معرض تشكيلي للأطفال يكشف عن مواهب واعدة في فن الكاريكاتير والقصة المصورة

TT

لم تكد ورش العمل التي أقامتها التشكيلية السعودية فاطمة باعظيم في ركن صغير بمركز الروشان مول لتنمية مهارات الصغار الفنية على هامش المعرض التشكيلي الذي تقيمه، تنهي أسابيعها الأولى، حتى كشفت عن وجود مواهب واعدة في مجال الفن التشكيلي بطبيعة الحال، وفي مجالات أخرى بالمصادفة من بينها الكتابة الأدبية والإبداعية، وفن الكاريكاتير، كما أتاحت الكشف عن جوانب عميقة من شخصيات هؤلاء الأطفال تدل على عمق تفكير ورؤية ثاقبة لديهم، كما ذكرت باعظيم التي أعلنت عن تبلور مشروع قصصي كبير يمثل قصة تتقلد بطولتها شخصيات عربية بعكس الصورة الغربية التي اعتادها الأطفال عبر مسلسلات الأطفال، في محاولة منهم للبحث عن هويتهم الإبداعية معتمدين على ذاتهم.

سلطان المطلق الطالب الجامعي في سنته الثانية، والذي يطمح بأن يتخصص في هندسة الإنتاج لم يستطع أن يمنع نفسه من مشاركة الأطفال بهجة التلوين، ويقول «بدأ حبي للفن التشكيلي والرسم منذ سنوات عمري الأولى فوالدتي فنانة تشكيلية بالأصل وكنت أشاركها بهجة اللعب بالألوان منذ الصغر، واستمر لدي هذا الولع بالمزاوجة بين اللون والأشكال وكنت في بداياتي أميل إلى رسم المناظر الطبيعية، واكتشفت مع مرور الوقت بأنها تستغرق الكثير من الوقت، ولم أرد التنازل عن هوايتي لذلك غيرت اتجاهي إلى رسم المنمات الصغيرة التي تمثل وجوهاً وتعابير معينة تحمل لقطات خاطفة ومعبرة».

سلطان وأصدقاؤه لديهم مشروع طموح بإنتاج أول فيلم قصصي ثلاثي الأبعاد والحركة بدأوا بتنفيذه، إلا أن خوفهم من الرقابة حول مسارهم من القصة التي بدأوها خوفاً من رفض المجتمع لها، إلى قصة أخرى تتناول ظاهرة الإرهاب.

أما عبد الهادي الطيب الطالب في الصف الأول المتوسط (11 سنة) فيقف قبالة المنضدة وهو يركز اهتمامه على باب تراثي قديم تبدعه أنامله وتعطيه لون الماضي وعبقه وتفاصيله الصغيرة الشعبية عبر حركات سريعة منمقة وحرفية، برغم أن هوايته الأثيرة هي رسم الكاريكاتير السياسي والاجتماعي، وهي الهواية التي بدأ بممارستها منذ عامين، مستوحياً أفكاره من متابعته للأحداث والأخبار الجارية من حوله، ومن مشاهداته في التلفزيون وفي الصحف المختلفة، وهو ما يشجعه فيه والده ويحرضه عليه.

رزان (11 سنة)، القادمة من الجنوب ومن مدينة خميس مشيط على وجه التحديد تقف بشكل يسترعي الانتباه وهي تدقق النظر إلى قلادة تقليدية تشكلها يداها الصغيرتان بواسطة العجين، وهي تنظر إليها بعين خبيرة ألفت الجمال وجمال الآثار والتاريخ والحضارة الجنوبية التي تشبعت بها، لتقرر بأنها لن تكون إلا عالمة آثار لكشف كل هذا الجمال التاريخي في الجنوب.

من جانبه أرجع والد رزان حب ابنته للفن التشكيلي باقتدائها بوالدتها التي تمارس الفن التشكيلي، التي تعمل كمعلمة تربية فنية، أما والدتها فطالبت بإعطاء الطفل الموهوب اهتماماً كافياً، «إلا أن نقص الاهتمام ببرامج رعاية الموهوبين من ناحية الميزانية التي ترصدها الوزارة، ومن ناحية تجهيز المراكز وإقامة للمعارض، هو ما يجعل الجهد الذي تحاول أن تبذله المدرسة في التغلب على محدودية الدعم عادة غير ظاهر» كما قالت، وأضافت «نقص الاهتمام بتنمية النواحي الفنية لا يقتصر على الأطفال مع الأسف، ولكنه يشمل الفنانات التشكيليات أيضاً».

الفنانة فاطمة باعظيم، التي تمضي برفقة فريق عملها المصغر والمكون من شقيقها وشقيقتها وبعض التشكيليين المتطوعين أكثر من 5 ساعات يومياً في إقامة هذه الورش التي تركز على تشجيع الأطفال على التعبير عن أنفسهم بشكل جمالي، وإعطائهم دروسا سريعة في التقنيات الفنية الضرورية، أكدت بأنها ستسعى لإصدار مطبوعة خاصة بأعمال الأطفال التي أنجزوها من خلال ورشات العمل المقامة، وسيكون هناك جزء خاص بالقصص المصورة التي أبدعوها».

وأملت باعظيم أن تلقى دعماً من أحد المعاهد ليسهم في إنجاح مبادرتها لتنمية الموهبة الفنية عند هؤلاء الأطفال عن طريق تخصيص فصل أو قاعة لإقامة دورة تدريبية لمدة ثلاثة أشهر يمكن من خلالها تنمية الموهبة الفنية لدى الأطفال الذين شاركوا في هذه الورشة، وأشارت إلى الحماسة الشديدة والاهتمام الذي يبديه الأطفال بتعلم التقنيات الفنية وتنمية مواهبهم عن طريق الدراسة، على الرغم من قلة الدعم المادي المقدم للفعالية، وهو ما اضطر الفنانة إلى شراء الهدايا التشجيعية والحلوى والشوكولا يومياً على حسابها الخاص.