الصحف الدعائية أحدث موضة لـ «الترقيم» و«الغزل» في السعودية

الفتيات: البطاقات المدفوعة تخدم ضعاف النفوس للإزعاج > الشيخ الدخيل: لا بد من معاقبة كل مسيء لمحارم الناس > البارقي: أكثر الشكاوى من إعلانات طلب الموظفات

TT

ما إن تشاهد الصحف المبوبة اليومية التي تصدر في السعودية، والتي تستهدف الإعلانات، إلا وتجدها مذيلة بالأرقام ـ الثابتة أو النقالة ـ التي تعرض خدمات مختلفة وعروضا تتراوح أهميتها ما بين الضرورة والتميز خاصة تلك الإعلانات الموجهة إلى المرأة، التي استغلت من بعض الفئات الشبابية للغزل والترقيم في محاولة لاصطياد الفتيات عبر تلك الإعلانات.

وهنا تقول آمال محسن باستياء «لقد وقعت فريسة للإزعاج بسبب إعلانات منشورة بصحف مختلفة على مدى سبع مرات، وذلك لأني كنت أحسن الظن وأقول إن هناك خطأ بالرقم، لكن الأمر لم يحدث لي فقط، فما أن أشتكي لامرأة أو فتاة حتى تؤكد لي أنها تعرضت للإزعاج من نفس رقم المعلن، لذا لم أعد أصدق مثل هذه الإعلانات، فالطالح يفسد على الصالح الغاية من الإعلان».

وتضيف رهام إبراهيم «إن هذه الظاهرة انتشرت بشكل كبير، أنا شخصيا أعمل على تغيير رقمي بسبب اتصالي على الرقم الذي كان في الإعلان، والمشكلة أنه سايرني لبعض الوقت في سؤالي وقال بأنه سيتصل بي عندما يجهز الطلب، بعدها أصبح يزعجني في الليل بشكل يومي من رقمين مختلفين تبين لي أنهما من سوا»، وعند سؤالها كيف تأكدت من أنه نفس الشخص أجابت: «رددت على الرقم الآخر مرة فذكرني بنفسه وقال كلاما سخيفا، وبما أني لا أريد مشاكل مع أحد، فكيف يردع من يتسبب في إزعاجي؟».

وتوافقهما شماء ساير قائلة: «للأسف الشديد البطاقات المدفوعة تملأ الإعلانات وضعفاء النفوس استغلوها بشكل سيئ، كما ان قيمة بعض الإعلانات في الصحف زهيدة وبمتناول الجميع، مما جعل كثيرا من الشباب يعمد إلى ترقيم الفتيات بهذه الطريقة من دون أن نستطيع الوصول إلى صاحب الرقم، فهو بمأمن عن العقاب وشركة الاتصالات إذا تعاونت معنا لا تستطيع أن توقف الرقم عن المزعج إلا بإجراءات يتعين على المرأة القيام بها، نحن الفتيات نخاف منها ونستسهل تغيير الرقم، خصوصا إذا كان بطاقة ـ كما هو الحال معي ـ مدعيات أن البطاقة الأولى احترقت، أما أنا فقمت بإتلاف البطاقة بنفسي فقد ضقت ذرعا به».

على حين أكد ممدوح السيف، بأنه يسمع مثل هذه الأقاويل بين الشباب بقوله «أسمع من بعض الشباب من يعرف شبابا يعلنون من أجل الكلام مع الفتيات مدعين أنهم يجدون تجاوبا منهن، لكني لا أصدق ذلك، قد يكون هناك شاب مزعج، لكن لا أتوقع الاستجابة من أي فتاة، لأن الفتاة إذا اتصلت برقم بإعلان، فهي تكون تطلب ما كتب بالإعلان، ومن تسعى لأمور سيئة من ـ وجهة نظري ـ لا تحتاج لإعلان».

فيما ينصح عبد الرحمن شافي الشباب بـ «ضرورة مخافة الله سبحانه وتعالى في الفتيات، لأن ذلك يجلب لهن المشاكل، ومن لم تكن له أخت ستكون له زوجة مستقبلا سيخاف عليها من مثل هذه التصرفات».

وتستهجن تلك السلوكيات سارة الحميد، مستفهمة «هل هذه الأمور فعلا حاصلة، فأنا لا أتوقع حدوث هذا الأمر أو قد تكون موجودة، لكني ولله الحمد لم أقع فيها، لكنها عموما لم تشكل ظاهرة، فكما ان هناك ضعاف نفوس فلا بد أن يكون هناك أيضا من هو فوق الشبهات، وعلى الفتيات عدم التعميم».

وتعجب شادن الفقيه من هذا السلوك الشاذ ـ على حسب تعبيرها ـ قائلة «من المؤسف أن أسمع مثل هذا الكلام، فالإنسان حر وليس من المعقول أن يستغل البعض حرية الإعلانات بهذه الطريقة، إنه سلوك شاذ لا ينطبق بالتأكيد على كل معلن، فابن خالتي يعتمد على الإعلانات في عمله ولم ألحظ على سلوكه ما يشين».

بينما تقترح هيفاء الوايلي، حلا لهذه المشكلة مطالبة الجهات المسؤولة بالصحف «ضرورة تحري الدقة ومنع وضع الإعلانات برقم جوال، فلا بد من إلزام المعلن بأن ينشر رقما ثابتا، حبذا أن يكون رقم المحل».

