«الرياضيات» تتسبب في لغط وشتائم وأوراق إجابة بيضاء وإغماءات وبكاء

التربية والتعليم: مشرفو المواد سيجرون تقييما لطبيعة الأسئلة بعد الاختبارات

TT

صدم طلاب وطالبات قسم العلوم الطبيعية في مرحلة إتمام شهادة الثانوية العامة في عموم المدارس السعودية بصعوبة وغرابة أسئلة مادة الرياضيات التي جاءت كأول مادة في إختبارات المرحلة التي بدأت يوم أمس السبت، وأثارت مشاعر الإحباط للكثيرين منهم بعدم حصولهم على درجات عالية في هذه المادة التي تمثل درجاتها سدس المعدل العام للثانوية العامة، كما أن إختبار أمس كان يمثل ما نسبته خمسة في المائة من المعدل التراكمي، وهو ما يؤثر سلبًا لتحقيق معدلٍ عالٍ يعطي الفرصة للطلاب للالتحاق بالكليات التي يرغبونها ويتطلب ذلك حصولهم على نسبٍ عالية.

وفي الوقت الذي أبدى فيه عدد من الطلاب استياءهم من طبيعة أسئلة المادة وغرابتها وصعوبة البعض منها وعدم وضوحها ووجود أخطاء في صياغة البعض منها وإزدواجية الإجابة واحتمالية أكثر من حلول للمسألة، ارتفعت في صالات الاختبارات في كثير من المدارس عقب تسلم الطلاب لأوراق أسئلة المادة أصوات اللغط والتذمر وصلت إلى درجة انتقاد وزير التربية والتعليم ومسؤولي الوزارة وشتم واضعي الأسئلة حتى أن بعض الطلاب سجل ذلك في ورقة إجابته التي خلت من أي شيء سوى عبارات السخط والغضب، كما أن بعض الطلاب فضل الخروج باكرًا وتسليم ورقة إجابته بيضاء بعدما أيقن بأنه غير قادر على حل أغلبها، كم انخرط البعض منهم في نوبات بكاء وأصيب البعض منهم بإغماءات وفضل كثيرون الخروج من قاعات الاختبار، لكن النظام لا يسمح لهم بذلك إلا بعد مضي نصف الوقت المخصص لزمن المادة.

وفضل بعض الطلاب إعادة السنة وبدأوا منذ يوم أمس بالتفكير جديًا بتقديم اعتذار لمدارسهم بعدم تكملة الاختبار والإعادة سنة أخرى انتظارا لما تحمله الأقدار العام المقبل في تجاوز صعوبة هذه المادة التي كانت هاجسًا للطلاب منذ عقود.

وأبلغ «الشرق الأوسط» عدد من الطلاب أثناء خروجهم من قاعات الاختبارات وقد بدا عليهم أثار الإعياء والتعب والإحباط من أسئلة مادة الرياضيات أن الأسئلة كانت طويلة وصعبة وشاب بعضها الغموض واحتمالية أكثر من إجابة على السؤال.

وشدد الطلاب بأن الإجابة على الأسئلة تحتاج إلى أسلوب لم يعتادوه من قبل كما أن بعض فقرات الأسئلة يمكن التوصل إلى حلها بالمشافهة لا بالطرق الرياضية التي تدرس، وجاء بعضها بصياغة غريبة شتتت اذهان الطلاب.

ورفض الطلاب الكشف عن أسمائهم اعتقادًا منهم بأن ذلك قد يؤثر عليهم، وقال أحد الطلاب في مدارس دار العلوم شمال الرياض بأن الأسئلة رغم أنها جاءت بمجملها متنوعة وطويلة وأعطت للطلاب خيارات للحصول على درجات مقبولة تبعًا للتوزيع الذي يفترض أن يكون عادلا بين الأسئلة، إلا أنها لم تراع الشروط المعروفة في الاختبارات من ضرورة أن تتدرج الأسئلة من السهل إلى الأصعب، وألمح إلى أن ثمة ملاحظات على بعض الأسئلة تتمثل في أن الوصول إلى الإجابة عليها يحتاج إلى «علاقات رياضية» خارج إطار المنهج والمفاهيم التي يتعلمها الطلاب وهنا تكمن الصعوبة حيث جاءت هذه الأسئلة وكأنها أسئلة قدرات وليست أسئلة تعتمد على منهج وقوانين رياضية درسها الطلاب، وتطلب الوصول إلى الإجابة عليها إلى قدرات خاصة لا تتوافر عند أغلب الطلاب ولا تعتمد على فهمهم للمنهج.

