«الخرزة الزرقاء» تقتحم عالم الموضة بعد أن ملت من كونها أيقونة الأساطير

TT

مع كل التطور الذي يشهده عالم القرن الحادي والعشرين، ما زال هناك من يعتقد بأن للخرز الأزرق أو العين الزرقاء القدرة على حماية الإنسان وحفظه من الحسد والأرواح الشريرة. هذا الاعتقاد لم يأت من فراغ ولكنه يعود لأساطير قديمة نسجت الكثير من الحكايات عن الحجر الأزرق الفاتن الذي غزا أخيرا عالم الأناقة كي يصبح أحد أهم الخامات التي يقبل عليها صناع الموضة، ليدخل في تزيين العديد من الإكسسوارات العصرية والمشغولات الذهبية.

وانتشرت بين السيدات والفتيات موضة ارتداء الحلي المزينة بالخرزة الزرقاء أو العين الزرقاء التي تأتي بأشكال وأحجام مختلفة مرة برموش كثيفة ومرة أخرى بدمعة ماسية تتدلى من جانبها، ويكاد لا يخلو متجر مختص ببيع مشغولات الذهب والمجوهرات منها.

وهي تتشكل في الغالب على هيئة تعليقة صغيرة أو متوسطة الحجم تنتظر السلسال الذي يحملها ليكتمل شكلها كقلادة خفيفة الوزن، وإن كانت هناك بعض الأطقم الثقيلة المزينة بالعين الزرقاء الجاحظة إلا أن الطلب عليها ضعيف كما يرى حسين الخميس الصائغ في محل مجوهرات الخميس قائلاً «هناك طلب كبير من الزبونات على المصوغات الذهبية المزينة بالعين الزرقاء أو الخرز الأزرق لإيمانهن بقدرتها على رد الحسد والشرور، إلا أن الإقبال موجه بالدرجة الأولى للقطع الصغيرة التي تأتي كمكمل لباقي الإكسسوارات حيث ترغب الزبونة في اقتناء قلادة خفيفة تلازم عنقها طول الوقت، أما الأطقم الكاملة فيزداد رواجها في موسم الأعراس لتأتي العين الزرقاء مطعمة بالألماس المتوحد مع الأحجار الكريمة وتصل أسعار بعضها إلى مبالغ باهضة الثمن».

وعن الصفة المشتركة لمقتنيات الحلي المزينة بالحجر الأزرق يقول الخميس «لا توجد فئة عمرية محددة فكبيرات السن يفضلن شراء العين الزرقاء الصغيرة ليلبسنها للمواليد معتقدات أنها تحميهم من العين، والفتيات يطلبنها لأنها موضة درجت كثيراً في الشهور الأخيرة خصوصاً مع كون الكثيرات من المذيعات ونجمات التلفزيون أصبحن يتزين بها».

مصممة الأزياء السعودية أمينة الجاسم من المهتمات بإعادة الروح للتراث الشعبي عبر تصاميم حديثة تجاري الموضة تتحدث عن علاقتها بالخرز الأزرق قائلة «أحب كثيراً حجر الفيروز الأزرق وجميع الأحجار الكريمة المستخرجة من البحر، واللون الأزرق عامة من الألوان المحببة والذي يلقى رواجاً كبيراً بين السيدات حيث عبرت عنه بمجموعتي الأخيرة من الإكسسوارات المطعمة بالخرز الأزرق والتي طرحتها قبل أيام».

وعن دافع اهتمامها بالخرز الأزرق تقول «أنا غير مؤمنة بكون الخرزات الزرقاء تحمي من العين والحسد لكن ذلك لا يجعلني أتجاهل أنها موضة جميلة رجعت بقوة بين السيدات والفتيات لتزين العديد من قطع الإكسسوار».

أما أسطورة الربط بين الخرزة الزرقاء ودفع الحسد فتعود إلى الفراعنة حيث يُحكى قديماً أنهم أمنوا بكون الحلي المصنوعة من الخرز الأزرق لها قوى وآثار سحرية تقي مقتنيها من السحر والحسد والأمراض إلى جانب وظيفتها في الزينة. وقد اختلفت أنواع الحلي حسب اختلاف الحالة الاجتماعية، فالأغنياء استخدموا الأحجار الكريمة بينما العامة اختاروا الخرز المصقول لبخس ثمنه. وسر أهمية اللون الأزرق والذي يرمز للإله رع عند المصريين القدماء فتعود لارتباطه بزرقة السماء حيث كانوا يعتقدون أن الآلهة تعيش فيها وتحمي الإنسان وتباركه.

ثم انتقلت فكرة الاعتقاد بالقوة السحرية للخرز الأزرق جيلاً بعد جيل حتى وصلت إلينا اليوم لتصبح الخرزة الزرقاء أداة يُعتقد بدورها في الحماية وتكون لحجر فيروز الأزرق القدرة على أن يبعد عن صاحبه الشرور والمخاطر.

لكن الطالبة الجامعية مها العجلان والتي أحبت أن تقتني قطعة رائجة من الخرز الأزرق دافعت عن رغبتها قائلة «تشدني كثيراً القلائد المحلاة بالعين الزرقاء أو الخرز الأزرق خصوصاً مع توسع انتشارها بين الفتيات لكني بالمقابل لا أؤمن بأن لها علاقة بحماية الإنسان من العين والحسد فذلك لا يأت إلا عن طريق تحصين الإنسان نفسه بالآيات القرآنية».

وليست الفتيات وحدهن اللاتي اخترن التزين بالخرز الأزرق، حيث اجتاحت موضتها عالم الشباب الذين اختاروها كإكسسوار يزين ميدالية المفاتيح أو يتدلى خلف واجهة السيارة، كما قال أسامة الطالب الجامعي الذي ثبـّت عيناً زرقاء من الذهب الأبيض خلف زجاج سيارته الأمامي ليضيف «لا أقتنع بالقصص التي تـُحكى عن العين الزرقاء لكن هذه القطعة جاءتني كهدية من شخص عزيز فأحببت أن أزين بها سيارتي إلى جانب كونها جميلة ودارجة جداً».

وتبقى للخرزة الزرقاء أو للعين الزرقاء قيمة ثقافية شعبية خصوصاً بعد أن تحولت مع الوقت من موروث تاريخي إلى موضة جميلة يتباهي الكل في اقتنائها من دون أن يلزموا على الاعتقاد بأساطيرها فالشعور بالجمال وحده إدراك وثقافة.