ويؤيد هذا الاقتراح الشيخ أحمد الوايلي، بقوله: «هذا اقتراح جيد أتمنى أن تلتزم به الصحف، صحيح أن شبابنا وفتياتنا صالحون، لكننا لا نستطيع التواكل على ذلك، فكم من فتاة صالحة أفسدتها مكالمة أو حتى شاب ظن أنه سيلعب فقط فوقع في المحرمات».

من جانب آخر أكد الشيخ عبد الله الناصر الدخيل، أحد رجال الهيئة بالرياض: «لا شك أن وسائل المعاكسات بشكل عام اختلفت فلم تعد كالسابق، ففي الماضي كان عن طريق الاحتكاك المباشر بالنساء في أماكن وجودهن، أي النزول للسوق ورمي الرقم، أما الآن اختلف الوضع، فقد أصبح البلوتوث وسيلة من وسائل المعاكسات بشكل مباشر»، ويواصل «وهناك أيضا من استخدم الإنترنت أو أي وسائل أخرى بالإعلام كالفضائيات التي يضع الشباب أرقامهم عبر الشريط الممرر على الشاشة من دون رقابة من المسؤولين في القناة هذه أو تلك»، ويؤكد «ان هذا الأمر يحدث للأسف الشديد من قبل الشباب من الجنسين»، موضحا الشيخ عبد الله «ان هناك وسيلة أخرى قديمة للترقيم كانت مستخدمة وما زالت باقية حتى الآن، وهي عرض الرقم المكبر على الورقة ومن ثم عرضها على العوائل أو أمام الفتيات».

وعن الترقيم عبر الصحف قال: «إن هذه أحدث طريقة للترقيم حتى الآن، لكن بالرغم من وجودها، إلا أنها لم تشكل ظاهرة بمعنى أنها غير منتشرة، ومع هذا فهناك من يستخدمها من الشباب لترقيم الفتيات، فأصبح الإعلان وسيلة من وسائل المعاكسات المختلفة»، ويشرح طريقة استغلال الإعلان بقوله: «بعض الشباب يعلن عن رقم مميز للبيع ويعرض معه رقما آخر للتواصل أو المفاهمة، والقصد منه بالطبع المعاكسه من خلاله، كذلك قد يكون الإعلان عن وظائف خاصة، لكن يتم استغلال الرقم هنا لإزعاج الفتيات الطالبات لوظيفة من قبل الموظف المسؤول أحيانا، وأحيانا يكون وضع بالأساس لهذا الغرض».

ويضيف «يجب أن يتم توعية الناس بمثل هذه المخالفات مع تذكير المخالفين بالعواقب المشينة للمعاكسات، التي تبدأ غالبا بالهزل وتنتهي بالويلات على الشباب من الجنسين، وعلينا تذكير هؤلاء بالقصص الواردة في قضايا المعاكسات وأخذ العظة والعبرة»، مطالبا «بمعاقبة كل مسيئ وكل من يستسهل الطريقة التي يتجرأ بها على محارم الناس، لكن يجب على وسائل الإعلام المختلفة أن تفعل دورها المطلوب في التوعية والإرشاد».

واعترف لـ «الشرق الأوسط»، أحد المسؤولين عن التسويق في إحدى أشهر الصحف السعودية المحلية، الذي رفض الكشف عن اسمه بوجود هذه الظاهرة، بقوله «إن هذا الأمر موجود فعلا ونحن كإعلام نحاول قدر المستطاع دائما بأن نضع أرقام هاتفات ثابتة فنحن لا يمكن أن نتساهل في مثل هذا الأمر»، ويواصل «نحن نضع إعلان الشخص ومحتواه تحت مسؤوليته مع أخذ بياناته الشخصية»، وعند سؤاله عن حدوث شكاوى أو إزعاجات عبر أرقام نشرت بإعلانات داخل صحيفته أجاب: «لا استطيع الإثبات أو النفي»، مؤكدا «على ضرورة عدم تعميم هذه المسألة بدون دراسة ميدانية لكي نكون مسؤولين فعلا عما نقول لأن في ذلك مسؤولية».

ويخالف تلك الآراء أحمد البارقي، مشرف خدمة العملاء بجريدة «الوسيلة»، حيث يؤكد بقوله «إن أمر المعاكسات عن طريق الترقيم بالصحف من قبل الشباب كان سائدا ومنتشرا في السابق منذ حوالي السنة تقريبا وليس الآن، حيث وردتنا العديد من الشكاوى تستفسر عن أرقام كانت سببا لإزعاجهم، خصوصا تلك الإعلانات التي تطلب موظفات».

ويعزو ذلك إلى «عدم فرض الشروط الحالية، حيث أصبح هناك الآن ضوابط وشروط مفروضة على المعلن، سواء كان رجلا أو امرأة، فالرجل يطلب منه الآن صورة من السجل المدني وصورة من كرت العائلة، بالإضافة لرقم الهوية والاسم، أما النساء فيكتفى بأخذ رقم الهوية مع رقم خاص للمحرم، وإلا فإن إعلانها لن ينشر لدينا في الجريدة»، ويواصل «لكل جريدة نظام، وهذا نظأمنا الذي نحاول الآن أن ننتهجه توخيا للمشاكل والإضرار بأحد عن طريق الإعلان، فالأنظمة من قبل وزارة الإعلام واضحة، وكذلك لدينا، لذا من الصعب الآن تكرار ما كان من استهتار من قبل الشباب».