«إبصار».. مجلة يكتبها «مكفوفون» ليقرأها «مبصرون»

تسعى للتجسير بين المجتمع والكفيف

TT

عندما يكتب المبصرون ليقرأ كتاباتهم مبصرون مثلهم، فهذا امر طبيعي، لكن أن يكتب المكفوفون ليقرأ المبصرون فهذا التحدي بعينه، الذي اتخذه القائمون على مجلة «إبصار»، التي أبصرت النور بعد صدور عددها الاول في شهر مارس (آذار) من العام الحالي 2006، بشكل مبسط وشامل لتكون بذلك أول مجلة سعودية مؤسساتية متخصصة في مجال الإعاقة البصرية يرأس تحريرها رجل كفيف، قاتل المستحيل من أجل أن ترى النور الذي حرم من رؤيته بعد أن كان بصيراً.

يقول محمد توفيق بلو، رئيس تحرير مجلة «إبصار»: «تقدمنا بفكرة إنشاء مجلة لتسليط الضوء على المشاكل التي يواجهها الكفيف في مجتمعه، ولمعرفة الاحتياجات التي يطمح الى تحقيقها ذلك الكفيف، وذلك لمجلس إدارة جمعية «إبصار» الخيرية التي لم تتردد كثيراً في الموافقة على البدء في هذه الخطوة، بعد أن قمنا بعمل بحث ميداني على جميع أنواع المجلات الموجودة في السوق السعودية، وبالفعل خرجنا منها بتبويب جيد ومناسب، يهدف إلى خدمة القراء الذين يرغبون في معرفة مشاكل الإبصار».

مجلة «إبصار» بحسب كلام بلو، تستهدف المستشفيات والمراكز الصحية المتخصصة في طب العيون، إضافة إلى المراكز والجمعيات البحثية المهتمة في هذا المجال، وعن عملية توزيع المجلة يقول محمد توفيق: «نقوم بتوزيع 25 في المائة منها بواسطة البريد المباشر لبعض الجهات الحكومية والخاصة وحتى الأفراد، فيما يتم توزيع 25 في المائة عبر الجمعية، سواء للضيوف الزائرين أو من نقوم بزيارتهم، أما الـ 50 في المائة المتبقية فيتم توزيعها عبر التوزيع الميداني، وذلك بتوزيعها في المستشفيات والمراكز ذات العلاقة بمشاكل الإبصار».

وتضم المجلة بين طياتها جميع الأبعاد من خلال عملية التبويب التي انتهجتها المجلة منذ انطلاقتها، حيث تفرد مساحة للبعد الديني، وأخرى للبعدين الثقافي والاجتماعي، كذلك البعد الطبي الذي يعد الركيزة الأولى التي تعتمد عليها المجلة.

شادي باداود، المستشار الإعلامي لجمعية إبصار الخيرية، أوضح بقوله: «هذه المجلة تعتبر أول مجلة مؤسساتية متخصصة في مجال الإعاقة البصرية، بحيث تحاول هذه المجلة أن تسد الفجوة بين الكفيف والمحيط الخارجي، وبذلك يكون المجتمع عرف ما الذي يريده المكفوف من خلال طرح المكفوف لما يحتاجه وما ينقصه».

با داود أشار إلى أنه بالرغم من أن قائمة التحرير مكونة من المبصرين وذلك للاستفادة من خبراتهم وإمكاناتهم، إلا أن أغلب كتاب المجلة من المكفوفين، وأضاف باداود «نسعى في المستقبل لإصدار نسخة مطبوعة بلغة برايد، وذلك بالتعاون مع الأمانة العامة للتربية الخاصة في المستقبل القريب، حتى يتمكن من قراءتها المكفوفون أيضاً ليبقوا على اطلاع بكل ما يدور حولهم من أحداث وتطورات».

أما بلو فيرى أنه بالرغم من أن الجمعية تسعى للبدء في خطوة المجلة المطبوعة بلغة البرايل إلا أن هناك مشكلة كبيرة في هذا الخصوص، فالأغلبية من المكفوفين لا يجيدون التعامل مع هذه اللغة بسبب إصابتهم بمشاكل الإبصار بعد سن الدراسة، حيث تصل نسبة المصابين بالعمى بعد هذه السن إلى 66 في المائة، بالإضافة إلى مشكلة عدم توفر وصعوبة انتشار هذه اللغة.