دراسة: إشكالات الأسرة والتربية المدرسية أهم أسباب الانحراف الفكري

طالبت بإعادة النظر في المضامين الثقافية وكيفية التعامل مع الطلبة في مختلف مستويات التعليم

TT

كشفت دراسة سعودية حديثة أن إشكالات الأسرة، وتراجع التربية المدرسية، والتعصب العرقي أو الديني وانهيار منظومة القيم، والمصاعب الاقتصادية، والبدع الثقافية، كل عوامل تساهم في حدوث الانحراف الفكري.

وأوضحت الدراسة أن الإنسان هو صانع هذا الانحراف وهو المتضرر منه، سواء تم ذلك بفعل المرض العضوي أو النفسي أو عوامل الصدفة أو التعود أو العواطف والانفعالات غير المنضبطة، كما أن أساليب التحيز المسبق، والترويج الحماسي والاستفتاءات المزورة، واستغلال الظروف والملابسات والتغيرات الاجتماعية المتسارعة، والفراغ وشيوع ثقافة اللهو بأنواعه، كلها أسباب جوهرية في حدوث الانحراف الفكري، وللمناهج الخفية دور بالغ التأثير في صناعة الانحراف الفكري هذا إلى جانب الضلالات الاعتقادية.

وبينت الدراسة التي أعدها الدكتور محمد الخطيب المدير العام لمدارس الملك فيصل في حي السفارات في الرياض، أن مواجهة الانحراف الفكري تتطلب التصدي للانحراف ومقاومته وفق مبادئ المسؤولية المشتركة التي تستهدف الوقاية من حدوث الانحراف وفي هذا السياق تقوم العديد من المؤسسات الأمنية والاجتماعية والتربوية والثقافية بجهود مفيدة ومنها إشاعة ثقافة السلام والتسامح وحوار الحضارات والسلم الاجتماعي والتعايش مع التنوع والحملات الإعلامية والترتيبات الأمنية.

وأردف الخطيب أن إحلال الأمن الوطني من خلال تأكيد مفهوم الأمن ومن خلال منظومة الأمن الشامل التي تستند إلى عدد من المقومات الأمنية من أبرزها إقامة العدل وحفظ الحقوق والمساواة وتكافؤ الفرص ومنع الفتن، وحماية ورعاية الحريات الأساسية للمواطن وللمقيم والالتزام بالمناهج الربانية ومعالجة المشكلات السياسية الخارجية، وتعزيز الثقة بين الشعوب، والقضاء على روح الشك والحرب الباردة، وتنمية التعاون الدولي، وإصلاح مناهج التربية والتعليم النظامية وغير النظامية، وإصلاح القيادات والنظم المجتمعية، وجميعها فرص جيدة لتصحيح حالات الانحراف الفكري، وزيادة معدلات الأمن الوطني والدولي، كما أن دور كل من الأسرة والمدرسة والجامعة والمؤسسات الإعلامية والمؤسسات الدينية مشهود في كل ما يخص إحلال الأمن جنبا إلى جنب مع دور المؤسسات الرياضية والمؤسسات الترفيهية.

وأكد الخطيب أنه من أجل القضاء على ظاهرة الانحراف الفكري لا بد من القيام باتخاذ الإجراءات المناسبة لترقية وتحسين أساليب التعامل الأسري، وتربية الأفراد على احترام الآخر، وإعادة النظر في بعض المضامين وتربية الأفراد على الآخر، وإعادة النظر في بعض المضامين والمحتويات الثقافية، وتفعيل دور المؤسسة الدينية، وتطوير أجهزة الرقابة الفكرية، وتوعية الشباب حيال كل ما يقلص أحاسيس المغالاة والتطرف والتعصب، وإعادة النظر في أساليب التعامل مع الطلبة في جميع مستويات التعليم، وتهيئة السبل بتوفير الحد الأدنى الممكن من الدعم المادي للشباب العاطل عن العمل أو الذي لا يجد فرص الكسب الشريف، قيام المؤسسة الإعلامية والثقافية بإعداد البرامج اللازمة وفق المواصفات الراقية، وتطوير نظام القيم الاجتماعية، وتوفير نماذج القدوة الحسنة، وتعزيز الصلة بين مسؤولي الأمن المواطنين، والمؤسسة الأمنية والمؤسسات المجتمعية الأخرى، وإجراء الدراسات العلمية النظرية والميدانية الرامية إلى تجسيد مفاهيم الأمن بشكل علمي في الساحة المحلية، وفي الساحة الدولية.

هذا وكانت دراسة أعدها الدكتور يوسف بن احمد العثيمين الأمين العام لمؤسسة الملك عبد الله بن عبدالعزيز لوالديه للإسكان التنموي تحت مسمى (نحو استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الارهاب في السعودية)، أكدت جدوى فاعلية الحل الأمني على المدى البعيد في مكافحة الإرهاب، زاعمة بأن الحل الأمني يقضي على العرض وليس المرض، وأن علاج فيروس الإرهاب الذي غزا مجتمعاتنا يجب اجتثاث جذوره وتجفيف منابعه والقضاء على عوامل تخلقه ونموه واستمراره وفك حالة الانغلاق الفكري والاجتماعي التي تقود إلى التطرف والغلو ومن ثم إلى الإرهاب. وخلصت الدراسة إلى الحاجة إلى الإقلال من الخطابية والإنشائية والكثير من الهندسة الاجتماعية التي تنفذ في عمق عدد من المجالات الحيوية ذات الأثر العميق في هيكلية وديناميكية المجتمع السعودي، وتضعف في النهاية جاذبية عناصر الأيدلوجية المتشددة في نفوس الشباب وعقولهم وقلوبهم. هندسة تتناول الخطاب الدعوى، والشأن الاجتماعي، والمشاركة الوطنية، والفضاء الثقافي، والرسالة الإعلامية، والتنمية البشرية، وخاصة شريحة الشباب الذين ثبت بما لا يدع مجالا للشك أنهم أدوات الإرهاب وحملته وهدف الإرهابيين، وإعادة هيكلة بعض أجهزة الدولة واستحداث أجهزة ومؤسسات جديدة رسمية ومدنية هندسة اجتماعية شاملة تتجاوز أعراض الظاهرة وتنفذ إلى الجذور الحقيقية التي تغذي الإرهاب وتعيد إنتاجه وتعطيه البريق والجاذبية داخل المجتمع السعودي وان استراتيجية الأمن الفكري الذي تقوم على المحاورة مع الإرهابيين لن تكون كافيه وأنها ستعالج حالات فردية وقد تؤدى إلى تراجع وتوبة البعض لكنها لا تعالج الاختلالات الهيكلية في المجالات الفكرية والثقافية والاجتماعية.