الأمير سعود بن ثنيان لـ«الشرق الاوسط»: التكامل بين الهيئة والمدن الاقتصادية الجديدة يكمن في الاستفادة من الخبرة والموانئ

بعد فوز الهيئة الملكية للجبيل وينبع بجائزة عربية عن حماية البيئة

TT

فازت الهيئة الملكية للجبيل وينبع بجائزة الإدارة البيئية للعام 2006، التي تنظمها المنظمة العربية للتنمية الإدارية «منظمة متخصصة منبثقة عن جامعة الدول العربية»، بالتعاون مع الرئاسة العامة للارصاد وحماية البيئة، وذلك من خلال ملف ترشيح متكامل يشتمل تطبيق الهيئة الملكية لمعايير الإدارة البيئية الحديثة وتطوير أنشطة وبرامج مراقبة البيئة من خلال وضع الرسالة والرؤية والسياسات والاستراتيجيات والأهداف ورسم الخطط التشغيلية السنوية للأعمال المنجزة خلال العام وتحديثها مرحلياً للتأكد من تطبيقها.

واكد الامير سعود بن عبد الله بن ثنيان آل سعود رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع في حديث له مع «الشرق الاوسط»، ان الجائزة تعكس مدى اهتمام القيادة السعودية في تشجيع وتأصيل الممارسات البيئية السلمية اتساقاً مع تعاليم ديننا الحنيف وترسيخاً لمفهوم الإدارة البيئية بمعناه الشامل في السعودية.كما تطرق الامير سعود الى مستقبل الهيئة الملكية في الخطة الاستراتيجية التي تهدف الى تحسين ورفع كفاءة الاداء وزيادة الانتاجية وتطوير البناء التنظيمي الهيكلي، كذلك قيادة الصناعات البتروكيمياوية والصناعات المعتمدة على الطاقة الكثيفة في السعودية لرفع مستوى مشاركة الهيئة الملكية في الناتج المحلي وتطوير الصناعات البتروكيمياوية.

وفي ما يلي نص الحوار:

* يتردد هنا أن مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين من أنقى الأجواء.. ما هي المعايير والقوانين التي تتخذها الهيئة الملكية للمحافظة على البيئة؟

ـ تقوم الهيئة الملكية بإجراء عمليات المسح البيئي وإعداد دراسات التقييم البيئي وتحديد المناطق الحساسة بيئياً بمدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين بشكل دوري باستخدام أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في مجال مراقبة البيئة بكفاءات وطنية على أعلى المستويات، كما تصدر الهيئة الملكية مقاييس ومعايير بيئية تشمل الماء والهواء واليابسة باستخدام أنظمة الإدارة الحديثة التي تشمل منح تصاريح بيئية لكل مصنع يعمل ضمن حدود المدينة الصناعية من خلال برامج مراقبة البيئة المحيطة، كذلك المراقبة من مصادر التلوث مما يمنح الهيئة الملكية مستقبلاً أدوات رقابية بيئية عالية الكفاءة للتأكد من استيفاء كافة الصناعات الحالية والمستقبلية لمتطلبات الهيئة الملكية البيئية.

* ألا تخشون من عدم السيطرة على نقاوة الأجواء مستقبلاً، خصوصاً من بدء العمل في الجبيل 2 وينبع 2 الأمر الذي سينعكس سلباً على المنطقة؟

ـ أود أن اوضح أن الهيئة الملكية اجتازت مرحلة التحديات الصناعية الرئيسية لتدخل في مرحلة جديدة من التحديات البيئية لتتعامل معها بأساليب علمية مدروسة حيث ان معظم المشاكل البيئية لها أبعاد استراتيجية، والهيئة الملكية لها تجربة علمية عريقة في مجال حماية البيئة تمتد إلى أكثر من ثلاثين عاماً مضت وذلك في بدايات تأسيس المدينتين الصناعيتين، حيث وضع في الاعتبار أدق المواصفات والمعايير للحفاظ على البيئة وقد أثبتت هذه الإجراءات فاعلية في تحقيق أفضل النتائج التي ساهمت في ترسيخ اسم الهيئة الملكية كنموذج عالمي مثير للإعجاب وليس أدل على ذلك من حصولها على عدد من الجوائز العالمية المرموقة.ومن هذا المنطلق سعت الهيئة الملكية دوماً للحفاظ على مستوى جودة الماء والهواء واليابسة في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين للحفاظ على صحة الفرد والتخطيط المستقبلي للمدينتين الصناعيتين بهدف استقبال المزيد من الصناعات التنموية في مشروعي الجبيل 2 وينبع 2.

