق وتنفيذ الأحكام وهذه الأمور مفقودة الآن»، وقد علق الحارثي على ذلك قائلا «تنفيذ الأحكام وفاعلية تطبيقها ترجع للنواحي الداخلية لكن وفق التنظيم الجديد ستوكل آلية التنفيذ لهيئة الادعاء والشرطة والحقوق المدنية».