شبح «العولمة» في ابتعاث الطلاب يخيم على الأكاديميين السعوديين

خلال ورشة عن «واقع الدراسات العليا والابتعاث بالجامعات وكليات البنات»

TT

غابت وزارة التعليم العالي، والمؤسسات التعليمية والهيئات الكبرى المعنية بالابتعاث في السعودية عن حضور ورشة عمل أقيمت صباح أمس في جدة عن الخطة الوطنية المستقبلية للتعليم الجامعي في السعودية (آفاق)، فيما تركز معظم الحضور من الاكاديميين والأكاديميات في جامعة الملك عبد العزيز، الذين أبدوا استياءهم في أكثر من مداخلة حول عمومية الأوراق المطروحة للنقاش، وعدم اشتمالها على أي إحصائيات أو أرقام رسمية يمكن السير عليها في نقاش المفردات المطروحة للاستراتيجية التعليمية المزمع تنفيذها لخمس وعشرين سنة قادمة.

وخيّم شبح «العولمة» على نقاشات المشاركين، وتحول إلى جدل أكاديمي بين حضور الورشة العلمية، حول موقف كل طرف من «العولمة» التي تعتبر أبرز التحديات التي تواجه صناع القرار في العالم العربي عند وضع أي خطة تنموية استشرافية· حيث رأى فريق من الحضور أن الحفاظ على الهوية الاسلامية لا بد أن يدخل ضمن الاستراتيجية التعليمية نفسها عند وضع الخطة المستقبلية.

فيما يرى فريق آخر وضع الاستراتيجية نفسها في خانة «المبادرة» وليس «رد الفعل» بمعنى أن الصراع مع العولمة ليس هو التحدي الوحيد الذي يواجه أي استراتيجية، وقد تظهر تحديات أكبر مستقبلا، وهو ما رأوا من خلاله أن تحديد مفردات وخطط وبرامج الاستراتيجية لا يجب أن يصطدم بتصنيفات مرحلية بقدر مايجب أن تكون استراتيجية تعليمية شاملة يمكنها العمل على صنع الانسان المتعلم القادر على الحفاظ على مكتسباته الاجتماعية والثقافية والدينية.

في المقابل أوصت آراء أخرى بضرورة قراءة الماضي الاستراتيجي لسياسات التعليم في دول عديدة، منطلق أن «اليابان لم تصبح أميركا» لمجرد أنها فتحت باب الابتعاث والدراسة لطلابها في الجامعات الأميركية· مع التأكيد على أن الابتعاث هو أحد أبجديات (الدراسات العليا) وهي عملية مستمرة في إطار تلاقح التجارب والافكار واحترام التمايز في التخصصات التي تبرع بها دول على دول أخرى في مجالات علمية مختلفة.

وجاءت الورشة التي رعاها الدكتور أسامة بن صادق طيب، مدير جامعة الملك عبد العزيز، لتفتح باب النقاش حول محور(واقع الدراسات العليا والابتعاث بالجامعات السعودية وكليات البنات) وهو أحد محاور الخطة المستقبلية للتعليم العالي في البلاد (آفاق)، منطلقات أهمها مكونات النظام المراد تحقيقه للدراسات العليا، والفجوات القائمة في النظام الراهن للدراسات العليا، وحالة مكونات نظام الدراسات العليا والبحوث الملازمة لها، إضافة للتحديات التي تواجه الاستراتيجية القادمة في تنفيذ برامجها· فيما ينتظر أن تكون الورشة العلمية خرجت بتوصيات نهائية عشية انطلاق الورشة التي استمرت أعمالها لأكثر من تسع ساعات متواصلة.

وعلّق عدد من الحضور في مداخلات جانبية من أن استقدام خبراء أجانب من خارج السعودية لمناقشة هموم التعليم العالي في البلاد، قلل من حجم التفاعل بين المشاركين والمحاضرين، كناية عن عدم إلمامهم الكامل بمدخلات ومخرجات التعليم العالي في البلاد، واحتياجات سوق العمل. كما أشاروا إلى أن أحد مشاكل التعليم العالي هو في عدم الثقة في الكفاءات الوطنية في إدارة مثل هذه الورش التي تعمل على تأسيس منظور جديد للتعليم العالي في السعودية· لكنهم عبروا إجمالا عن تفاؤلهم بمشروع آفاق في وضع لبنة أساسية للسنوات القادمة وفق استراتيجية وطنية وشاملة للنهوض بالمؤسسة التعليمية الأعلى كعبا على مستوى السلم الأكاديمي.

يشار إلى أن الدكتور خالد العنقري، وزير التعليم العالي، دشن مشروع الخطة المستقبلية للتعليم الجامعي في السعودية (آفاق) في سبتمبر (أيلول) من العام المنصرم، ضمن خطة واسعة تشارك فيها كافة الجهات المعنية بالتعليم العالي في البلاد، وذلك حسب خطة زمنية، وورش عمل تقام في كافة المدن السعودية، للانطلاق ببرامج التعليم العالي إلى آفاق جديدة تعمل على تعزيز كفاءته ووضع الاستراتيجيات المطلوبة لصوغ مستقبله والارتفاع بمكوناته على النحو الذي يمكنه من الاستجابة لمتطلبات التنمية الشاملة.

يذكر أن نقاشا ساخنا يدور في المجالس والمنتديات السعودية حول ابتعاث الطلاب للدراسات العليا في الخارج، منذ فتحت الحكومة السعودية باب الابتعاث لآلاف الخريجين العام الماضي، وأكدت على نيتها الاستمرار في سياسة الابتعاث مع التنويع في الدول المختارة بين دول أوروبية وشرق آسيوية، وعدم اقتصارها على الولايات المتحدة الأميركية، التي ظلت لعقود طويلة الوجهة الأولى لمعظم المبتعثين للدراسة، وذلك باعتماد سياسة إرسال المبتعثين حسب تفوق وقدرات كل دولة في نقل خبراتها للطلاب السعوديين.