* رغم تخصص المدينتين في المجال الصناعي إلا انه في السنوات القليلة الماضية بدأ التعريف بهما سياحيا.. ما هي الأدوات والأساليب التي اتخذتموها لإقناع السائح بجمال المدينتين وسلامة الأجواء؟

ـ حرصاً من الهيئة الملكية على توفير بيئة مناسبة للعاملين في المدينتين فقد تم تطوير المنطقة السكنية بشواطئ ومراكز ترفيهية ذات مستوى عال يتناسب مع تصميم وتخطيط المدينتين الصناعيتين والسمعة العالمية التي حظيت بها الهيئة الملكية والتي شهد بجمالها وروعتها الزائرون لذويهم لقضاء بعض الاجازات في المدينتين.

* مدينة الجبيل الصناعية.. أفضل مدينة جاذبة للاستثمار في الشرق الأوسط.. شعار بات معلوما عند الغالبية وهو لقب منح للمدينة من قبل مجلة الفايننشال تايمز.. كيف تم اختيار المدينة لهذا اللقب وماذا عن الجوائز الأخرى التي حصلت عليها الهيئة الملكية؟

ـ تم ترشيح الهيئة الملكية للجائزة حيث تم إعداد ملف كامل عن مدينة الجبيل الصناعية والاستثمارات فيها التي تسجل نموا متزايدا من فترة لأخرى، وذلك وفقا لحقائق وأرقام، ولعل ما يحدث في الجبيل الصناعية الآن من تجهيز للمنطقة الصناعية الجديدة «الجبيل2» يعد خير دليل على أن الجبيل الصناعية كما هو الحال بالنسبة لشقيقتها ينبع الصناعية تمتلك مناخاً خصباً للاستثمار وتعد خياراً مفضلاً للمستثمرين في ظل التسهيلات التي تقدمها الهيئة الملكية والتي هي من العوامل المشجعة لاستقطاب الاستثمارات، وبالنسبة لهذه الجائزة والتي نعتز بها كثيرا في ظل المنافسة التي تجدها المدينة من المدن الإقليمية الأخرى إلا أنها ليست الجائزة الوحيدة، فقد سبق وأن فازت الهيئة الملكية بالعديد من الجوائز في مجال الاستثمار والبيئة والتشجير والتخطيط وغيرها وكل هذه شواهد واقعة وملموسة على العمل الايجابي في الهيئة الملكية الذي تنفذه في كل من الجبيل وينبع الصناعيتين.

* كما تلاحظون أن المدن الاقتصادية باتت تنمو بشكل متسارع في السعودية.. برأيكم كيف سيكون التكامل بين هذه المدن الاقتصادية والهيئة الملكية للجبيل وينبع؟

ـ لقد اسعدتنا كثيرا الخطوات التي اتخذتها حكومتنا الرشيدة في انشاء المدن الاقتصادية وهي بلا شك فكرة جيدة لأن البلد بحاجة الى مثل هذه المشاريع العملاقة، ولعل اللافت في هذا المجال ان المسؤولين حرصوا على مراعاة الموقع الجغرافي عند اختيار المكان فضلا عن الميزات النسبية المتوفرة في المنطقة حيث تختلف الانشطة في هذه المدن حسب المقومات الاقتصادية والمزايا النسبية لكل منطقة.ولكني هنا اؤكد على أهمية التكامل بين القطاعات الاستثمارية والاستفادة من التجارب السابقة، أما فيما يخص التكامل بين هذه المدن والهيئة الملكية فيكمن تحقيقه من خلال الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى الهيئة الملكية للجبيل وينبع التي جعلتها في مصاف المدن الصناعية الناجحة في العالم وكذلك وجود الموانئ في المدينتين الصناعيتين يمكن أن يخدم بعض المدن الاقتصادية في استيراد وتصدير المنتجات من وإلى هذه المدن، وكذلك يمكن أن تكون منتجات الجبيل وينبع الصناعيتين مواد أساسية للصناعات في بعض هذه المدن الاقتصادية كما يمكن أيضاً تصنيع بعض المواد الأولية المنتجة في المناطق الأخرى في مدينتي الجبيل وينبع. وأخيراً فإن البرامج التعليمية في الكليات والمعاهد في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين صممت للتدريب الفني والتجاري للشباب السعودي وفقاً للمعايير العالمية واحتياجات سوق العمل، وسوف يكون خريجو هذه الكليات والمعاهد مصدراً مهماً في توفير القوى العاملة لهذه المدن الاقتصادية، كذلك تستطيع هذه المعاهد والكليات تصميم البرامج التدريبية لتأهيل الشباب السعودي للعمل في هذه المدن الاقتصادية..