وقال أحد الطلاب بأن معلمه الذي كان يراقب عليه في الصالة أثناء الاختبار همس في أذنه بعد تسليمه ورقة إجابته: بأنه كمعلم وجد صعوبة في فهم فكرة بعض الأسئلة وصعوبة الوصول إلى حل لها وخصوصا الفقرة «ج» من السؤال الأول التي تطلبت إجابتها تطبيق خطوات هندسية طويلة غير واضحة حتى يصل إلى فكرة التفاضل التي تكون في النهاية سهلة للغاية، مضيفًأ بأن من المضحك في هذا السؤال أن واضعه أورد للطلاب بديهية رياضية عندما ذيل السؤال بالتذكير بقانون مساحة شبه المنحرف وهو أمر بديهي حتى لدى طلاب الإبتدائية، وكأن الوصول إلى الإجابة على هذا السؤال يتطلب حفظ وتطبيق هذا القانون.

وقال أحد الطلاب في مدارس منارات الرياض ان السؤال الثاني جاء بصيغة غريبة طغت فيه اللغة على الفكرة والهدف مما شتت أذهان الطلاب حيث يفترض أن يعرض السؤال بشكل أقرب إلى المفهوم الرياضي فيما يعرف بصيغة «الدوال»، مضيفًا بأن الفقرة «ب» من السؤال نفسه المخصص لأسئلة التكامل عرضت بصورة شتتت أذهان الطلاب وجعلتهم يذهبون بعيدًا عن الحل الصحيح حيث عرض السؤال وكأن خطأ حصل فيه بجعل الدالة في البسط ومشتقاتها في المقام بعكس ما اعتاده الطلاب ودرسوه في المنهج من خلال أن الناتج في مثل هذه المسألة يكون دالة لوغاريتمية، ولكن ما عرض في السؤال يتطلب من الطالب الإجابة بأسلوب طريقة التحليل التي درسها الطلاب في المرحلة المتوسطة، ووضع السؤال بصيغته غير الواضحة جعل الطلاب في حيرة من أمرهم بحثًا عن إجابة من خلال إبدال البسط مكان المقام، وهذا الأسلوب لا يوصل إلى الإجابة المطلوبة.

وانتقد أحد مشرفي الرياضيات ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ الأسئلة التي جاء مستواها فوق مستوى الكتاب المدرسي، ولم يتوافق أكثرها مع الأمثلة المطروحة فيه التي درسها الطلاب وجاءت خارج سياقه وقال: «الأسئلة في واد والكتاب في واد آخر»، مضيفًا بأن الإجابة على أكثر فقرات الأسئلة تطلب من الطلاب جهدًا مضاعفًأ حيث أضاعت الصيغة التي وردت بها الأسئلة وشتتت أذهان الطلاب وذهبوا إلى أبعد ما تطلبه الإجابة، ضاربًا مثالا على الفقرة «ج» من السؤال الثالث حيث ورد السؤال بأن كرة «حدد نصف قطرها» اقتطعت منها قبة كروية «حدد نصف قطرها» وطلب السؤال الإجابة عن مساحة الكرة مما أوقع الطلاب في حيرة هل المطلوب تحديد مساحة الكرة قبل الاقتطاع أو بعده.

ولم يتسن الوقوف على وضع اختبارات الطالبات لمادة الرياضيات لكن آباء أوضحوا أن حالات مشابهة لما حدث لابنائهم حدثت لبناتهم من حيث صعوبة الاسئلة وطولها وغموض البعض منها.

إلى ذلك أكد لـ«الشرق الأوسط» مصدر مسؤول في وزارة التربية والتعليم بأن العادة جرت أن يقوم مشرفو المواد المختلفة بإجراء تقييم لطبيعة الأسئلة بعد تأدية الاختبارات وإبداء الملاحظات حولها والرفع إلى وزارة التربية بخصوصها وفي حالة وجود ملاحظات أثرت على سير أداء الطلاب يتم التعامل بها وفق ضوابط تحفظ للطلاب حقوقهم، مذكراً بهذا الصدد بقيام الوزارة خلال السنوات الماضية بإلغاء أسئلة بعد شكوى تقدم بها الطلاب حول ورود أسئلة خارج سياق المنهج وتميز بالصعوبة. مضيفاً أن توزيع درجات السؤال الملغى تتم على بقية الأسئلة الأخرى.