* كان لتجربة السعودية في إنشاء الهيئة الملكية التي تعمل على نظام الإدارة الشاملة للمدن الصناعية المحفز لإنشاء مدن مماثلة في بعض دول المنطقة، وأنتم تشاهدون هذا ماذا عن استراتيجية الهيئة الملكية للمرحلة المقبلة، لا سيما أن ثمة دراسة قائمة بهذا الصدد لديكم؟

ـ لقد قامت الهيئة الملكية للجبيل وينبع بإعداد خطة استراتيجية شاملة ذات محورين أساسيين هما:المحور الأول: ويهدف لتحسين ورفع كفاءة الأداء وزيادة الانتاجية وتطوير البناء التنظيمي الهيكلي الأمر الذي سوف يساهم في المحافظة على ما تم إنجازه من مكتسبات وتحسين مستوى الخدمة التي تقدم للعمل سواء داخل الهيئة او خارجها. المحور الثاني: وأنا أسميه المحور الاقتصادي.. ورؤية الهيئة الملكية من خلال هذا المحور هي قيادة الصناعات البتروكيمياوية والصناعات المعتمدة على الطاقة الكثيفة في المملكة لرفع مستوى مشاركة الهيئة الملكية في الناتج المحلي وتطوير الصناعات البتروكيماوية... وهذا يعني بحث إمكانية إنشاء مدن صناعية عملاقة جديدة في مناطق مختلفة في المملكة تديرها الهيئة الملكية بأسلوب علمي حديث.إن الهيئة الملكية تسعى الآن ليس فقط في بحث إمكانية إنشاء مدن صناعية جديدة أسوةً بقطبي الصناعة «الجبيل وينبع»... وإنما تعظيم الفائدة من المشاريع القائمة حالياً في هاتين المدينتين الصناعيتين عن طريق مشاريع التوسعة الكبرى كالجبيل 2، وينبع 2، وتطوير تقاسم الخدمات والمنافع بين الصناعات بأقل تكلفة ممكنة. والجدير بالذكر أيضاً أن الهيئة الملكية أعدت خطة استراتيجية لتقنية المعلومات متزامنة مع الخطة الشاملة تعزيزاً لمفهوم المدينة الشاملة والمدينة الذكية لضمان توفير كافة الخدمات إلكترونياً.

* بما أنكم ترأسون مجلس إدارة الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك».. ماذا عن دور «سابك» في مجال السلامة البيئية بمدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين؟

ـ قبل الحديث عن إسهام «سابك» في مجال السلامة البيئية بمدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، أود الإشارة في البداية إلى أن فكرة إنشاء «سابك» بحد ذاتها تمثل إسهاماً في تحقيق السلامة البيئية، حيث تقوم صناعاتها ـ بصفة أساسية ـ على استثمار الغازات المصاحبة لعمليات إنتاج النفط، والتي كانت قبل ذلك تهدر حرقاً عند مداخل آبار الزيت، وتسبب التلوث البيئي. لقد انتهجت «سابك» منذ نشأتها استراتيجية قوية ترتكز على ثلاثة عناصر هي السلامة الصناعية، والصحة البيئية، والجودة النوعية، التزمت خلالها بتقديم منتجات عالية الجودة، وخدمات تلبي متطلبات المتعاملين معها، مع ضمان سلامة عملياتها من خلال مواكبة الأنظمة والتشريعات المتعلقة بالصحة والسلامة والبيئة ومقاييس الجودة، وواصلت سعيها لاستحداث وسائل جديدة لتعزيز عملياتها التصنيعية بما يحافظ على صحة البيئة، وتكثيف جهودها لمنع التلوث وتقليص النفايات ومخاطر عمليات التصنيع، وحماية موارد الوطن، وفي مقدمتها موارده البشرية. وفي ضوء ذلك حصلت «سابك» وشركاتها على العديد من الجوائز والشهادات التقديرية من أبرز المراكز والهيئات المعنية بالسلامة الصناعية والبيئية محلياً وإقليمياً وعالمياً ومن هذه الجوائز على سبيل المثال جائزة مجلس التعاون لأفضل بحث في مجال البيئة عام 2002م، حيث ابتكرت تقنية جديدة لتنقية ثاني أوكسيد الكربون في مصانع جلايكول الإثيلين.